جار التحميل...
عندما يطلب الطفل شيئاً ما، فهذه فرصة لتعليمه كيفية التواصل للحصول على ما يُريده، وتوضيح أهمية عدم تَعدّيه على غيره أو على ممتلكاتهم، مثل: ألعابهم، أو طعامهم، وغير ذلك، ولا يجب على الوالِدَين رفض طلباته دون شرح السبب، أو توضيح عواقب أفعاله الخاطئة، بل يجب استخدام الكثير من الطرق البديلة لرفض ما يُريده، مثل:
يُسهِّل وضع القواعد الواضحة، والتأكُّد من فهم الطفل لها، التعامل معه لاحقاً؛ فمثلاً، قبل اصطحابه للتسوُّق، لا بُدّ من إفهامه أنّه لن يتمكّن من شراء ما يريده كلّه، وأنّه لا حاجة إلى طلب شراء كلّ شيء من الأساس؛ تجنُّباً للتسبُّب في المشكلات أثناء التسوّق، أو إفهامه بأنّه لا يمكنه الإصرار على الذهاب عند تأجيل زيارة أو رحلة جرى التخطيط لها مُسبقاً لسبب مهمّ، حتى لو طلب الذهاب مع أحد غير الوالِدَين.
المناقشة البنّاءة التي تتضمَّن التفاوض بدلاً من قول "لا" بصراحة هي أساس ممتاز للتسوية مع الطفل الذي يُريد كلّ شيء؛ فمثلاً، يمكن قول: "لا يمكننا أن نذهب إلى الحديقة اليوم؛ لأنّ الطقس غير مناسب، ولكن يمكننا الذهاب غداً"، أو يمكن تقديم بديل صِحّي عند رفض شراء وجبة سريعة أو الحلويات له؛ بقول: "ما رأيك بالزبادي؟ أو ما رأيك بالقليل منها فقط؟"، دون إعطائهم وعداً بتناولها لاحقاً، وبالطبع لن يرضى الطفل سريعاً بالبديل، وسيبقى مُصِرّاً على أخذ ما يُريده، لذا على الوالِدَين أن يكونا هادِئَين وحازِمَين في الوقت نفسه.
عندما يطلب الطفل شيئاً ما يمكنه الحصول عليه، فلا بأس بقول: "نعم"، على ألّا تكون عامَّة، وإنّما ينبغي رَبطها بشرط، مثل: "لا بأس بأن تلعب مع صديقك غداً إن سمح له والداه بذلك"، وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ رفض طلبات الطفل جميعها قد يكون ضارّاً؛ لأنّه يحتاج إلى استكشاف أماكن مختلفة وتجربة أشياء جديدة، لذا من المهمّ منحه فرصة للتعلُّم والنُّمُو، مع ضرورة الانتباه إلى قول "نعم" عند الحاجة إليها فقط؛ حتى لا يعتقد أنّ بإمكانه الحصول على كلّ شيء دون مناقشة.
على الرغم من أنّ بعض الآباء يعتقدون أنّ الطفل الصغير لا يمكنه قبول التفسيرات، إلّا أنّ بإمكانه ذلك فعلاً طالما كان أسلوب الوالِدَين مُتفهِّماً وبسيطاً وصادقاً؛ فمثلاً، لا ينبغي مقاطعة الطفل أثناء التعبير عن رغبته في امتلاك شيء ما، بل يجب ذكر سبب منعه من الحصول على ما يرغب فيه أو رفض ذلك بوضوح وصدق دون أيّ أعذار؛ فشرح السبب يُساعد الطفل على التعلُّم مع مرور الوقت، وبالتالي اتِّخاذ خيارات أفضل، وعلى سبيل المثال، يمكن قول: "أتفهَّم رغبتك في امتلاك لعبة جديدة مُميَّزة، لكنّنا قرَّرنا اليوم شراء أدوات مدرسيَّة"، بدلاً من قول: "لا يمكنك شراء لعبة".
على الرغم من عدم رغبة الوالِدَن في أن يكون طفلهما أنانيّاً يحصل على ما يريده مهما كانت النتائج، إلّا أنّه لا مَفَرّ من التعامل مع هذه التصرُّفات في فترة من فترات التربية، وخاصَّة عندما يبدأ الطفل بالخروج من البيت ومقابلة أشخاص جُدد ورؤية أشياء جديدة، ولذا ينبغي التحلّي بالصبر، ومعرفة الطرق الصحيحة؛ لتوجيه سلوكات الطفل غير المرغوبة.
من الطبيعي أن يُفكِّر الأطفال في امتلاك ما يريدونه، لذا لا بُدّ من تصحيح هذه السلوكات مُبكِّراً وباستمرار؛ من خلال تذكيرهم بأهمية الإيثار والتعاون في الإسلام، وأنّ المشاعر السلبية والضرر الناتج عن الأنانية والطمع أكبر من السعادة بامتلاك الشيء المُراد في حينه؛ من خلال سرد القصص الشعبية، أو ممارسة السلوكات والقِيَم المُراد غرسها في شخصية الطفل نفسها، وعند ملاحظة تصرُّفهم بالصورة الصحيحة، أو مشاركتهم ممتلكاتهم مع غيرهم، لا بُدّ من مدحهم والثناء عليهم؛ ليُدركوا أنّ ما يفعلونه أمر جَيِّد.
يُركِّز الكثير من الآباء على حماية احترام أطفالهم لأنفسهم بأيّ ثمن، إلّا أنّ الأمر قد يخرج عن السيطرة، فيُطوِّر شعور الأطفال بحَقِّهم في امتلاك كلّ شيء، وأخذ أيّ شيء يريدونه من أيّ أحد، لذا يجب الانتباه؛ كي لا يطغى احترام الطفل وحُبّه لنفسه على تجاوُزه حدوده مع الآخرين، وردع رغبته المتزايدة باستمرار في اكتساب المزيد وطلبه؛ بالحِوار الهادف الذي يساعد على توضيح الأخطاء دون التقليل من شأن الطفل، وتنمية شعور الامتنان والتقدير لما يملكه، وتوضيح أهمية احترام حدود الآخرين.
المشاركة عادةٌ يمكن ترسيخها في المنزل بتصرُّفات بسيطة؛ كمشاركة الواجبات بين الإخوة، والمشاركة في المهامّ المنزلية، ولا بُدّ للوالِدَين من أن يكونا قدوة يُحتذَى بها وأنموذجاً للتعاون اليومي، أمّا خارج البيت، فيجب تشجيع الطفل على اللعب مع الأطفال؛ لتعزيز تطوُّره الاجتماعي والعاطفي، وتعليمه كيفية التفاعل مع الآخرين، ويُعَدّ العمل التطوُّعي طريقة ممتازة لتعليم الطفل قيمة العطاء ومساعدة الآخرين، بدلاً من الاهتمام بالشؤون الشخصية فقط.
لا يعرف الأطفال بطبيعتهم كيف تُؤثِّر كلماتهم ومواقفهم في الآخرين، لذا من واجب الوالِدَين التحدذُث عن مشاعر الآخرين عند سماعهم كلاماً قاسياً، أو تعرُّضهم لتصرُّفات أنانية، مثل أخذ أغراضهم عنوة، ويمكن توضيح ذلك من خلال الحوار، أو القصص، أو البرامج التلفزيونية، أو استخدام أمثلة تَعنيهم شخصيّاً؛ كقول: "إنّ قدرتك على تفهُّم مشاعر الآخرين، والتحدُّث إليهم بكلمات لطيفة، سيكون له تأثير مباشر على نجاحك في الحياة".
يُمثِّل فهم المسؤولية أساس العمل الجماعي والابتعاد عن الأنانية؛ أي أنّ الطفل الذي يُدرك مسؤولياته يُمكنه التفكير في الآخرين وكيفية بناء وتطوير الصداقات؛ لأنّه يُدرك أنّ عليه المشاركة وتبادل الأدوار في اللعب، وليس الاستحواذ على كلّ شيء، بينما لا يمكن للأطفال المُدلَّلين أن يشعروا بالآخرين أو يهتمّوا بهم، ممّا يعني أنّ على الوالِدَين تعليم أطفالهم تحمُّل المسؤولية؛ بتحديد واجبات واضحة وتكليفهم الالتزام بها، بداية مع نفسه، ثمّ مع مُحيطه من العائلة والجيران وفي المدرسة.
وختاماً، لا تنشأ سلوكات الطفل المُدلَّل الذي يريد كلّ شيء لنفسه فحسب بين عَشِيّة وضُحاها، بل هي نتيجة أخطاء تربوية حَسَنة النية عادةً، ولحَلّ هذه المشكلة، يجب إدراك الأسباب التي أدَّت إليها والتوصُّل إلى جذورها، فإن ظلّ الطفل يُظهر السلوكات العُدوانية والأنانية نفسها على الرغم من استخدام الأساليب المذكورة سابقاً كلّها، فلا بُدّ من القلق؛ لأنّ ذلك قد يعني افتقاره إلى المهارات الأساسية، مثل: المهارات الاجتماعية، والنمو العاطفي، ويُمكن في هذه الحالة طلب استشارة من أخصّائي نفسيّ؛ لتقديم الدعم المناسب.
المراجع
[1] parenting.firstcry.com, Selfishness in Children – Tips to Raise an Altruistic Child
[2] healthyplace.com, Ways to Discipline Ungrateful, Spoiled Children
[3] raisingchildren.net, When children ask for things: how to respond constructively
[4] lovevery.com, The do’s and don’ts of saying ‘no’
[5] imom.com, 6 Ways to Teach Your Children to Be Unselfish