جار التحميل...
يُعاني كثير من الأهالي السُّلوك العُدوانيّ لدى أطفالهم؛ كرَمي الأشياء على الأرض عند شعورهم بالإحباط، أو ضرب إخوتهم الأصغر سِنّاً عند شعورهم بالغضب، ويرجع السبب في ذلك غالباً إلى أنَّ بعض الأطفال لا يعرفون كيفية التعامل مع مشاعرهم بطرق مناسبة، بينما يسعى أطفال آخرون إلى الكمال وينهارون عند الفشل، وعلى الرغم من أنّ السلوك العُدواني -إلى حدٍّ ما- يُعَدُّ أمراً طبيعياً لدى الأطفال الصغار، إلّا أنَّه يجب أن يَقِلّ مع نُمُوِّهم واكتسابهم مهارات جديدة.
وتُعَدّ الاستجابة الفوريَّة لأيّ تصرُّف عُدوانيّ يصدر عن الطفل أمراً ضروريّاً، على أن تُضبَطَ بعدد من الضوابط، مثل تجنُّب الصراخ؛ فهو لا يُعَدّ حَلّاً، وإنَّما يُعزّز السلوكات السلبية لدى الطفل، لذا ينبغي تخفيض نبرة الصوت، وطلب الهدوء من الطفل، مع التعاطف والتأكيد على أنَّ سلوكه العنيف غير مقبول، وتعليمه كيفية التعبير عن غضبه بالكلمات، وإلزامه بالتعويض عن الأذى الذي تسبَّب فيه للآخَرين، وفي مراحل مُتقدِّمة يمكن أيضاً حرمانه من بعض الامتيازات، وإن لم يتحسَّن السلوك بمرور الوقت، فينبغي حينها طلب المُساعَدة التربويَّة من أحد المُختَصِّين.
يُعَدّ السُّلوك غير المُحتَرَم عند الأطفال؛ كالشَّتم، ورَمي الأشياء، والسُّخرية، من المشكلات السلوكية الشائعة، وإذا جرى التعامل مع هذا السلوك بشكل غير مناسب، فمن المُرجَّح أن يزداد سوءاً بمرور الوقت، ويُشار هنا إلى أنَّ الطفل عندما يكون هدفه جَذب الانتباه فقط، فيمكن أن يكون التجاهل هو الحلّ الأمثل لإظهار أنَّ تصرُّفاته لا تُؤدّي إلى النتيجة المرغوبة، وإن سلك الطفل سلوكاً غير لائق؛ كاستخدام الألفاظ المُسيئة، فلا بُدَّ من التحدُّث معه بحزم وهدوء حول أهمِّيَّة استخدام الكلمات الطيِّبة، وتوضيح أنّ هذا السلوك غير مقبول في المنزل.
وإن اتَّبَع الطفل التعليمات التي طُلِبت منه رغم رُدوده غير المُهذَّبة، فيمكن تقدير هذا الالتزام، مع التأكيد له على أنَّ غضبه مقبول على أن يُعبِّر عنه باحترام، ويتجنَّب التطاوُل على الآخرين؛ فمثلاً، إذا طُلِب منه ترتيب غرفته، فرتَّبها مع تذمُّره من ذلك بطريقة غير لَبِقة، فالأصحّ أن يُقدَّر ذلك على الرغم من أسلوبه، مع توجيهه إلى استخدام أسلوبٍ أفضل، أمّا الحالات التي تُشكِّل فيها رُدود الطفل تهديداً للآخرين أو لنفسه، فيجب عندها الانتباه والتعامل مع الموقف بعناية وحَزم، وانتظار هدوء الطفل قبل مُناقَشة سُلوكه بهدوء، وتوضيح المقبول وغير المقبول منه، فمن الضروريّ وضع حُدود واضحة، وتعريف الطفل بالعواقب المُترتِّبة على سُلوكه دون تهديد.
فمثلاً، يُمكن الإشارة ببساطة إلى أنَّ الرُّدود غير المُحترَمة ستُؤدّي إلى فُقدان بعض الامتيازات، مثل شراء الألعاب، أو مشاهدة أفلام الكرتون، وفي المُقابل، يمكن مكافأة الطفل؛ بإظهار الحبّ، أو إعداد شيء يُحبُّه، إن أظهر تحسُّناً في سُلوكه.
يُعَدّ الكذب لدى الأطفال من المشكلات السلوكية الشائعة التي يمكن أن تنشأ لعِدَّة أسباب، منها: الرغبة في جذب الانتباه، وتجنُّب الوقوع في المشكلات، والشعور بالرضا عن النفس، علماً بأنَّ فَهم السبب وراء الكذب يُساعد في تحديد أفضل مَسار للتعامل معه؛ فعند اكتشاف الكذب، يمكن البدء بسؤال الطفل عمّا إذا كان ما قاله هو الحقيقة، أو ما كان يتمنَّى حدوثه، ويجب توضيح عواقب الكذب للطفل، مع تأكيد أهمية الصدق، وإقرار قاعدة منزلية تنصّ على قول الحقيقة دائماً مهما كانت العواقب.
وعند قول الطفل الحقيقة، خاصَّة عندما تُؤدّي إلى وقوعه في مشكلة، ينبغي مَدحه؛ لتعزيز السلوك الصادق؛ فمثلاً يمكن القول: "أنا فخور جِدّاً بك؛ لأنَّك كنت صادقاً بشأن تناول الكعكة بعد أن طلبت منك عدم تناولها، سأستمرّ في سحب ألعاب الفيديو الخاصَّة بك اليوم، ولكن لأنَّك قلت الحقيقة، يمكنك اللعب بها غداً"، وهذا النوع من التقدير يُعزِّز قيمة الصدق لدى الطفل، ويُشجِّعه على التمسُّك به، مع توفير عواقب تتناسب مع السلوك الذي قام به؛ لتعليمه تحمُّل مسؤولية أفعاله.
تُعَدّ نَوبات الغضب من المشكلات السلوكية الشائعة لدى الأطفال الصِّغار في مرحلة ما قبل المدرسة، وقد تمتدّ إلى مرحلة المدرسة الابتدائية إذا لم تجرِ مُعالَجَتها بسرعة.
ويُشار إلى أنّ الدراسة التي أجرتها المجلَّة العالَميَّة لطِبّ الأطفال السريري في عام 2018 كانت قد أكَّدت أنَّ المشكلات السلوكية التخريبيَّة، مثل نوبات الغضب، واضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط، والمعارضة أو التحدّي، تُعَدّ من أكثر المشكلات السلوكية شيوعاً لدى الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة وفي سِنّ المدرسة.
أما بالنسبة إلى الحلّ؛ فالتجاهل قد يكون من أفضل الطرق للتعامل مع نوبات الغضب؛ إذ يتعلَّم الأطفال من خلاله أنّ أسلوب الصراخ والسُّلوك العُدواني؛ كالضرب، والعَضّ، والرَّكل، لن يُحقِّق ما يرغبون فيه، ولكن من المهمّ أيضاً اكتشاف سبب حدوث نوبة الغضب ومُعالَجَته، وتعليمهم طرقاً أفضل وأكثر فعالية للتعبير عن احتياجاتهم وتلبيتها؛ فمن خلال توجيه الطفل نحو استخدام الكلمات بدلاً من العنف للتعبير عن مشاعره، يمكن تعزيز مهارات التواصل الإيجابي وإدارة الغضب لديه بفاعليَّة أكبر.
يُعَدّ التنمُّر مشكلة سلوكية خطيرة؛ إذ يمكن أن يُؤدّي إلى إلحاق الإساءة العاطفية والجسدية بالضحية، علماً بأنَّ الأطفال يلجؤون غالباً إلى التنمُّر؛ للشعور بالسيطرة وحلّ مشاكلهم الاجتماعية، وللتخلُّص من هذه المشكلة، يجب أوّلاً تعليم الطفل منذ الصِّغر معنى التنمُّر، وإعطائه أمثلة عملية تُوضِّحه، وتعليمه أنَّ التنمُّر سُلوك غير مقبول، كما ينبغي وضع قواعد ومعايير واضحة في المنزل منذ الصِّغر، ومُراقَبة الأطفال الأكبر سِنّاً؛ للتأكُّد من عدم محاولتهم إجبار الأطفال الأصغر سِنّاً على أيّ شيء.
وختاماً، يميل الأطفال بطبيعتهم إلى تكرار السلوك الجيِّد عند مدحه والثناء عليه، ويتوقَّفون عن ممارسة السلوك السيِّئ عندما يُواجَه بالتجاهُل، لذا يمكن اعتماد هذه القاعدة لتعزيز السلوكات الجيِّدة، والتخلُّص من السلوكات السلبية لدى الأطفال، مع التنويه إلى أنّ بعض السلوكات التي قد تبدو سلبية، قد تكون جزءاً من التطوُّر الطبيعي لدى الطفل، وهي لا تستدعي القلق إلّا إن كانت غير مناسبة لعمره، أو دامت لفترة طويلة، والمهمّ هو توجيه الطفل بوضوح وتعليمه، ووضع حدود واضحة لمساعدته على التمييز بين ما هو مقبول وما هو مرفوض قَطعاً.
[1] verywellfamily.com, Common Child Behavior Problems and Their Solutions
[2] orchidsinternationalschool.com, Top 5 Child Behavioral Problems And Solutions
[3] nhs.uk, Temper tantrums
[4] peatc.org, Bullying Behavior and Mental Health/Behavioral Issues
[5] familydoctor.org, What You Can Do to Change Your Child’s Behavior