جار التحميل...
ويُمكن الاستفادة من بعض القصص واستخدامها بوصفها استراتيجيّة فاعلة في تربية الأبناء، والتعليم، وإيصال المعلومات الجديدة بأفضل صورة ممكنة، وتبسيطها قدر الإمكان، أو النَّهي عن بعض السلوكات دون ذكرها مباشرة، وإنَّما بتوجيه الطفل لاستنتاجها وتقييمها بنفسه من خلال فهمه أحداث القِصَّة؛ بالتركيز على ما يأتي:
تحمل بعض القصص في جُعبتها الكثير من القِيَم والدروس الأخلاقيَّة المفيدة للطفل، والتي يُمكن عرضها من خلال أحداث القصّة ومُجرَياتها المحبوكة بذكاء، وسَردها بأساليب مُشوِّقة تَشُدّ انتباه الطفل، وتُساعده على تقبُّل الأفكار الواردة فيها، والرغبة في اتِّباعها والعمل بها، أو تجنُّبها والابتعاد عنها إن كانت سلوكات غير صحيحة؛ الأمر الذي يُعزِّز الوعي السلوكي والأخلاقي لديه مع مرور الوقت، ويُنمّي قدرته على التمييز بين الصواب والخطأ.
ومن جهة أخرى، تُساعد القصص في اكتساب العديد من الصفات والأخلاق الحَسَنة من مواقف أبطال القصَّة وشخصيّاتهم، ومنها: الشجاعة، والكرم، والتسامح، والتعاون، والاعتماد على النفس؛ إذ يُمثِّل الأبطال للأطفال القدوة الحَسَنة والمثال الذي يُحتَذى به، وعند اختيار القصص، لا بُدّ أن تكون هادفة يجري سردها سَرداً تفاعُليّاً؛ لزيادة الإصرار وتنمية روح التحدّي لدى الطفل، وتحفيز الرغبة لديه في حَلّ المشكلات؛ ومن ثَمَّ بلوغه النهاية السعيدة.
تشحذ القصص الذاكرة، وتُعزِّز التركيز؛ عبر الحاجة إلى مُتابَعة الأحداث والمُجرَيات التي تُواجِهها الشخصيّات، وتذكُّر دور كلٍّ منها؛ ليتسنَّى للطفل فهم القصَّة، ونَقد الأبطال والشخوص، وتقييم المواقف وفهمها جيِّداً، ويُمكن للوالِدَين تعزيز التركيز أكثر؛ بالحوار مع الطفل، وطرح سلسلة من الأسئلة غير المباشرة بين الحين والآخر؛ لكَسر الملل أثناء السَّرد، وإبقاء أذهانهم حاضِرة، واستذكار مغزى القِصَّة ومُجرَياتها، أو طلب شرح الفوائد المُكتسَبة منها بصورة مُبسَّطة.
يكتسب الطفل أثناء الاستماع للقِصَّة مجموعة جديدة من المفردات والكلمات، وينمو مخزونه اللغويّ، وتتحسَّن قدرته على ربط الجُمل وصياغتها والتعبير عنها باستخدام ما يتعلَّمه من مُصطلحات جديدة في كلّ مرَّة، وتُعَدّ القصص وسيلة فاعلة لتنمية مهارات القراءة والكتابة، وتعلُّم قواعد اللغة؛ من خلال السَّرد والاستماع، وإعادة القراءة، أو تلخيص أبرز أحداث القصَّة من جديد.
يشعر الطفل بالفضول والحماس عند الاستماع للقصص والانسجام معها دون رؤية الشخوص والأحداث؛ باستخدام مقاطع الفيديو المُسجَّلة ونحوها، وهو ما يُطلِق العنان لعقله ويُشعِل الحِسّ الإبداعي لديه؛ إذ يتخيَّل الأماكن، ويربط الأحداث بالشخصيات.
ويُمكن التطرُّق أيضاً إلى الأسئلة المُفاجئة ضمن سِياق القِصَّة؛ ممّا يُنمّي الخيال والإبداع أكثر، مثل: "ماذا تتوقَّع أن يحدث بعد ذلك؟" عند الوقوف على حبكة أو حدث مُهِمّ؛ ليبدأ الطفل بالتخيُّل واستنتاج ما قد تؤول إليه الأمور.
تُمثِّل القصص بوّابة الطفل إلى العالَم الواسع، وتُساعده على اكتساب المعلومات العلمية والثقافية الجديدة والمُتنوِّعة بحسب نوع القِصَّة المُختارة؛ فبعضها يكون ترفيهياً، والبعض الآخر يُعرِّف بالأماكن والشعوب، أو يطرح قضايا علمية بأسلوب بسيط ولافت للانتباه، أو يغرس قِيَماً ودروساً أخلاقية، وغيرها، ومن هنا يُبحِر الطفل في عالم المعرفة، مع ضمان قضاء وقت مُميَّز ومُسَلٍّ بعيداً عن طُرق التعلُّم التقليدية.
يَختبر الطفل أثناء الاستماع للقصص مشاعر جديدة، ومنها: الخوف، والحُزن، والفرح، والحيرة، والغضب عفوياًّ؛ عبر الانسجام مع الأبطال، والتكيُّف والتفاعل معهم، الأمر الذي يُنمّي الحِسّ العاطفي لديه، والشعور بالتعاطف مع الآخرين، والرغبة في تقديم المساعدة لهم.
وتزداد أيضاً قدرة الطفل على التعبير عن رفضه بعض السلوكات والشخصيات التي يكون دورها في القصَّة شِرِّيراً وتُلحق أفعالها الضرر بالآخرين، وهو أمر يُشجِّعه على مراعاة مشاعر الآخرين، والاهتمام بها مُستقبلاً، وإدراك مسؤولية السلوك الشخصي، وتأثيره في أفراد المُجتمع.
ينشأ ارتباط قوي بين قارئ القِصَّة والمُستمِع؛ من خلال التكيُّف مع الأحداث، والتواصل بالإشارات اللفظية والعاطفيّة المُختلفة، وعندما يكون الأمر بين أحد الوالِدَين والطفل، يكون الارتباط أعمق وأقوى؛ فالطفل يشعر بالطمأنينة لدى وجوده برفقة والِدَيه؛ ممّا يساعد على خلق حِوار تُناقَش فيه الأفكار الخاصَّة بالطرفَين، وتُطرَح فيه المشاعر دون خجل أو تردُّد، ومع الوقت يُحسِّن التواصل بهذه الطريقة العلاقةَ الأبويةَ، ويجعلها أكثر ترابُطاً.
ويتعلَّم الأطفال أيضاً آداب التواصل الأساسية، وأساليب الحِوار البَنّاء؛ كالاستماع للقارئ أو المُتحدِّث وعدم مُقاطعَته، والتعبير عن الرأي بوضوح وتهذيب، ويُمكن الاستفادة من العلاقات الاجتماعية التي تربط بين شخصيّات القِصَّة؛ لتعليمه أهمّية الاصدقاء وأفراد العائلة وغيرهم، وضرورة احترامهم، وكيفية التواصل معهم.
يُنصَح بأخذ بعض المعايير المُهِمَّة في الاعتبار عند اختيار قِصَص الأطفال وكُتبهم؛ لتحقيق أكبر فائدة مُمكِنة منها؛ بانتقاء القصص المكتوبة والمُصاغة صياغة بسيطة، وبمُفرَدات سهلة الفهم وغير مُعقَّدة، تُراعي الفئة العُمريَّة للطفل وقدرته على الاستيعاب، ويُفضَّل احتواؤها على ألوان جَذّابة وصُور مناسبة تشُدّ الطفل إن كان صغيراً جِدّاً.
أمّا الأعمار الأكبر سِنّاً، فيُنصَح باختيار الكُتُب التي تتضمَّن صُوراً أقلّ؛ لإطلاق الخيال، وتحفيز القدرة على الإبداع، مع التنويه إلى أنّ الفئة العُمرية غالباً ما تُحدَّد على غِلاف القِصَّة.
ومن جهة أخرى، لا بُدّ من الاهتمام بشخصية الطفل ومُيوله، وأخذها في الاعتبار؛ إذ إنّ لكلّ طفل صفات خاصَّة تجعل بعض القصص مناسبة له أكثر من غيرها؛ فبعض الأطفال يُحِبّون القصص الخيالية، بينما يُفضِّل آخرون المُحتوى التعليمي أو الثقافي الذي يتماشى مع رغبتهم في تعلُّم أشياء جديدة، ويُشبِع فضولهم.
المراجع
[1] youngacademics.com, HOW DOES STORYTELLING IN EARLY CHILDHOOD EDUCATION HELP ..
[2] trailslearning.com, Why storytelling is so important for early childhood development..
[3] carepointe academy.com, 7 Benefits of Storytelling For Kids
[4] launchpad-ee.com,THE TOP 8 BENEFITS OF STORYTELLING FOR CHILDREN
[5] motherduck.com, The power of story telling for building social-emotional..