جار التحميل...
تُعرف استراتيجية الصف المقلوب "Flipped Classroom" بأنها استراتيجية تعليم فريدة، يُدمج فيها ما بين التعليم الوجاهي واستخدام التكنولوجيا، إذ يتلقّى الطلاب المواد التعليمية في المنزل عبر مقاطع الفيديو أو الأدوات الرقمية المختلفة، كالكتب الإلكترونية والتطبيقات المتنوعة، وفي الغرفة الصفية تجري ممارسة الأنشطة التفاعلية بين الزملاء ومناقشة المادة بشكل جماعي تحت إشراف المعلم.
وبذلك تُشير هذه الاستراتيجية إلى نهج تعليمي مبتكر، يختلف عن الطريقة التقليدية للتعليم في الفصول الدراسية، إذ تُعكَس الأدوار بين المنزل والصف الدراسي، والهدف الرئيسي منها هو تحويل أوقات الحصص الدراسية إلى التركيز على المهارات والإنجازات بدلاً من التلقين.
وفي استراتيجية الصف المقلوب يكون التركيز بشكل أساسي على الطالب، دون إهمال لدور المعلم بالتأكيد، إذ تُتاح له الفرصة لتمكين نفسه ذاتياً، وتطوير شخصيته ومهاراته، مع الالتزام بتوجيهات المعلم وإرشاداته حول المقررات الدراسية.
جاء تطبيق استراتيجية الصف المقلوب عام 2008 على يد مُعلِّمَين أميركيين، هما جوناثان بيرغمان وآرون سامز، وقد أثبتت هذه الاستراتيجية فوائدها الكبيرة على العمليّة التعليمية، والتي تمثلت بالنقاط الآتية:
تؤثر استراتيجية الصف المقلوب بشكل إيجابي في نتائج التعلم، إذ يحقق الطلاب الذين يدرسون بموجب هذه الاستراتيجية درجات أعلى في المواد الدراسية، فبدلاً من أن يكون وقت الحصة مخصصاً للشرح النظري فقط، يُستغَل في أنشطة تطبيقية تساعد الطلاب على فهم المواد الدراسية بشكل أعمق، فالتطبيق العملي والمناقشات المباشرة تجعلهم يستوعبون المفاهيم بشكل أفضل مقارنة بالاستماع فقط.
وفيما يخص الطلاب الذين يعانون من صعوبات في التعلم فقد تبين أنّهم أظهروا تحسناً أكبر مقارنة بزملائهم الذين يدرسون في البيئة التعليمية التقليدية، وذلك كله نتيجة زيادة فرص التفاعل والتطبيق العملي للمادة العلمية في الصف، بعيداً عن الروتين والتلقين.
تُعد استراتيجية الصف المقلوب نقلة نوعية في استثمار الوقت داخل الفصل الدراسي، فبدلاً من قضاء الوقت الثمين في التلقين للمفاهيم النظرية للطلاب، يستغل المعلم الوقت في التفاعل المباشر معهم، وحل المشكلات، وتقديم الدعم الفردي، أما الطالب فيحصل على فرصة لمراجعة المحتوى في وقته الخاص، مما يزيد من استيعابه للمادة، وإعطاء المعلم الفرصة الكافية لتعزيز الاستكشاف والتطبيق العملي، ومناقشة المادة الدراسية بشكل جماعي كون الطالب قد اطلع عليها مسبقاً.
تُحفز استراتيجية الصف المقلوب المشاركة النشطة للطلاب في الغرفة الصفية بشكل كبير، إذ يتيح تحويل جزء من المحتوى النظري إلى خارج الفصل لدراسته بشكل ذاتي فرصة أكبر للتفاعل المباشر بين الطلاب والمعلم، فبدلاً من الاستماع للمحاضرات بشكل تقليدي دون أخذ فكرة مسبقة عنها، يجد الطلاب أنفسهم منخرطين في نقاشات مُثمرة، مما يشجعهم على المشاركة الفعالة، وطرح الأسئلة حول الأمور التي وجدوا فيها صعوبة.
تمنح استراتيجيات التدريس الحديثة، مثل الصف المقلوب، الطلاب حرية أكبر في إدارة تعلمهم، فبدلاً من الاعتماد الكلي على تدوين الملاحظات والتركيز على الذاكرة في المواد الدراسية المعطاة في الغرفة الصفية، يمكن للطلاب مع هذه الاستراتيجية الوصول إلى مجموعة متنوعة من الموارد الإلكترونية، التي تسمح لهم بمراجعة المواد التعليمية بمرونة وفي أي وقت، وهذا الأمر يمكّنهم من تعميق استيعابهم للمفاهيم الصعبة، والحصول على المواد التي قد تكون قد فاتتهم خلال الحصة الدراسية بسهولة.
تعزز استراتيجية الصف المقلوب الشعور بالمسؤولية لدى الطلاب تجاه تعلمهم، إذ يُصبحون شركاء فعالين في عملية التعلم، بدلاً من كونهم متلقين سلبيين للمعلومات، فهم يتحملون مسؤولية متابعة الدروس، وإكمال المهام الموكلة إليهم، وحل المشكلات التي يواجهونها، مما يعزز من استعدادهم للتعلم مدى الحياة، فهذه الاستراتيجية تُحتّم على الطالب الاطلاع على المساق الدراسي بمفرده، ومحاولة الفهم باستقلالية، وفي حال إيجاد صعوبة ما يمكن اللجوء إلى المعلم للتوضيح.
المراجع
[1] citl.indiana.edu, "Flipping" the Class
[2] edtechbooks.org, Flipped Classrooms
[3] viewsonic.com, 8 Benefits of a Flipped Classroom
[4] edtick.com, The Flipped Classroom As A Learning Strategy
[5] cae.net, The Flipped Classroom: 4 Reasons Why It Really Works