جار التحميل...

mosque
partly-cloudy
°C,
هل سنودع الطرق التقليدية؟

كيف ساهمت التكنولوجيا في تغيير طريقة تعلُّمنا؟

06 أغسطس 2024 / 3:26 PM
التكنولوجيا في التعليم تُغير طريقة تعلمنا
download-img
أصبحت التكنولوجيا في الآونة الأخيرة جزءاً لا يتجزَّأ من عملية التعلُّم والتدريس؛ فقد أحدثت تطوُّراً كبيراً في كيفيَّة اكتساب المعارف وتطوير المهارات، وأضافت الكثير من المُميِّزات التي من شأنها تغيير طريقة التعلُّم، وفيما يأتي بعض آثار التكنولوجيا على العملية التعليمية:

تحديث الفصول الدراسية 

شَهِدت العديد من المدارس حول العالَم تحوُّلاً كبيراً في طريقة التدريس؛ إذ أصبحت التكنولوجيا عنصراً أساسيّاً في العملية التعليمية، ولم تعد الفصول الدراسية مُجرَّد غُرَف مليئة بالكُتُب والأوراق والأقلام، بل تحوَّلت إلى بيئات تعليمية حديثة ومُجهَّزة بأحدث التقنيات، مثل: الألواح الذكية، والهواتف الذكية، وأجهزة الكمبيوتر المحمولة، كأدوات رئيسة للتعلُّم؛ إذ تربط الطلّاب بمُعلِّمِيهم، وبالمناهج الدراسية الرقمية.

وهذه الفصول الدراسية مُجهَّزة بشاشات عرض كبيرة يستخدمها المُعلِّمون؛ لعَرض الدروس بالتزامُن للطلّاب جميعهم، بينما يستخدمون أجهزة ذات شاشات صغيرة؛ لتوزيع المُحتَوى التعليميّ على كلّ طالب بصورة فرديَّة، ممّا يُعزِّز التفاعل والمشاركة في بيئة التعلُّم الافتراضيَّة.

وفي هذه الفصول الدراسيَّة المُتطوِّرة، يجري تشجيع الطلّاب على العمل التعاوُنيّ في مجموعات صغيرة باستخدام الأجهزة التكنولوجية المُشتَرَكة لإنجاز المَهامّ والواجبات المطلوبة منهم؛ كأن يعمل الطلّاب معاً على مشروع باستخدام جهاز لوحيّ واحد، ويتشاركون الأفكار ويتعاونون في حَلّ المشكلات، كما يمكنهم الانخراط في مَهامّ فرديَّة تعتمد على استخدام التكنولوجيا، مثل: إكمال اختبار إلكترونيّ، أو إنشاء عرض تقديميّ رقميّ.

ومع زيادة استخدام التكنولوجيا في الفصول الدراسية، ازداد أيضاً حجم المُحتَوى الرقميّ الذي جرى إنشاؤه ومشاركته، ولم يعد إنشاء المُحتَوى الجذّاب مسؤولية المُعلِّمين وحدهم، بل بات الطلّاب أيضاً يُشارِكون في إنشاء المُحتَوى التعليميّ الخاصّ بهم، مثل: مقاطع الفيديو، والرسوم المُتحرِّكة، والقصص المُصوَّرة، وغيرها، وتُشجِّع مُشارَكة هذا المُحتَوى الذي يُنشِئه الطلّاب بأنفسهم على التعلُّم النَّشِط، وتُعزِّز مهاراتهم الإبداعية.

وعليه، فإنَّ دمج التكنولوجيا بفاعليَّة في الفصول الدراسية يُعزِّز التعاون والإبداع والتفكير النقديّ لدى الطلّاب، ويُعِدُّهم بشكل أفضل لمُواجَهة تحدِّيات المُستَقبَل في عالَم سريع التغيُّر.

 

تعزيز مبدأ التمايز في التعليم

يمكن للمُعلِّمِين باستخدام التكنولوجيا تحقيق تجربة تعليمية أكثر تخصيصاً وتنوُّعاً للطلّاب، ممّا يُسهِم في تعزيز فهمهم وتحفيزهم على التعلُّم بفاعِليَّة أكبر؛ فمفهوم التعليم المُتَمايِز يُجسِّد نَهجاً تربويّاً مُبتَكَراً يُراعي الاحتياجات الفرديَّة لكلّ مُتعلِّم، ومن خلال التكنولوجيا، أصبح بمقدور المُعلِّمين الاستفادة من تقنيات تحليل البيانات المُتقدِّمة لرَصد مَسيرة كلّ طالب على حِدة وتتبُّعها، وبناءً على هذه المعلومات، يتمكَّن المُعلِّمون من تصميم تجارب تعليمية مُخصَّصة تَتَوافَق مع نقاط القُوَّة والضَّعف الخاصَّة بكلّ فرد، ممّا يُشكِّل نقطة تحوُّل بالنسبة إلى الطلّاب الذين لطالما واجهوا تحدِّيات في مِشوارهم الدراسي؛ نظراً لتبايُن أساليب تعلُّمهم مُقارَنة بزُملائهم في الصَّفّ. 

وعلى سبيل المثال، يجد بعض الطلّاب الفائدة الكبرى في التعلُّم البصريّ؛ إذ يتفاعلون بشكل أفضل مع الصُّور والرُّسوم البيانيَّة التي تُوضِّح المفاهيم بوضوح، بينما يَميل آخَرون إلى التعلُّم السمعيّ؛ إذ يتأثَّرون بشكل كبير بالمُحاضَرات والشُّروح الصوتية التي تُوفِّر لهم فَهماً عميقاً للموضوعات.

ولا تقتصر فوائد التكنولوجيا على التشخيص والتحليل فحسب، بل تمتدّ لتشمل تقديم حُلول تعليميَّة مُتكامِلة؛ فالتقنيات المُبتَكَرة؛ كأنظمة التعلُّم التكيُّفية المُعزَّزة بالذكاء الاصطناعيّ، تُتيح للمُعلِّمين إمكانيَّة تعديل مُستَوى تعقيد المادَّة التعليمية؛ لتقديم مُحتَوى يتناسَب مع قدرات كلّ مُتعلِّم. 

وفي ظلّ تنوُّع حاجات المُتعلِّمين، وتفاوُت أهدافهم واهتماماتهم داخل البيئة الصَّفِّيَّة الواحِدة، تبرز أهمِّية تبنّي استراتيجيات تدريسية مُتعدِّدة الأوجه تتجاوز النمطيَّة الجامِدة التي لم تَعُد تتماشى مع روح العصر، وهنا يتجلَّى الدور الجوهري للتكنولوجيا في تمكين المُعلِّمين من الاستجابة لتطلُّعات كلّ طالب واحتياجاته وقدراته بصورة فردِيَّة.

 

تسهيل التواصل والعمل الجماعي

أحدثَت التكنولوجيا تطوُّراً مَلحوظاً في مهارات التعاون والعمل الجماعيّ بين الطلّاب؛ فبفضل توفُّر تطبيقات التواصل الاجتماعي ومنصّات التعلُّم عبر الإنترنت، أصبح التواصل بين الطلّاب أكثر سهولةً ويُسراً وُمتاحاً في أيّ وقت ومن أيّ مكان؛ إذ يُمكنهم إنشاء مجموعات رقميَّة للتفاعل وتبادل الأفكار والتجارب التعليمية، دون الحاجة إلى التقيُّد بالمواعيد الصَّفِّيَّة التقليدية.

وعلاوة على ذلك، تُوفِّر منصّات الاجتماعات عبر الإنترنت، مثل: "Zoom"، و"Google Meet"، وغيرها، بيئةً مَرِنة ومُتنوِّعة يمكن للطلّاب من خلالها العمل سَوِيّاً على المشاريع والمَهامّ الجَماعِيَّة وحَلّ المشكلات بطريقة تعاوُنِيَّة وفَعّالة، ممّا يُعزِّز مهاراتهم الاجتماعية والتعاوُنِيَّة، ويُمكِّنهم من تحقيق أهدافهم التعليمية بطريقة أكثر إبداعاً وتفاعُلاً.

كما أنَّ التكنولوجيا تُمكِّن المُعلِّمِين في أنحاء العالَم كُلِّه من تبادُل الأفكار والخبرات التعليميَّة بسهولة وفاعِلِيَّة؛ إذ يُمكنهم التحدُّث عن التحدِّيات التي يُواجِهونها في التدريس، ومشاركة الحُلول والمُمارَسات الناجحة لمُواجَهة هذه التحدِّيات، بالإضافة إلى إمكانِيَّة مُشارَكة الأدوات والموارد التعليمية المُفيدة، ممّا يُسهِم في تحسين جودة التعليم، وتنويع الطرق التي يجري بها تقديم الموادّ التعليمية، وهذا النوع من التفاعل وتبادل المعرفة يساعد المُعلِّمِين على التعلُّم المُستَمِرّ، وتطوير مهاراتهم التعليمية، ممّا ينعكس إيجاباً على تجربة التعلُّم، والتطوير الأكاديميّ للطلّاب.

 

تسهيل الوصول إلى الموارد التعليمية

كانت الكُتُب الورقِيَّة في الماضي وقبل التطوُّر التكنولوجيّ المصدر الرئيس للمعرفة؛ إذ كان طلبة العِلم يَرتادون المكتبات ويبحثون بين  الكُتُب ساعات عديدة؛ للحُصول على المعلومات المطلوبة، ومع التقدُّم التقنيّ المُذهِل، أصبح كلّ شيء في مُتَناوَل اليد، فصار بإمكان الطلبة الوصول إلى الكُتُب الإلكترونية، والدراسات الأكاديمية، ومقاطع الفيديو التعليميَّة، والمساقات الإلكترونية، من أيّ مكان وفي أيّ وقت بسهولة ويُسر.

وقد شكَّلت الكُتُب الإلكترونية ثورة حقيقية في عالم التعليم؛ فهي ليست مُجرَّد نُسَخ رقميَّة من الكُتُب الورقيَّة التقليديَّة، بل تتعدَّى ذلك إلى تميُّزها بمزايا إضافيَّة تجعل عملية التعلُّم أكثر تفاعُلِيَّة وتشويقاً، فمثلاً، تتضمَّن الكتب الإلكترونية وسائط مُتعدِّدة؛ كالصُّور، والرُّسوم المُتحرِّكة، ومقاطع الفيديو، ممّا يُساعِد في إيضاح المفاهيم بصورة أفضل، وجذب انتباه الدارِسِين، كما تُمكِّن الطلّاب من حمل مكتبة ضخمة من الكُتُب في جهاز صغير عِوَضاً عن حَمل حقائب مُثقَلة بالكُتُب الورقيَّة.

ولم تقتصر الفوائد على الكتب الإلكترونية فحسب، بل شملت تنوُّعاً واسعاً من الموارد التعليمية الرقمية الأخرى؛ فبفضل شبكة الإنترنت، أصبح بإمكان الطلّاب الوصول إلى المُدوَّنات، والبودكاست، والدورات التدريبية الإلكترونية، والتي تُغطّي مجموعة مُتنوِّعة من المواضيع والاختصاصات، كما برزت منصّات التعلُّم الإلكتروني التي تُوفِّر فُرَصاً للدراسة عن بُعد، والحُصول على شهادات مُعتَرَف بها دون الحاجة إلى ارتِياد الحرم الجامعي.

ولا شكَّ في أنَّ التكنولوجيا أحدثت نقلة نوعيَّة في حقل التعليم، وفتحت آفاقاً رَحبة أمام الجميع للوصول إلى المعرفة وصقل المهارات بأساليب لم تكن مُتاحَة في السابق.

 

تطوير دور المعلم والطالب في العملية التعليمية

تلعب التكنولوجيا دوراً مِحوَرِيّاً في إعادة تشكيل العملية التعليمية، وتغيير الأدوار التقليدية لكلٍّ من المُعلِّم والطالب؛ ففي نظام التعليم التقليديّ، غالباً ما يكون المُعلِّم المصدر الوحيد للمعلومات، وهو المُهَيمِن على العملية التعليمية، بينما يُعَدّ الطلّاب مُجرَّد مُتلَقِّين سلبِيِّين للمعلومات والمعارف، ولكن مع انتشار التكنولوجيا في الفصول الدراسية، تغيَّرت المُعادلة جَذرِيّاً.

وأصبح الطلّاب الآن يتَّخِذون دوراً أكثر فاعليَّة وحَيَويَّة في تعليمهم، ويشعرون بمسؤوليَّة أكبر تِجاه عملية التعلُّم الخاصَّة بهم؛ فلم يَعُد المُعلِّمون مُجرَّد ناقِلِين للمَعرفة، بل أصبحوا يُركِّزون على تنمية مهارات الدراسة والبحث المُستَقِلّ لدى الطلّاب، ويُشجِّعونهم على استخدام الأدوات التكنولوجية بكفاءة وفَعالِيَّة، وبات هذا النهج الجديد يُعزِّز التفكير النقديّ لدى الطلّاب، ويدفعهم نحو الاعتماد على الذات في مسيرتهم الأكاديمية.

وعلى الرغم من هذا التحوُّل الكبير في الأدوار، إلّا أنَّ أهمِّية المُعلِّم لم تتضاءَل بأيّ حال من الأحوال، بل أصبح دوره أكثر حَيَوِيَّة وتأثيراً في عصر التكنولوجيا؛ فالمُعلِّمون اليوم هم بمَثابة المُرشِدِين والمُوجِّهِين الذين يقودون الطلّاب في رحلتهم التعليمية، ويُساعِدونهم على اكتساب المهارات الضرورية للنجاح في عالَم سريع التغيُّر، إلى جانب أنَّهم يُلهِمون الطلّاب، ويُحفِّزونهم، ويخلقون بيئة تعليمية تفاعُلِيَّة وجَذّابة تُثير الفضول، وتُشجِّع على الاستكشاف.

وختاماً، كانت دولة الإمارات العربية المُتَّحِدة وما زالت سَبّاقة في مُواكَبة التطوُّر الهائل والسريع الذي يشهَده العالَم؛ فقد وَفَّرت بنية تحتيَّة رقميَّة مُميَّزة، ووَظَّفَت التكنولوجيا في مختلف القطاعات، ومن بينها قطاع التعليم الذي شَهِد تحوُّلاً رقميّاً كبيراً؛ فمنذ سنوات مَضَت، أطلَق صاحِب السُّمُوّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب‭ ‬رئيس‭ ‬الدولة،‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ،‬حاكم‭ ‬دبي، مُبادَرة محمد بن راشد للتعلُّم الذكيّ؛ بهدف خلق بيئة تعليمية مُميَّزة في مدارس الدولة كافَّة، وتحويل التعليم فيها من صورته النمطية إلى صورة أكثر تطوُّراً؛ إذ أوصى بتجهيزها بكافَّة الاحتياجات التكنولوجية، وتوفير الصُّفوف الذكية، وتوزيع أجهزة لوحيَّة على الطلّاب جميعهم.

 

المراجع

[1]  educationonline.ku.edu, How Teaching With Technology Has Transformed Education
[2] noweducation.co.uk, Modern technology and how it’s changing the way we teach
[3] invictus.edu.sg, How Technology Changed Education in Singapore
[4] elearningindustry.com, How Technology Has Changed Education And A Look Ahead
[5] education.purdue.edu, How Has Technology Changed Education?
August 06, 2024 / 3:26 PM

مواضيع ذات صلة

أخبار ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.