جار التحميل...
ووفقاً للأكاديمية الأميركية للطب النفسي للأطفال والمراهقين (AACAP)، فإنّ كذب الأطفال قد لا يكون دائماً مشكلة خطيرة، ولكن في بعض الحالات قد يُشير إلى وجود مشاكل عاطفية للطفل، كما أنّ تطور نمط متكرر من الكذب الجاد لدى الطفل قد يتطلب استشارة طبيب نفسي مختص.
يعتقد الوالدان في كثير من الأحيان أنّ كذب الطفل هو وسيلة للحصول على ما يريده، أو لتجنب القيام بشيء ما لا يريده، لكن توجد العديد من الأسباب الأخرى التي تفسر هذا السلوك، ومن المهم التعرّف عليها للتعامل معها بطريقة صحيحة، من أبرزها ما يلي:
يستكشف الأطفال السلوكيات الجديدة ويدركون نتائجها من خلال تجربتها، وهذا ما ينطبق أيضاً على الكذب، إذ يدفعهم الفضول لمعرفة عواقب الكذب إلى القيام به، بحثاً على إجابات لتساؤلات قد تدور في أذهانهم مثل؛ "ما الذي سأجنيه من الكذب؟" أو "ماذا يحدث إذا قلت هذا بطريقة غير صحيحة؟"، فهذه الطريقة تمكّنهم من اختبار مهاراتهم الجديدة، وفهم التفاعلات الاجتماعية والأمور التي تترتب على قول الحقيقة أو تحريفها.
وقد يكذب الأطفال أحياناً في محاولة لإعادة ترتيب أفكارهم أو المواقف التي مروا بها بالطريقة التي يفضلونها، أو بدافع الفضول لاكتشاف الجانب الآخر من حقيقة الأمور التي يتحدثون عنها، أو للاستمتاع بتخيّل سيناريوهات مختلفة.
قد يلجأ الطفل إلى الكذب المبالغ لتحسين صورته أمام الآخرين، مما يزيد من شعوره بالاحترام والتقدير لذاته، على سبيل المثال قد يبالغ الطفل في إظهار إنجازاته أو اختلاق قصص مبالغ فيها، للشعور بالفخر أو الحصول على الاهتمام والحب من الأشخاص المحيطين به، أو لتحقيق مكانة أعلى بين أقرانه، أو رغبة في الانتماء إلى مجموعة معينة؛ كأن يخبر أصدقاؤه بأنه فاز بجائزة لم يحصل عليها في حقيقة الأمر.
قد يكون كذب الطفل وسيلة لتجنّب العقاب والهروب من المسؤولية عند ارتكابه خطأ ما، كما يسعى من خلاله إلى الشعور بالأمان والحفاظ على علاقته مع الشخص المسؤول عن تطبيق العقاب.
كما أنّ تعرض الطفل لموقف يثير توتره أو يشعره بالخجل أو الإحراج قد يدفعه لقول أكاذيب يمكن أن تساعده في نفي أو تجنّب هذه المواقف، أو قد يختلق قصة جديدة مختلفة عن الواقع لتحسين حالته النفسية، وتخفيف شعوره بالضغط.
إذا كان الطفل يتمنى الحصول على شيء ما بشدّة أو يسعى جاهداً لتحقيق هدف معين، فقد يبدأ بالحديث عنه وكأنه تحقق بالفعل على أرض الواقع، فمثلاً إذا كان الطفل يتمنى الحصول على دراجة، فقد يروي تفاصيل حول مهارته في ركوبها، أو حتى يختلق قصصاً عن مرات سقوطه عنها، حتى قبل أن يحصل عليها فعلياً، ويعود سبب كذبه هنا إلى رغبته في الشعور بالحماس والإنجاز.
ليس بالضرورة أن يكون كذب الطفل ناتجاً عن رغبته بالتمرّد أو مخالفة القوانين، بل قد يكون لأسباب أخرى، مثل؛ عدم قدرته على التمييز بين الحقيقة والخيال، أو عدم وصول الطفل إلى النضج الكافي لفهم عواقب الكذب وسلبياته، وأحياناً قد لا يدرك أنه يكذب بالأصل، مما يتطلب التوجيه المستمر والتواصل مع الطفل.
كما أنّ خيال الأطفال الواسع يدفعهم للإبدع في نسج القصص والحكايات الطويلة، واستمتاعهم عند سماع القصص من الآخرين يجعلهم يرغبون بتقليد هذا السلوك، فيسردون قصصاً عن أنفسهم بحماس، حتى وإن احتوت على الأكاذيب.
يراقب الأطفال سلوكيات الكبار بعناية ويقلدونها، فإذا كان الطفل يرى أنّ الكبار من حوله يكذبون في مواقف معينة، كقيامهم بتقديم أعذار كاذبة، أو إخفاء الحقائق عند وقوع المشكلات، سيعتبرون ذلك سلوكاً طبيعياً ومقبولاً، ووسيلة جيدة للهروب من المشكلات أو حلّها، ممّا يدفعه للكذب في مواقف مختلفة.
ختاماً، على الوالدين والتربويين التحدّث مع الطفل بوضوح حول الفرق بين الصدق والكذب، مع التأكيد على أهمية الصدق والعواقب السلبية للكذب، وربط الصدق بالقيم الأخلاقية والدينية، وكذلك تشجيعه على التعبير عن أفكاره ومشاعره دون خوف أو تردّد، وتحفيز سلوكياته الإيجابية، وتجنب التوبيخ الزائد بالضرب أو الكلام القاسي في حال الكذب؛ لأنّ ذلك قد يؤدي إلى تفاقم هذا السلوك لديه، كما يجب أن يكون الكبار قدوة حسنة في الصدق، لتأثيرها الكبير على فهم الطفل للسلوكيات والقيم الأخلاقية.
المراجع
(1) childmind.org, Why Kids Lie and What Parents Can Do About It
(2) nationwidechildrens.org, Why Do Children Lie?
(3) understood.org, Why does my child lie so much?
(4) goodtherapy.org, Why Do Children Lie? Normal, Compulsive, and Pathological Lying in Kids
(5) parentingforbrain.com, 7 Reasons Why Children Lie and The Best Ways To Deal With It