جار التحميل...

mosque
partly-cloudy
°C,
ازرع اليوم لتحصد غداً

تعزيز الجانب الديني والأخلاقي والسلوكي لدى النشء

18 يوليو 2024 / 10:10 PM
صورة بعنوان: تعزيز الجانب الديني والأخلاقي والسلوكي لدى النشء
download-img
يتقاطع الدين والأخلاق والسلوك معاً لتصبح هذه العناصر متحدة جزءاً مهماً في تربية النشء، أي الصغار الذين ما زالوا في طور التعلّم، وتكوين شخصياتهم، وأفكارهم، ومبادئهم عن الحياة، ويسعى الوالدان جاهدَين لأن يبنوا منظومة أبنائهم الخاصة حول تحديد الخطأ والصواب في هذه الحياة، بل وجعلهم صالحِين بما يكفي ضمن المجتمع الذي يعيشون فيه.

فهل الوالدان هما الوحيدان المسؤولان عن هذا الجانب؟ وكيف يمكن تعزيز الجانب الديني والأخلاقي والسلوكي لدى النشء؟ 

من هو المسؤول عن تعزيز الجانب الديني والأخلاقي والسلوكي لدى النشء؟

هناك الكثير ممن يعتقدون أنّ تربية الأبناء وتعزيز الجانب الأخلاقي والسلوكي والديني يبدأ في سن النضج، أو حين يبدأون في تشكيل شخصياتهم ووجهات نظرهم بشكل واعٍ حول هذه الجوانب، إلا أنه وبحسب منهج مونتيسوري في تربية الأبناء، فإنّ أساس السلوك والأخلاق يبدأ قبل سن السادسة بكثير، أي منذ أن يولد الأطفال، ويكون بينهم وبين عائلاتهم علاقة متبادلة؛ يصلهم من خلالها أخلاقيات وسلوكيات ومعتقدات الأسرة التي وُلدوا فيها.

هذا الكلام هو دليل أكيد أن الآباء والأمهات مسؤولون بشكل أساسي عن تعزيز هذه المفاهيم في شخصيات أبنائهم، إلا أنهم كآباء وأمهات ليسوا الوحيدِين، فالبيئات التي ينشأ فيها الأطفال تؤثر فيهم، وتسهم في تشكيل شخصياتهم بشكل كبير أيضاً؛ مثل الحي الذي يسكنون فيه، والمناطق التي يذهبون إليها، والأشخاص الذين يختلطون بهم، مثل الإخوة في المنزل، وأفراد العائلة، وأصدقائهم، ومعلِّميهم، وغيرهم. 

ولتأكيد هذه الفكرة وجدت دراسة أُجريت على 1997 طالباً في إنجلترا، أنّ الأطفال في الابتدائية (الأطفال النشء) كانوا أكثر ثقة بمعلميهم مقارنة بزملائهم الأكبر سناً، أو الذين هم في مرحلة دراسية أعلى، بل ويَعدّون معلميهم قدوة إيجابية في تعلم السلوك والأخلاق، وربما الدين أيضاً، وهذا دليل واضح على مدى تأثر النشء في البيئات التي يذهبون إليها، والأشخاص الذين يتعاملون معهم.

كيفية تعزيز الجانب الديني والأخلاقي والسلوكي لدى النشء

في دراسة نُشرت في المعهد الوطني للصحة (NIH) في عام 2015 اتضح أن تعزيز المهارات العاطفية والاجتماعية عند الأطفال، لكونهم أفراداً ينتمون إلى المجتمع الذي يعيشون فيه، يمكن أن يعزز من سعادتهم، ونموهم بشكل أكثر إيجابية.


كشخص مسؤول في مكانك عن توجيه النشء، يمكنك تعزيز الجانب الديني والأخلاقي والسلوكي من خلال بعض الخطوات والنصائح، ومنها ما يأتي:

وجود قدوة حسنة للناشئ 

نظراً لتأثّر النشء بوالديهم ومعلميهم والبيئة المحيطة بهم، فإنّ أهم وأول خطوة يقوم بها المسؤول عن النشء لتعزيز الجوانب الثلاثة لديه- الدين والأخلاق والسلوك-، هو أن يكون قدوة حسنة في السلوك والأخلاق يُحتذى به، وإن كان هؤلاء النشء سيكبرون ويكوّنون نظرتهم وطريقتهم الخاصة في الحياة في النهاية، إلا أن المسؤول عنهم يشارك بشكل كبير في تأسيس سلوكياتهم وتصرفاتهم بشكلٍ أو بآخر، لذا من المهم أن يكون هو كما يريد أن يرى ابنه أو طالبه عليه.


عند التحدث عن القدوة وخاصة بما يخص الوالدَين فإنّ المقصود هو جميع جوانب الحياة وتفاصيلها، فمثلاً؛ إنّ تناول الوالدَين للطعام الصحي سيجعل الناشئ يتّبعهما ويتمتع بصحة مثالية، ومحاولة الآباء والأمهات تحسين ذواتهم وتطويرها بالقراءة والتطوع، أو حتى بتحسين تعاملهم مع الخلافات والمواقف والعلاقات، وكيفية انتقاء الكلمات لوصف هذه المواقف والعلاقات، يمكن أن يجعلهم قدوة سيئة أو حسنة للناشئ، ففي النهاية هو يأخذ تصرفات وكلمات قدوته على محمل الجدّ والأهمية.


من المهم أن ينتبه الآباء والأمهات إلى أن أبناءهم يراقبونهم ويقلدونهم، وأن مواقفهم مع أمور الحياة وتعاملهم معها بمبادئ مثل؛ الاحترام، والتفهم، والاحتواء هي ما يمكن أن تجعلهم قدوة في نظر هؤلاء الأبناء.


وهذا الكلام ينطبق على المعلِّمين أيضاً إلى حدّ ما، وذلك بالنظر إلى الوقت الذي يقضيه الناشئ في بيئة المدرسة، فعلى المعلم أن يكون إيجابياً في كلامه، وتعامله مع المواقف المختلفة، بل وعليه أن يكون صادقاً وأهلاً للثقة، فإذا وعد أوفى، وإذا خصص عقاباً لأحدهم نفّذه، وإذا أخطأ اعترف بخطئه، كما أنه من المهم أن يعكس الاحترام واللطف في التعامل على الحياة اليومية في المدرسة، وليس من خلال الكلام فقط، فطلابه يأخذونه كقدوة وإن لم يصرحوا بذلك.

الاستماع الجيد للناشئ

إنّ الاستماع الواعي هو أحد أهم وأول الخطوات نحو تعزيز الجانب السلوكي والأخلاقي والديني لدى الناشئ، فعلى أي شخص يسهم في تربيته أن يخصص مجالاً ووقتاً للاستماع إليه، حتى يعرف ما يصله من العالم، وماذا قد أدخل من مفاهيم وأفكار إلى عالمه الصغير، وكيف يفكر، وما هي التساؤلات التي تدور بباله.


من خلال هذه الخطوة يمكن فهم طبيعة الناشئ، بل وإيجاد طريقة للوصول إليه من الداخل ليكون مقتنعاً، ولكن من المهم الاستماع إليه بشكل فعّال وواعٍ، وبشكل ممنهج خاصة من الوالدَين.

وضع قواعد وحدود واضحة   

في المنزل أو المدرسة يجب شرح القواعد الخاصة بالمكان، كالمنزل، أو الغرفة الصفية، وحتى القواعد الواضحة بالنسبة للدِّين، من المهم أن يفهم الناشئ أن هناك أساساً يجب أن يتصرف بناء عليه، والحرص على توصيل هذا الأساس إليه بشكل واضح وسليم، فبدلاً من قول "أنت غير محترم" يمكن القول "نحن هنا يجب أن نحترم بعضنا، فالاحترام أساس العلاقات".

تطبيق مفهوم الثواب والعقاب  

لتعزيز السلوكيات الإيجابية الصحيحة أو الأخلاقية لا بدّ من أن يفهم الناشئ أنه مسؤول عما يختاره، وأن السلوك الأخلاقي والإيجابي شيء جيد، ويمكن أن يحصد منه تعزيزاً أو مكافأة، بينما السلوك السيئ لن يحصد إلا العقوبة، بهذه الطريقة يمكن تعزيز ورفع أهمية بعض السلوكيات، وجعل بعض السلوكيات الأخرى أكثر تثبيطاً لديه، بل ويحسب لها حساباً في حال فكّر القيام بها.


هنا يجب عدم اللجوء إلى العقاب الجسدي أو اللفظي، واستخدام أساليب إيجابية للعقاب بالمقابل، مثل الحرمان من بعض الامتيازات، أو طلب إنجاز مهمة معينة، مثل تنظيف الغرفة، لأن العقاب الجسدي أو اللفظي لن يُساعد في تقويم سلوك النشء، ولن يُسبب إلا أضراراً بدنية ونفسية لهم، وقد يعيق التواصل بينهم وبين قدوتهم.


نصيحة: يجب عدم جعل العقوبة عشوائية وغير مفهومة السبب، فمثلاً على الأب أن يخبر ابنه أنه "تأخر عن المنزل مثلاً"، ولأنه كسر قواعد المنزل "لن يخرج مع أصدقائه نهاية هذا الأسبوع"، أو المعلم يخبر طالبه: "لأنك شتمت صديقك سيتوجب عليك الذهاب لمراجعة الإدارة".

تعليم الناشئ معنى الإنصاف والعدل 

ليس من خلال الكلام فقط وإن كان مهماً، بل أيضاً من خلال السلوكات والتصرفات العملية، من الضروري جعل الناشئ يفهم معنى العدالة والإنصاف، فهذه المفاهيم مركزية يمكن أن تعزز لديه الجوانب الثلاثة، ففي العائلة مثلاً عليه أن يفهم أن مصروفه يختلف عن مصروف أخيه الذي يكبره بخمس سنوات، وأن زميله من ذوي الإعاقة في الصف له معاملة مختلفة. 


من هنا يمكن أن تتعزز لديه مفاهيم أخلاقية أخرى متعلقة بالآخر، حيث يدرك مع الوقت كيف يجد التوازن بين ما يريده هو وما يريده الآخرون، بين احتياجاته واحتياجاتهم، وسيفهم معاني الاحترام، والعطاء، والمشاركة، وغيرها من المفاهيم، والسلوكيات الأخلاقية.

عمل جلسات نقاشية مثرية مع الناشئ

من خلال حصة إضافية أو جلسة عائلية دافئة، يمكن شرح الجوانب السلوكية والأخلاقية والدينية، والقيم الأساسية ومناقشتها مع الناشئ، مثل تربيته على الصدق، والنزاهة، والرحمة، والعطف، والمسؤولية، والاحترام، وغيرها، بل وطرح قصص وتجارب وأمثلة من الحياة الواقعية، فهذا سيثري شخصيته، وينمي تفكيره الأخلاقي، ويعلمه الكثير.

إشراك الناشئ في برامج العمل التطوعي

هناك مقولة للناشطة الاجتماعية هيذر فرينش هنري تقول فيها: "العمل التطوعي هو معنى أن تكون إنساناً، لم ينجح أحد في هذه الحياة دون مساعدة شخص آخر". إن برامج خدمة المجتمع على وجه التحديد يمكن أن توضح أهمية المسؤولية الاجتماعية والرحمة والتعاطف لدى الناشئ، إضافة إلى كونه سيفهم أكثر مدى التأثير الإيجابي لقيمه الأخلاقية في المجتمع الذي يعيش فيه، لذا فإنّ إشراكه بها سيعزز منظومته الأخلاقية لا محالة.

اختيار قصص دينية مناسبة لعمر الناشئ

جزء من جعل الناشئ يحب الدِّين الذي ينتمي إليه هو إطلاعه عليه بالطريقة الأقرب لميوله وعمره، وغالباً ما تكون القصص المكتوبة بما يناسب عمر الناشئ مفيدة وملهمة بالنسبة له، فإضافةً إلى تطوير مهارة القراءة لديه وتشجيعه على حب المطالعة، يمكن التأثير فيه إيجاباً، وجعله يعرف المزيد عن دينه وأخلاقياته، فيقرأ النصوص الدينية، والكتب المتخصصة الأصعب بحب واهتمام فيما بعد، لأنه ببساطة انجذب إلى هذا الدين، وصار جزءاً من حياته، وهو ما سيجعله يتبع السلوكيات الدينية والأخلاقية كإحدى نتائج قراءته لهذه القصص.

 

 

المراجع
[1] raisingchildren.net, Encouraging good behaviour in pre-teens and teenagers: 20 tips
[2] lumenlearning.com, Influences on Moral Development
[3] dpsgs.org, How To Establish Moral Values in Students?
[4] spires.co, How To Improve My Childs Secondary Religious Education Skills

July 18, 2024 / 10:10 PM

أخبار ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.