جار التحميل...
وينبغي أن يكون المُرَبّي حريصاً على اختيار الطريقة المناسبة لإيصال مفهوم الصدق وأهمِّيته للطفل، مع مراعاة عُمره، وضبط الأعصاب عند اكتشاف كذبه في بعض المواقف؛ منعاً لتفشّي هذه المشكلة لديه، وفي ما يأتي بعض النصائح التي يمكن أن تكون مفيدة في هذا الجانب:
تُعَدّ هذه النصيحة من النصائح الذهبية في التربية عموماً؛ إذ لا يمكن أن يقتنع الأطفال بأهمِّية خُلُق ما عندما تكون تصرُّفات أحد والِدَيه عكسه تماماً؛ فالبداية لا بُدّ أن تنبع من سلوك الآباء، وطريقة تعاملهم مع الطفل، والتزامهم بالصدق طوال الوقت، مع ضرورة التنويه إلى أنّ الطفل لا يعي حقّاً مفهوم الكذبة البيضاء الشائع بين الناس؛ الأمر الذي يجعله يستسيغ الكذب عموماً، ويُقلِّده بمُجرَّد اكتشاف أن أحد والِدَيه يكذب.
وتُعَدّ الوعود من الأمور التي على الوالِدَين الحفاظ عليها دائماً؛ فإذا وعد الأب طفله بالذهاب إلى الحديقة -على سبيل المثال-، فلا بُدّ من تنفيذ هذا الوعد مهما كانت الظروف، وإلّا فلن يكون للصدق قيمة في نظر الطفل لاحقاً.
قد لا يفكِّر الطفل في الكذب أحياناً، ولا يخطر في باله على الإطلاق، إلّا أنّ الأبوَين يدفعانه إلى هذا السلوك بطريقة غير مباشرة؛ فمثلاً إذا كسر الطفل صحناً زجاجياً في حضور الأمّ، فلا داعي لتوجيه أسئلة غير مناسبة، مثل: "هل كسرت الصحن؟".
فهذا النوع من الأسئلة يعني أنّ الأمّ تختبر الطفل، وأنّ هناك خيارات مُتاحة أمامه للإجابة، إلى جانب أنّها تُحرِجه؛ ممّا يدفعه إلى الكذب تلقائيّاً؛ بهدف حماية نفسه من العقوبة، فيقول -مثلاً- إنّ أخاه هو من فعل ذلك؛ لذا، ينبغي على الأمّ أن تحاول معالجة الموقف وحسب؛ فتطلب منه الوقوف جانباً، وتُنبِّهه بهدوء ولُطف إلى عدم العبث بالصحون مرَّة أخرى.
تُعَدّ الثقة المتبادلة مفتاحاً للراحة في الحديث، إلّا أنّ الطفل إذا شعر أنَّه في مَوضع اتِّهام، أو أنّ والِدَيه لا يُصَدِّقانِه لأنّه ليس مَحَلّاً للثقة، فلن يتمكَّن من التعبير بأريحية، وهنا، تجدر الإشارة إلى أنّ طلب الاعتراف المباشر من الطفل بكذبه، وإجباره على ذلك، لا يُعَدّ تصرُّفاً حكيماً على الإطلاق؛ فالهدف هو تنمية خُلق الصدق لديه، وتشجيعه على قول الحقيقة دون ضغوط؛ كي يكون صريحاً وصادقاً.
لذا، يُنصَح دائماً بالهدوء عند اكتشاف كذب الطفل، وبدلاً من اتِّهامه بالكذب، يمكن دفعه إلى الاعتراف بطريقة مناسبة دون إحراج، مع إعطائه بعض الأعذار لتشجيعه بهدوء، مثل: "أشعر أنَّك قلق لإخفائك شيئاً ما"، أو "أشعر أنّ هناك شيئاً آخَر تُخفيه، فكيف يمكنني مساعدتك؟"، ولا بُدّ من إظهار مشاعر الفرح والسعادة بعد اعترافه؛ كي يصبح الاعتراف أكثر سهولة في المستقبل.
بدلاً من معاقبة الطفل على كذبه دائماً، يمكن مكافأته على صدقه؛ إذ تُعَدّ المكافآت من الأساليب التحفيزية الرائعة للأطفال؛ فهي تزيد مستوى ثقته بنفسه، وتُشعره بالرغبة في تكرار السلوك نفسه دائماً، وبالطبع، لا يُقصَد بالمكافآت تلك المادّية فحسب، وإنَّما قد تكون الجرعات الزائدة من الحبّ على شكل عناق طويل، أو تصفيق حارّ، أو غيره، وهنا، لا بُدّ من الحرص على المكافآت المُتعلِّقة باعتراف الطفل بكذبه أيضاً.
ويمكن أن يكتب بعض الآباء ما يُشبه العقود مع أبنائهم عند مواجهة صعوبة في تربيتهم على الصدق في حديثه؛ ليشعروا بأهمِّية الأمر وجدِّيَّته، فيكتبون المكافآت التي يمكن أن يحصل عليها أبناؤهم إن كانوا صادِقين، إلى جانب العقوبات التي سيجنونها من كذبهم في كلّ مرَّة؛ ليُصبحوا أكثر يَقَظة وحِرصاً.
يساعد النُّصح المُستمِرّ والحديث حول أهمية الصدق في تذكير الطفل بضرورة الالتزام به، مع التأكيد على أنّ عواقب الكذب وخيمة، وذِكر بعض القصص ذات الصِّلة بالموضوع، وبيان كيف يُلحِق الكذب الضرر بأصحابه، وهنا، لا بُدّ من الإشارة إلى استخدام الأسلوب المُقنِع غير المُنفِّر في النصيحة؛ إذ لا بُدّ أن يكون الحِوار في العُموم سَلِساً لا يشبه المُحاضرات.
وينبغي تذكير الأبناء دائماً بأنّ الصدق من شِيَم الشُّجعان، وعلى الرغم من صعوبته أحياناً، فإنَّه يظلّ أفضل من الاعتياد على الكذب، وبالإضافة إلى ما سبق، ينبغي أن يكون الوالِدان على استعداد لسماع أبنائهم، والتعامل مع مشكلاتهم بحكمة وهدوء عند عرضها عليهما بصدق.
المراجع
[1] babycenter.com, Why do kids lie?
[2] informedfamilies.org, 3 Tips To Prevent Your Kids From Lying
[3] positiveparentingsolutions.com, 7 Steps to Encourage Honesty in our Kids and Put an End to Lying
[4] parenting.mountsinai.org, Encouraging Children to Tell the Truth
[5] allprodad.com, 10 Ways to Teach Your Children to Be Honest