جار التحميل...
ويُشار إلى أنّ هناك أزمات مالية، مثل الفشل في سَداد الديون، وأخرى تشغيلية، مثل انقطاع التيّار الكهربائي، بالإضافة إلى الأزمات التقنية؛ كتعطُّل الأنظمة الحاسوبية، والأزمات المُرتبِطة بالسُّمعة العامَّة؛ كالإساءة إلى العُملاء، والأزمات الطبيعية، مثل التعرُّض للزلازل، وغيرها.
وتتضمَّن إدارة الأزمات سلسلة من الإجراءات والآليات التي تحدّ من مقدار الضرر، وتسيطر على المشكلة، وفي بعض الشركات والمؤسسات، يتولّى هذه المهمة فريق مُختَصّ يُعرَف بفريق إدارة الأزمات؛ لخطورة هذه المواقف والأحداث، وأثرها الكبير في منظومة العمل أو المؤسسة.
وفي ما يأتي توضيح أهمّية إدارة الأزمات في الحياة العملية:
تُعَدّ سُمعة الأفراد والمؤسسات أو العلامات التجارية من الأمور الجوهرية المُهِمَّة التي لا بُدّ من حمايتها والحفاظ على نقائها؛ لأنّها حجر الأساس الذي يدعم النجاح والمصداقية، وهو سبب لقبول العملاء والجمهور وجَذبهم، وتُشكِّل الأزمات خطراً كبيراً يُهدِّد السُّمعة، وينتج عنه فقدان الثقة والمصداقيّة، وتضليل الصورة المُشرِقة وتشويهها.
لذا، فإنّ احتواء الأزمات، وحُسن إدارتها، والحذر من التغطية الإعلامية المُضلِّلة، والحَدّ من انتشار الشائعات، واعتماد الحقائق المُؤكَّدة بدلاً منها، خطوة أساسية ومُهِمَّة في خُطَّة إدارة الأزمة؛ لأنّها تحمي السُّمعة العامَّة، وتُحافظ عليها.
وقد تكون إدارة الأزمات سبباً في انتقال المؤسسة من حالة الطوارئ إلى المزيد من الاستقرار؛ بجعل اسمها لامعاً ومُتميِّزاً للجمهور؛ بوصفها كياناً قوياً وناجحاً وقادراً على تخطّي الأزمات والسيطرة عليها، وهو أمر قد يستقطب العديد من العُملاء الجُدد مستقبلاً، ويزيد القاعدة الجماهيرية للمُنظَّمة.
قد تتسبَّب الأزمات الطارئة والمُفاجِئة، والنتائج المُترتِّبة عليها، في خسارة مادِّية كبيرة؛ إمّا بسبب الزيادة في النفقات وتكاليف الصيانة، وإمّا بسبب الحاجة إلى اتِّخاذ إجراءات قانونية تتطلَّب رُسوماً خاصَّة، وإمّا بسبب خسارة الإيرادات، وإمّا بسبب مواجهة الدعاوى القانونية، وإمّا بسبب غيرها.
وعلى الرغم من أنّ الخروج من الأزمات الكبيرة دون خسائر مادِّية أمر شبه مستحيل، فإنّ التخطيط الجيِّد والإدارة الحكيمة لها، وإعادة هيكلة الموارد المُتاحة وتخصيصها، والحصول على تعويضات تُغطّي جزءاً من قيمة الضرر؛ من خلال التأمينات المُسبَقة، من شأنه أن يُقلِّص الضرر المادِّي كثيراً، ويساعد المُنظَّمة على التعافي، وتجاوز الأزمة بسُرعة.
تنتج عن الأزمات المُفاجِئة أعطال ومشكلات مختلفة قد تكون في بيئة العمل، أو أضرار صِحِّية قد تُصيب الموظفين، أو غيرها؛ ممّا يتسبَّب في إيقاف سَير العمل، أو تعطُّله جزئياً أو كُلِّياً في بعض الأحيان، وهنا تكمُن أهمِّية البروتوكولات الأمنية، والخُطَط المُعَدّة مُسبَقاً لهذه الحالات؛ عبر سُرعة الاستجابة للمواقف والمُستجدّات، وتجاوز الأزمات بأقلّ الخسائر في الموارد البشرية، بالإضافة إلى ضمان استمرارية دَوَران عجلة العمل، وعدم تأثُّر الموظفين، والأهمّ مُواصلة خدمة العُملاء خدمة جيِّدة.
لا يجب إخفاء الأزمات عن الجمهور أو المُستثمِرين والعُملاء كُلِّياً؛ لأنّ وسائل الإعلام قد تزيد الأمر سوءاً إذا ما تداولته على نطاق واسع دون رقابة، ومن جهة أخرى، يحتاج العُملاء والجمهور إلى أكثر من مُجرَّد تصريحات تدعم السُّمعة وتدحر الشائعات؛ فالأزمات تجعل العميل مُتشكِّكاً وغير مُتيقِّن من حقيقة ما يُقال وما يُسمَع من أخبار.
لذا، يحتاج العميل إلى أن يُشاهد بعينه تغييرات جذرية والتزاماً حقيقياً من قِبَل المؤسسة، وهنا، لا بُدّ أن تتضمَّن خُطّة إدارة الأزمات إجراءات وتدابير تضمن التواصل بكلّ شفافية ووضوح مع العُملاء، بالإضافة إلى الاستفادة من العلاقات العامَّة، وقُوَّة وسائل الإعلام بما يُؤثِّر إيجاباً في الجمهور؛ لأنَّها سِلاح ذو حَدَّين.
ويُمكن استخدام وسائل الإعلام؛ لطمأنة الجمهور، وإبلاغه بحالة الطوارئ، وسَرد الحقائق، وتقديم الوعود الصادقة، والوفاء بها، والالتزام بالشفافية والمصداقية في مراحل الأزمة جميعها، ونَشر تحديثات تُبقيهم في الصورة؛ كاستخدام منشورات وسائل التواصل الاجتماعي، أو إرسال رسائل نَصِّية، أو بريداً إلكترونياً؛ بهدف كسب ودّ العُملاء وتعاطفهم، وتقليل مخاوف المُستثمِرِين، وطمأنتهم على مَصالِحِهم.
يشعر الموظفون والمسؤولون بالتوتُّر والقلق أثناء المرور بالأزمات، ويعملون بجدٍّ كبير؛ لتدارُكها، والسيطرة عليها، وإعادة الاتِّزان إلى المنظومة، ويتطلَّب ذلك التعاون المُشترَك بينهم، والتواصُل الفَعّال، والعمل جنباً إلى جنب، وهنا يأتي دور الإدارة الحكيمة؛ فتظهر كفاءة المدير ومهاراته في حلّ المشكلات، وتنظيم العمل، واتِّخاذ القرارات المناسبة، وتحمُّل مسؤوليتها.
بالإضافة إلى قدرة المدير على التواصل، وإجراء حِوارات بَنّاءة يستمع خلالها لمُوظَّفيه، ويُطمئنهم، ويدعمهم نفسياً ومعنوياً، ويُعالِج مشكلاتهم، ويحافظ على حِبال الثقة التي تصِل بينهم؛ لأنّ الموظفين عندما يثقون بحكمة مديرهم وقراراته سيعملون بصورة مثاليَّة، وسيكونون واثقين من قدرتهم على تجاوُز الأزمة، والحفاظ على وظائفهم، ومصدر رزقهم.
ومن جهة أخرى، تمنح الإدارة الجيِّدة للأزمات الفرصة للمُوظَّفين لإظهار قدراتهم، ومواهبهم، وانتمائهم إلى أعمالهم، وقدراتهم في الاستجابة إلى المُتغيِّرات، وتحمُّل الضغوطات؛ من خلال عملهم الجادّ؛ للحفاظ على استقرار المؤسسة، ودعمهم مديرَهم، وتأييدهم قراراته، والثِّقة بها، وهو أمر يُسهِم في تحسين بيئة العمل مستقبلاً، والحفاظ على روح الفريق، وانضباطه، وتعاونه.
وختاماً، تتمثَّل الخطوة الأولى لإدارة الأزمة بإدراك الخطأ أو المشكلة، والاعتراف بها قبل أن يفعل شخص آخر ذلك، أو يُروِّج لها بما يُؤثِّر سلباً في سُمعة المُنظَّمة، ومن ثَمَّ صياغة خُطَّة لإدارة الأزمة، ودراسة الحلول المُمكنة واحتمالية نجاحها، وربطها بالوقت، بالتعاون مع أعضاء الفريق؛ كي لا تتفاقم الأزمة فتصعب السيطرة عليها.
ولا بُدّ من تقبُّل فكرة وجود الأزمات؛ إذ من الطبيعي أن يمرّ بها الأشخاص في حياتهم، والمُنظَّمات في أعمالها، وينبغي التنويه هنا إلى أنّ أيّ تجربة؛ سواء أكانت سلبيَّة، أم إيجابيَّة، ستُضاف إلى رصيد خبرات الأشخاص أو المُنظَّمات، وستزيد من كفاءتها، وجودتها مُستقبَلاً؛ لأنّ الأزمات تُسهِم في التخطيط للمستقبل تخطيطاً أفضل وأكثر انفتاحاً.
ولا بُدّ أيضاً من الأخذ في الاعتبار الأخطاء المُسبِّبة للأزمة، ومحاولة تجنُّبها، والاستفادة أكثر من الدروس والاستراتيجيات المُتَّبعة؛ لضمان عدم التعرُّض لأزمات جديدة مُشابِهة في المستقبل.
المراجع
[1] www.techtarget.com, crisis management
[2] www.forbes.com, What Is Your Plan For When Things Hit The Fan: Creating A Crisis Management Plan
[3] www.shiksha.com, Crisis Management – An Introduction to Dealing with Organizational Crisis
[4] prohibition pr.co.uk,What Is Crisis Management And Why Its Important?
[5] prlab.co, What is Crisis Management and why is it important?