جار التحميل...
يمكن تعريف الاكتناز الرقمي بأنَّه عملية تكديس البيانات الرقمية، والاحتفاظ بها بصورة مُبالَغ فيها، مع عدم القدرة على حذف أيّ منها، فتصبح عملية إدارة المِلفّات والعثور على مِلفّ مُحدَّد صعبة وغير مُمكِنة أحياناً؛ ممّا يُولِّد حالة من الفوضى والاضطراب النفسي؛ إذ يجمع المُكتنِز الرقمي عادةً البيانات بأنواعها المختلفة؛ خوفاً من الحاجة إليها في المستقبل، رغم أنّ ذلك قد يُعَدّ أمراً نادر الحدوث في الواقع.
ويجمع المُكتنِز الرقمي آلاف الصور، والفيديوهات، والمِلفّات الصوتية -على سبيل المثال-، وقد يحتفظ بعدد كبير من الرسائل الواردة عبر البريد الإلكتروني، أو المقالات التي يعتقد بأنَّها ذات أهمية، ومن الجدير بالذكر أنّ الأشخاص الذين يميلون إلى اكتناز البيانات لا يمكنهم التمييز بين البيانات العادية والحَسّاسة في الغالب؛ ممّا قد يُعرِّضهم للمتاعب أحياناً، وخاصَّةً عند تعرُّضهم للانتهاكات الرقمية.
ويجدر التنويه إلى وجود أنواع مختلفة من المُكتنِزين الرقميّين، مثل: المُكتنِز الذي يجمع بياناته بترتيب وتنظيم، والمُكتنِز الذي يجمع البيانات لغرض التكديس فقط؛ أي دون الاكتراث بماهيَّتها وبتنظيمها، إضافة إلى المُكتنِزين الذين يجمعون البيانات الخاصَّة بشركاتهم؛ تبعاً لمُتطلَّبات العمل، والمُكتنِزين الذين يمتلكون مشاعر عاطفية تجاه ممتلكاتهم الرقمية؛ لارتباطها بذكريات أو تجارب مُحدَّدة؛ ممّا يُشعِرُهم بالقلق لمُجرَّد التفكير في فقدانها.
قد يُؤثِّر الاكتناز الرقمي سلباً في الحياة النفسية والاجتماعية، وخاصَّةً إن كان عشوائياً دون هدف أو تنظيم؛ ممّا يجعل البحث عن طرق يمكن من خلالها الحَدّ منه أمراً ضرورياً، وفي ما يأتي أهمّ هذه الطرق:
لا بُدّ أن يكون الفرد حازماً في مسألة جمع البيانات؛ إذ ينبغي انتقاء أفضلها وأكثرها فائدة له؛ كي لا تكون هناك حاجة إلى إضاعة الوقت في مُواصَلة البحث عن غيرها، أو استقبال المزيد؛ فاستلام الرسائل الترويجية المُتعلِّقة بمواضيع لا تُمثِّل أيّ أهمّية عبر البريد الإلكتروني -مثلاً-، يُشير إلى عدم الحاجة إلى الاحتفاظ بها أساساً.
قد لا يستطيع بعض الأفراد تمييز البيانات الضرورية من غيرها أحياناً؛ بسبب التخزين العشوائي والمُبالَغ فيه، وهنا، ينبغي التأكيد على أنّ النَّسخ الاحتياطي على ذاكرة الأجهزة؛ كالهواتف، والحواسيب المحمولة، أو الذاكرة الخارجية، لا بُدّ أن يقتصر على البيانات الضرورية فقط، ويُنصَح أيضاً بترتيبها في مِلفّات ومُجلَّدات بأسماء تدلّ عليها؛ ممّا يسمح بالوصول إليها بسهولة ودون عناء.
ويُنصَح أيضاً بالاعتماد على التخزين السحابي للاحتفاظ بالبيانات الضرورية فقط؛ فعند زيادة حجم البيانات عن الحَدّ المسموح به للتخزين مجّاناً، والحاجة إلى سَعة تخزينية كبيرة، قد يضطر بعض الأفراد إلى شراء سَعة تخزينية غير محدودة؛ لاستيعاب حجم البيانات التي يحتفظون بها؛ ممّا يتطلَّب دفع مبالغ مالية أكبر، وعند التفكير بواقعية في هذه البيانات، فإنّ الاستغناء عنها دون التسبُّب بأيّ ضرر أمر ممكن، وقد يكون معظمها في أساسه غير مُهِمّ.
لا بُدّ من الاعتياد على جَرد البيانات بعد الانتهاء من استخدامها والاستفادة منها؛ لحذف ما يمكن حذفه؛ بمراجعة المِلفّات جميعها دورياً، ومن الأمثلة المُهِمَّة في هذا السِّياق تداوُل بعض المعلومات الحسّاسة أو السِّرّية بين أفراد الشركة لأداء مَهمَّة مُعيَّنة؛ ممّا يستوجب مُطالَبة المدير مُوظَّفيه جميعهم بحذف هذه البيانات مباشرةً بعد الانتهاء من استخدامها؛ لتفادي وقوع الشركة تحت تهديد اختراقات الأمن السيبراني يوماً ما.
وعند انعدام القدرة على تحديد الفائدة من مِلفّات مُعيَّنة، فيمكن الاحتفاظ بها مُؤقَّتاً، ولا مانع من جَمعها معاً داخل مُجلَّد على سطح المكتب -مثلاً- بأسلوب مُنظَّم، ولكن تجدر الإشارة إلى عدم إغفال هذا المُجلَّد، والتكديس داخله أيضاً؛ إذ يتطلَّب الأمر العودة إليه ومراجعة كلّ مِلفّ على حِدة بعد مرور بعض الوقت؛ بهدف التخلُّص من المِلفّات غير المُهِمَّة، وحذفها نهائياً، وليس نقلها إلى سلَّة المحذوفات فقط.
ويُنصَح أيضاً بالاستفادة من الوقت الضائع الذي يقضيه الأفراد بالانتظار أحياناً في قاعات الاستقبال، أو عند مراجعة الطبيب -على سبيل المثال-؛ فبدلاً من الجلوس دون عمل أيّ شيء، يمكن استغلال الوقت في جَرد مِلفّات الهاتف أو الحاسوب المحمول، والتخلُّص من الصور والفيديوهات والرسائل والمِلفّات الكثيرة في كلّ مرَّة أوّلاً بأوّل قبل تراكُمها، وبهذا الأسلوب تُصبح عملية التخلُّص من المِلفّات غير الضرورية أكثر سهولة.