جار التحميل...
ووفقاً للتحليل النفسي، فإنّ تجاهل أو تجنُّب إظهار المشاعر غالباً ما ينتج بشكل غير واعٍ؛ إذ يمارسه العقل تلقائيّاً كآليّة دفاع ضدّ المشاعر غير المرغوب فيها أو غير المريحة، كما يُعتقَد أنّ كبت المشاعر غالباً ما يؤثر في الصحّة العامة، وعلى الأفكار والسلوك.
ويمكن للأشخاص الذين يجدون صعوبة في التعبير عن مشاعرهم اتِّخاذ بعض الخطوات لحلّ هذه المشكلة، وفي السطور أدناه سنعرض أفضل الحلول لمشكلة كبت المشاعر وعدم القدرة على البكاء، ومتى تصبح الاستشارة النفسية مطلوبة.
قد يفقد بعض الأشخاص قدرتهم على التعبير عن مشاعرهم؛ نتيجة تعمُّدهم لفترات طويلة من حياتهم كبت ردّات فعلهم ومشاعرهم، وعدم رغبتهم في البكاء؛ ظَنّاً منهم بأنّه ضعف، ليصبح الأمر مع مرور الوقت أصعب، وهنا يُنصَح أن يمنح الشخص نفسه الفرصة لفهم مشاعره وأسبابها، وإظهارها بشكل أفضل، وأن يدرك أنّ البكاء في المواقف التي تتطلّب ذلك هو استجابة عاطفية، وعليه إظهارها بدلاً من اختيار كَبتها.
كما يجد بعض الأشخاص أحياناً صعوبة في التعبير عن مشاعرهم أو البكاء أمام العامّة، وهنا يمكن أن يكون إيجاد مكان هادئ بعيداً عن الآخرين مُفيداً للتعبير عن المشاعر وفهمها وتحليلها، وقد يكون هذا المكان غرفة النوم، أو الحديقة، أو أيّ مكان آخر يشعر فيه الشخص بالأمان.
ومن الحلول التي قد تساعد في تحرير المشاعر أيضاً الاعتراف بها مع النَّفْس؛ باستخدام تعبيرات عديدة، مثل: "أنا أشعر بالخوف"، أو "أنا أشعر بالحزن الشديد"، أو ما إلى ذلك، أو استخدام التعبير الفنّي؛ سواء بالكتابة، أو الرسم، أو أيّ هواية يستطيع بها الشخص التعبير عمّا بداخله، كما يمكن أن تساعد التمارين الرياضية من ممارسة اليوغا والجري وغيرها في تحرير المشاعر المكبوتة.
وكخيار أفضل، يُعَدّ التحدُّث إلى شخص موثوق -صديق أو فرد من العائلة- فعّالاً في إطلاق المشاعر والتعبير عنها، والشُّعور بالتحسُّن التدريجيّ في التعبير عن المشاعر مع مرور الوقت؛ إذ إنّ الأشخاص المُقرَّبين غالباً ما يُقدِّمون النصائح والدعم، وهذا ما يمنح شعوراً بالراحة والأمان.
عندما يُسبِّب انعدام القدرة على التعبير عن المشاعر ضغوطات نفسية، وانعزالاً عاطفياً، أو يُؤثّر سلباً في العلاقات الشخصية، أو يُؤدّي إلى سلوكات تَضُرّ بالشخص نفسه أو بالآخرين من حوله، يُصبح طلب المساعدة المهنية من مُستَشار أو مُعالِج نفسيّ أمراً مهماً، خاصَّة إن جُرِّبت كافّة الطرق الأخرى دون جدوى.
ويُعَدّ التحدُّث إلى مُختَصّي الصحّة النفسية فعّالاً في حلّ مشكلة كَبت المشاعر وصعوبة التعبير عنها؛ فهم يُقدِّمون الدعم اللازم، ويُوجِّهون مَن يعاني من هذه المشكلة نحو استراتيجيات خاصَّة لفهم مشاعره وتحليلها بصورة سليمة، ومساعدته في التعبير عنها، بعد اكتشافهم للأسباب المُحتَمَلة.
والعلاج النفسي يمكن أن يساعد في التعرُّف على المشاعر المكبوتة بصورة أفضل، وفهمها بطريقة أعمق، إلى جانب التحدُّث عنها براحة دون الشعور بالإحراج أو الخوف، وكذلك تقبُّلها والتعامل معها بصورة بَنّاءة وإيجابيّة.
وتجدر الإشارة إلى أنّ أساليب العلاج النفسي لكبت المشاعر مُتعدِّدة، ومن أبرزها: العلاج المُركّز عاطفيّاً أو العلاج المُرتكِز على العاطفة (EFT)، وهو علاج يُركِّز على التعبير العاطفيّ بصورة صحيحة، وإطلاق المشاعر بطريقة تساعد في تحسين العلاقات والترابط مع الآخرين؛ فوفقاً لهذا الأسلوب العلاجيّ، غالباً ما يُعاني الأشخاص الذين يكبتون مشاعرهم من صعوبة بناء علاقات معنويَّة مع الآخرين.
وختاماً، يجب إدراك أنّ المشاعر جزء طبيعيّ من حياة الإنسان، ومن المهمّ تغيير النظرة الخاطئة في التعبير عنها على أنّها أمر سلبيّ أو خاطئ، والتركيز على كيفية التعامل معها بصورة سليمة وفعّالة باعتبارها مهارة يجب تعلُّمها وتطويرها؛ فتحرير المشاعر بصورة إيجابيّة يؤدّي دوراً حيويّاً في الحفاظ على الصحّة النفسية.
المراجع
[1] medicalnewstoday.com, Repressed emotions: Signs and impact
[2] healthline.com, Let It Out: Dealing With Repressed Emotions
[3] uktherapyguide.com, Why can’t I cry? 7 reasons behind the inability to cry, and what you can do about it
[4] verywellmind.com, Why Can't I Cry Even Though I'm Sad?
[5] psychcentral.com, Why Can't I Cry?