معنى صحافة المواطن: صوت الشعب يغير القواعد

وتتمثَّل مَهمَّتها بنقل الأحداث، وإعداد التقارير، وإنشاء الموادّ الإخبارية، ثمّ نشرها عبر وسائل الإعلام التقليدية المختلفة، مثل: الصحف، والمجلّات، والشركات، أو المُدوَّنات الإخبارية، أو الإعلامية، وتكمُن أهمِّيتها في تثقيف الناس، ونشر قضاياهم، والدفاع عنها.

أمّا صحافة المواطن (Citizen Journalism)، وتُعرَف بصحافة الشارع، أو التشاركية، أو العامَّة، أو الشعبية، أو الديمقراطية، فتعني إنشاء محتوى إخباريّ من قِبَل الأفراد العاديين غير الحاصلين على تدريب أو شهادة تثبت أنَّهم صحفيّون مُحترفون.

وغالباً ما تكون صناعة الأخبار في هذه الحالة عفوية تتزامن مع المرور بأزمة مجتمعية، أو حَدَث مُميَّز، أو كارثة، أو عندما يتصادف وجود هؤلاء الأفراد في مكان الحَدَث نفسه، وعادة ما يُشاركون الأخبار عبر مواقع الإنترنت، ووسائل التواصل الاجتماعيّ، وتشمل مشاركة النصوص، ومقاطع الفيديو، والتدوينات الصوتية (بودكاست)، وغيرها.

نشأة صحافة المواطن: من كوريا الجنوبية إلى أنحاء العالم

ظهر مصطلح صحافة المواطن لأوّل مرَّة في كوريا الجنوبية عام 2000، عندما أعلن رجل أعمال كوري عبر الإنترنت أنّ كلّ مواطن مُراسِل، وقد بدأ حينها برفقة ثلاثة من زملائه بالنَّشر عبر صحيفة يومية أنشؤوها على الإنترنت؛ تعبيراً عن عدم رضاهم عن الصحافة التقليدية.

ويُشار إلى أنّ صحيفتهم هذه لم تتمكَّن من تحمُّل تكاليف توظيف صحفيين محترفين؛ ممّا دفعهم إلى إنشاء موقع إلكترونيّ يعتمد في نَشر مُحتوَاه الإخباريّ على المُتطوِّعين، وبدأت الصحيفة بنحو 727 صحفيّاً مواطناً من كوريا الجنوبية، وبعد مرور سبع سنوات على إطلاقها، وصل عدد المساهمين فيها إلى 50 ألف صحفيّ يُقدِّمون التقارير من 100 دولة مختلفة.

ومنذ ذلك اليوم، أنشأ أشخاص كثيرون مواقع إخبارية، وبدأت مجموعات إخبارية محلّية بتغطية الأحداث؛ كلٌّ في منطقتها، أو في سِياق ما يعنيها من موضوعات وأخبار لم تستطع المؤسسات الإعلامية الكُبرى أن تُغطِّيَها، أو غطَّتها تغطية لم تكن كافية، ولأنّ وسائل الإعلام التقليدية عانَت انخفاضاً في عدد المشاهدين، فقد قرَّرَت هي الأخرى الانضمام إلى هذه الحملة؛ بإنشاء مواقعها الإلكترونية الخاصَّة.

صحافة المواطن: سلاح ذو حَدَّين

تُعَدّ صحافة المواطن خطوة إيجابية نحو نشر الأخبار بصورة أكثر ديمقراطية؛ فهي تعتمد على نقل الشعب نفسه للأخبار، فضلاً عن مشاركتها أيَّة أخبار جديدة بسرعة أكبر ممّا تفعله وسائل الإعلام التقليدية؛ لعدم خضوعها للقيود ذاتها المُتعلِّقة بالنشر، والتي تُؤخِّر بطبيعتها عملية عَرض الأحداث، وتبرز هذه الميزة في حالات الكوارث، أو الحروب، أو الأزمات؛ إذ يُغطّي فيها الأشخاص الموجودون في مكان الحَدَث الأخبارَ، وينقلونها فوراً وبسهولة.

وتعرض صحافة المواطن التقارير الإخبارية والموضوعات التي تعني المجتمع بتنوُّع وجرأة أكبر؛ لعدم خضوعها للرقابة؛ إذ تُغطّي في أحيان كثيرة تفاصيل أكثر، وتكشف حقيقة الأشياء بصورة مجردة.

وعلاوة على ذلك، تعرض صحافة المواطن مجموعة واسعة من وجهات النظر والآراء التي تُساعد المُتلقّي في تكوين رأي أكثر صواباً وموضوعية، إلى جانب امتلاكها لغة قريبة من لغة الجمهور؛ إذ تصِف مباشرة ما يشعر به الناس؛ ممّا يجعلها أكثر جذباً للمتابعة.

وفي المقابل، لا تُقدِّم صحافة المواطن معلومات دقيقة أو موثوقة دائماً؛ لعدم وجود جِهات خاصَّة تتحقَّق من صِحَّة الأخبار التي ينقلها الأفراد العاديّون؛ لذا، قد يترتَّب عليها انتشار المعلومات المُضلِّلة، أو الشائعات، وقد تكون في بعض الأحيان مُتحيِّزة أيضاً، ورغم أنّ هذا الأمر قد ينطبق على وسائل الإعلام التقليدية، فإنَّه في صحافة المواطن يُمكن للتحيُّز أن يحدث دون رادع أو مُساءَلة.

وعادةً ما تكون المعلومات المنقولة عن صحافة المواطن أقلّ جودة من تلك التي ينقلها الصحفيّون المحترفون؛ إذ يمتلك الصحفيّ المحترف الحاصل على شهادة مُعتمَدة في الصحافة، أو الخاضع للتدريب الصحفيّ، القدرة على تقديم المعلومات بمهنيَّة أكبر. 

العلاقة بين صحافة المواطن والصحافة التقليدية: تعاون مُستمِرّ

رغم إمكانية عمل صحافة المواطن باستقلاليَّة تامَّة، فإنَّها تعمل جيِّداً جنباً إلى جنب مع الصحافة التقليدية؛ بترك المواطنين تعليقاتهم أسفل المقالات الإخبارية المنشورة من قِبَل وسائل الإعلام، أو التدوين المباشر على مواقعهم الإلكترونية؛ للنشر عن أحداث مباشرة مثلاً، أو أحداث رياضية، أو احتجاجات، ويُمكن أن يحدث التعاون أيضاً؛ عبر عَرض شبكات وسائل الإعلام تجاربَ المشاهدين الشخصية في موضوع ما.   

المراجع

 [1] britannica.com, citizen journalism
 [2] studysmarter.co.uk, Citizen Journalism
 [3] independentmedia.us, What is Citizen Journalism?
 [4] paradigmhq.org, Citizen Journalism: How the Internet is decentralising information control
 [5] genz.mt, CITIZEN JOURNALISM: POWER TO THE PEOPLE OR THREAT TO THE TRUTH?