جار التحميل...
تُعد الأحلام نافذة هامة للأطباء النفسيين لفهم الحالة العقلية لمرضاهم، فعلى الرغم من عدم وجود تفسير علمي قاطع لمعاني الرموز في الأحلام، إلا أنَّ المتخصصين في مجال الصحة النفسية يستطيعون استخدامها كدليل للكشف عن المشكلات العاطفية والمخاوف التي تشغل بال المريض.
وفي دراسة نُشرت عام 2019 في مجلة "Frontiers in Psychology" بعنوان "The Functional Role of Dreaming in Emotional Processes"، أكد الباحثون على أهمية الأحلام في معالجة العمليات العاطفية، إذ خلصت الدراسة إلى أن تحليل الأحلام قد يفيد في فهم وتنظيم العواطف، خاصة فيما يتعلق بالذكريات العاطفية المؤلمة.
وتؤكد الدراسة على العلاقة التبادلية بين الأحلام والحالة النفسية، فقد تعكس الأحلام مستويات القلق والتوتر لدى الفرد، وتؤثر على حالته النفسية خلال اليقظة، مما يؤدي إلى زيادة الكوابيس، والتي بدورها تزيد من مستويات القلق، مما يستدعي معالجة كلا الجانبين لتحسين الصحة النفسية العامة.
قد تشير الأحلام المزعجة والكوابيس المتكررة إلى وجود مشكلات نفسية تحتاج إلى اهتمام، فالعقل الباطن يستخدم هذه الأحلام المقلقة كوسيلة للفت الانتباه إلى قضايا عاطفية أو حياتية لم يتم التعامل معها بما فيه الكفاية خلال ساعات اليقظة.
وعلى الرغم من أنَّ تفسير الأحلام يختلف من شخص لآخر، إلا أنَّ تكرار الكوابيس قد يشير إلى الحاجة لإجراء تغييرات في حياة الشخص أو معالجة مشكلات عالقة، وفي بعض الحالات قد تكون الكوابيس المستمرة عن أحداث صادمة مؤشراً على اضطراب ما بعد الصدمة.
إذ تشير دراسة نُشرت عام 2022 في مجلة "Clinical Psychology Review" إلى وجود علاقة بين الكوابيس والأعراض النفسية، إذ إنَّ علاج الكوابيس قد يؤدي إلى تحسينات معتدلة في أعراض اضطراب ما بعد الصدمة.
لذا يُنصح بشدة استشارة متخصص في الصحة النفسية للحصول على الدعم المناسب والعلاج اللازم عند التعرض لكوابيس متكررة أو مزعجة، خاصة إذا كانت مرتبطة بأحداث صادمة، وذلك لتحسين جودة النوم، وتعزيز الصحة النفسية العامة، فضلاً عن تخفيف أعراض الاضطرابات النفسية المختلفة.
كشفت دراسة علمية حديثة نُشرت في مجلة "Sleep Medicine" عام 2021 عن وجود علاقة وثيقة بين الاكتئاب والكوابيس، إذ شملت الدراسة أكثر من 40 ألف مشارك على مدى 19 عاماً، وتوصلت إلى نتائج مثيرة للاهتمام تسلط الضوء على التفاعل المعقد بين الصحة النفسية وأنماط النوم.
أظهرت النتائج أنَّ الأشخاص الذين يعانون من كوابيس متكررة هم أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب لاحقاً، مما يشير إلى أنَّ الكوابيس قد تكون بمثابة إنذار مبكر لاكتئاب لم يتم تشخيصه بعد، كما وجدت علاقة قوية بين الكوابيس والاضطرابات النفسية الأخرى.
في ضوء هذه النتائج، اقترح الباحثون نهجاً علاجياً متكاملاً لعلاج الاكتئاب والكوابيس معاً، إذ يمكن أن يؤدي التحسن في أحد الجانبين إلى تحسين الآخر، مما ينعكس إيجاباً على الصحة النفسية العامة للفرد، ويؤكد هذا النهج على أهمية اعتبار الصحة النفسية والجسدية كوحدة متكاملة، إذ يؤثر كل جانب على الآخر بصورة متبادلة.
كما أنَّ إدراك العلاقة المتشابكة بين الكوابيس والاكتئاب يفتح آفاقاً جديدة في مجال الصحة النفسية، إذ يمكن للأطباء والمعالجين النفسيين الاستفادة من هذه المعرفة لتطوير استراتيجيات تشخيصية وعلاجية أكثر دقة وفعالية، كما قد يساعد في الكشف المبكر عن المشاكل النفسية الكامنة، وتحسين جودة حياة الأفراد المتأثرين.
وفي الختام، يُنصح بالاهتمام بأنماط النوم والأحلام كجزء من الرعاية الصحية الشاملة، فمراقبة التغيرات في محتوى الأحلام وتكرارها قد تكون وسيلة مفيدة للكشف المبكر عن التغيرات في الصحة النفسية والعصبية، كما قد يساهم تحسين جودة النوم وممارسة تقنيات الاسترخاء قبل النوم في تحسين نوعية الأحلام، وبالتالي تعزيز الصحة النفسية العامة، وينصح باستشارة المتخصصين في حال استمرار الكوابيس أو ظهور أعراض غير عادية أثناء النوم.
المراجع
[1] mdlinx.com, Why dreaming can be an important guide to a patient's mental health status
[2] happiful.com, What can dreams tell us about our mental health?
[3] ncbi.nlm.nih.gov, The Functional Role of Dreaming in Emotional Processes
[4] psychcentral.com, Can Depression Affect Your Dreams?
[5] sleepdoctor.com, The Relationship Between Dreams and Mental Health