جار التحميل...
عند تلقي المديح والمجاملات من الآخرين، فإنّ عبارات الشكر البسيطة تُعد كافية للرد على نحو إيجابي، لكن المهم أن تُعبّر هذه العبارات عن الامتنان الصادق، وأن تترافق مع ابتسامةٍ حقيقية لما لها من تأثيرٍ عميق في إظهار الامتنان، ولا تختلف كلمات الشكر باختلاف الشخص الذي قدّم المديح، لكن قد تختلف درجة الرسمية في الكلمات المُستخدمة.
على سبيل المثال يُمكن الرّد على مديح المدير في العمل بعباراتٍ رسمية مثل: (شكراً جزيلاً لك، يُسعدني كثيراً أنّ المشروع نال إعجابك) أو (يسعدني أنّ الجهد الذي بذلته قد أثمر، شكراً لك على ثقتك)، ويُمكن استخدام عبارات أقل رسمية سواءً للرّد على المديح في العمل أم في الحياة الشخصية، مثل: (أشكرك على دعمك، هذا يعني لي الكثير) أو (أُقدّر كلماتك الطيبة، شكراً لك).
يميل كثير من الناس إلى رد المديح بالمديح بدافع المجاملة؛ أي حين يشاد بهم أو يُبدى الإعجاب بأعمالهم أو بشخصياتهم، يسرعون إلى تقديم إطراءات للطرف الآخر حتى لو كانت بتعبيرات مبالغ فيها، مثل قول عبارات: (شكراً لك، لكن موهبتي لا تقارن بموهبتك الكبيرة) أو (شكراً، لكنك أفضل مني بكثير في هذا المجال)، هذا النوع من المديح غير صادق، وقد يُظهر الشخص بصفات التملّق والمبالغة.
عوضاً عن ذلك حين يرغب الشخص برد المديح، يجب أن يكون المديح أصيلاً، وأن يكون الشخص يستحقه فعلاً، فعلى سبيل المثال، إذا مدح أحد الزملاء زميله على مشروعه، يُمكن الرد بالقول: (يسرني أنّ المشروع نال إعجابك، بالإضافة إلى أنّ تقاريرك كانت ممتازة وأثرت على نحو إيجابي في المشروع)، أمّا إذا كان المديح في محادثة غير رسمية مثل الإطراء على الملابس فيمكن الرد بالمديح مثل قول: (ممتنٌ لك على كلماتك اللطيفة، إنّ ملابسك جميلة أيضاً).
يعكس التواضع عند تلقي المديح احترام الشخص لذاته وللآخرين، لذلك يُعد جزءاً أساسياً من الرّد بشكلٍ لائق، ويكون التواضع في الرد بأن يتم قبول المديح بلطف ودون تفاخر أو مبالغة في إظهار الذات، مع التأكيد على الرغبة في العمل بجدٍ لتحقيق الأفضل في المرات اللاحقة.
على سبيل المثال، إذا عبّر المدير في العمل عن إعجابه بأحد المشروعات المُنجزة، فيمكن المبادرة بعبارات الشكر ثم طرح أسئلة عليه تُشير إلى الرغبة في النمو والتطوير، مثل قول: (سعيد بأنّ العمل نال إعجابك، هل من جوانب يمكن تحسينها لتحقيق نتائج أفضل في المستقبل؟)، ويُمكن الرّد بتواضع على المديح في الحياة الشخصية بالقول مثلاً: (أُقدّر كلماتك الطيبة، أنا أحاول دائماً أن أكون شخصاً أفضل).
رغم أنّ التواضع في الرد على المديح أمر مهم جدّاً، لكن لا يعني ذلك أبداً رفضه والتقليل من شأن النفس بعبارات إنكار المديح، ويقع كثير من الناس في هذا الخطأ عندما يسمعون كلام المديح أو المجاملات، فيردون بعبارات مثل: (شكراً لك، لكن لا أعتقد أنني أستحق كل هذا الثناء)، أو (لا داعي للمديح، إنّه ليس بالأمر المميّز حقاً)، إن هذه العبارات تُقلل من تقدير الذات وقيمة المجهود والعمل المبذول.
بالإضافة إلى أن رفض المديح أو إنكاره قد يربك الآخرين، ويشعرهم أنّهم قد أخطؤوا أو أنّ كلامهم لا أهمية له عند الطرف الآخر؛ لذلك من الضروري السماح للنفس بالفخر عندما سماع كلمات الإعجاب والإطراء لكن بدرجةٍ مقبولة؛ أيّ دون غرور أو تفاخر مبالغ فيه، وبالمقابل دون شعور بالدونية وقِلة الاستحقاق، واستخدام عبارات الشكر المناسبة التي تدل على التقدير والامتنان للمديح.
يجدر بالذكر أنّه في بعض الحالات يكون المديح غير صادق أو مبالغاً فيه فعلاً، ما يُسبب الشعور بعدم الارتياح، وحينها يُنصَح بالرد بأسلوب مهذب، لكنه حازم، مثل القول: (شكراً لك، لكنني أعتقد أنّ أشخاصاً آخرين يستحقون هذا المديح أكثر مني).
من المهم الاعتراف بجهود الآخرين وتوجيه الشكر لهم عند تلقي مديح على إنجاز مشروع جماعي، فعلى سبيل المثال عندما يمدح المدير عملاً نفذه الفريق بأكمله، يُمكن الرد بالقول: (شكرًا لك، كان هذا المشروع جهداً جماعياً من أعضاء الفريق جميعهم، وسوف أشاركهم هذه الإشادة في الاجتماع القادم)، أو مثلاً إن كان المديح على تنظيم حفلة عيد ميلاد، فيمكن الرد بالقول: (شكراً، كانت الحفلة ممتعة بفضل مساهمة الجميع، سوف أخبر كل فرد من العائلة كم كان مجهودهم رائعاً).
ختاماً، لا يقتصر المديح فقط على اللقاءات التي تكون وجهاً لوجه، وإنّما يُمكن إرسال عباراته عبر الرسائل والبريد الإلكتروني، وفي هذه الحالة يكون أسلوب الرد مشابهاً للأسلوب التقليدي، لكن في حالة الرد برسمية على البريد الإلكتروني من الضروري إرفاق اسم الشخص أولاً، وبدء الإيميل بعبارة شكر ثمّ إظهار الامتنان الصادق بأسلوب مختصر لا يتجاوز ثلاث جمل.