جار التحميل...
وبصرف النظر عن النية، متعمّدةً أم لا، يترتّب على الصمت العقابي آثارٌ سلبية على النواحي العاطفية والنفسية، فهو يُزعزع استقرار العلاقات، ويزيد من الشعور بالانزعاج والغضب، وقد يُسهم في خفض مستويات احترام الذات لما يتضمّنه من تجاهل؛ لذا ينبغي التعرّف إلى الأساليب الصحيحة للتعامل معه.
إنّ مجرّد الصمت لا يعني أنّ ما يحدث هو صمت عقابي بالضرورة، فقد يحتاج البعض إلى مزيد من الوقت أو المساحة لاستجماع الأفكار قبل العودة إلى التواصل من جديد، وقد يُعاني البعض مشاعر صعبة كالغضب الشديد، أو التوتر، أو الحزن التي لا يستطيعون أثناءها التحدث؛ لأنّ ذلك قد يجعل الموقف أكثر سوءاً، فيختارون الصمت بعض الوقت للتهدئة.
أمّا الصمت العقابي، فغالباً ما يستمر مدة زمنية طويلة، ويُمكن أن يُمضي فيها الشخص حياته على نحو طبيعيّ جداً كأنّ شيئاً خاطئاً لم يحدث، مسبباً للطرف المقابل مزيداً من مشاعر القلق والتوتر، قد تصل إلى العزلة والوحدة في بعض الأحيان.
إنّ أخذ الموقف على محملٍ شخصيّ يسبّب أذىً نفسيًا ناتجاً عن لوم الذات، أو تحمّل المسؤولية كاملة، في المقابل فإنّ النظر إلى المشكلة بموضوعية، وبهدوء أكثر وأقل عاطفية، يُتيح الفرصة لفهمها على نحو صحيح، ثمّ يُمكن بعدها البحث عن حلول مجدية وفعّالة.
كثيراً ما يستخدم من لا يستطيعون إيجاد أسلوب مختلف للاستجابة للمشاعر القوية المُثارة الصمتَ العقابي، وقد يكون استخدامه بسبب عدم الرغبة في شرح مقدار الأذى الذي يشعرون به، وفي كلّ الحالات، يُنصح بالبحث عن السبب، والعمل على معالجته معاً.
عند الرغبة في الاعتذار، يجب التأكّد من فعله بوعيّ وحكمةٍ وتوازن؛ فمثلاً، لا يجب أبداً الاعتذار إذا كان لا داعي له، ويجب على الشخص ألا يستخدم الاعتذار للتعبير عن مسؤوليته في التسبّب بصمت الطرف الآخر؛ فالصمت العقابي مسؤولية فاعله فقط، ولا مبرّر له أبداً، بصرف النظر عن أفعال شريكه، بالمقابل، يُمكن الاعتذار عن الأشياء التي قيلت أو فعلت حقاً، التي تسببت في إيذاء مشاعر الطرف الآخر.
يجب إخبار الطرف الذي يُمارس الصمت العقابي على نحو حازم وصريح بالتوقّف عن فعله، مثلاً، يُمكن القول: (يجب قول رأيك بدلاً من الاكتفاء بالصمت)، وتجب مشاركة المشاعر بإخبار الذي يمارس الصمت العقابي الأثر الذي يتركه الصمت العقابي في النفس؛ مثل قول: (هذا التجاهل يؤلمني، ويُشعرني أنّك لا تهتم بي).
وتجب مراعاة مشاعر الطرف الآخر في التواصل، والاعتراف بها، والسؤال عن المجهول منها، ليَعرف أنّ مشاعره مهمّة ومُقدّرة، بقول أشياء مثل: (أنا هنا للاستماع دائماً إليك)، أو (أعرف أنّك منزعج، أخبرني أين وقع الخطأ بالضبط، لنجد حلاً).
وأخيراً، يجب الامتناع عن الأمور التي قد تزيد الصراع سوءاً، وذلك بتجنّب الكلام غير المفيد، أو الاستفزازي، أو التصرف اعتماداً على العواطف الخارجة عن السيطرة كالغضب الشديد، أو مطاردة الآخر بشكلٍ مستمرّ وحثيث لإجباره على التواصل.
علاوة على ذلك يجب الابتعاد عن العبارات التي تنطوي على أي اتّهام أو لومٍ أو عدائية، التي غالباً ما تستخدم فيها لفظ: (أنت)، وبدلاً من ذلك استخدام الضمائر (أنا) و(نحن) للإشارة إلى الرغبة في التعاون، لا مجرّد الهجوم أو الانتقام.
عند عدم وجود أي تقدّم في علاج الصمت العقابي حتّى بعد فعل كلّ ما هو ممكن، يُمكن اختيار اللجوء إلى جهة خارجية طلباً للمساعدة، سواء بالحصول على استشارة فردية من أحد الأخصائيين النفسيين تُساعد في تعلّم ضبط النفس، أو استشارة مشتركة بحضور الطرف الآخر، مع التأكيد على أنّ مدى نجاح هذا النوع من الاستشارات يعتمد أساساً على مدى تعاون الشريك.
ختاماً، لتجنّب مثل هذا النوع من السلوكيات في العلاقات، التي تنطوي على الإقصاء أو التجاهل، يجب التأكد من وضع حدود واضحة مسبقاً بإخبار الطرف الآخر عن السلوكات المقبولة والأخرى غير المقبولة التي لا يُمكن التسامح معها، أو التكيّف مع وجودها.
المراجع
[1] joinonelove.org, How to Deal with the Silent Treatment
[2] psychcentral.com, The Silent Treatment: Is It a Form of Abuse?
[3] health.clevelandclinic.org, The Silent Treatment: Causes and Coping
[4] medicalnewstoday.com, Is the silent treatment a form of abuse?
[5] choosingtherapy.com, The Silent Treatment: Signs & How to Respond