جار التحميل...
وشهدت مسألة محو الأمية تزايداً واضحاً ومُستمِرّاً بالاهتمام؛ إذ بلغت نسبة الأشخاص القادرين على القراءة والكتابة ممَّن تجاوزت أعمارهم 15 عاماً نحو 87% بحلول عام 2022؛ تبعاً لإحصاءات صادرة عن البنك الدولي، وهذه نسبة جيّدة لدى مقارنتها بالسابق.
كانت فكرة اليوم الدولي لمحو الأمية حاضرةً في المؤتمر العالمي لوزراء التربية والتعليم المُنعقِد في العاصمة طهران عام 1965 والمَعنيّ بقضية الأُمّية والحَدّ منها، ويعود الفضل إلى منظَّمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة المعروفة بمنظّمة اليونسكو (UNESCO)، في صياغة الفكرة والإعلان عن اليوم الدولي لمحو الأمية للمرّة الأولى عام 1966.
ويهدف اليوم الدولي لمحو الأمية من وجهة نظر اليونسكو إلى التأكيد على أهمّية التمكُّن من القراءة والكتابة؛ فهما حقٌّ للجميع، مع التذكير بوجود فئة لا تزال غير قادرة على إتقان هاتَين المهارتَين في بِقاع العالم المختلفة؛ سواء في الدول الفقيرة، أو في الدول المُتطوِّرة والمُتقدِّمة، ممّا جعل محو الأمية من القضايا العالمية التي تستحقّ تسليط الضوء عليها من الجهات الرسميَّة، أمّا بالنسبة للاحتفال الرسمي بهذا اليوم، فقد أُقِيم للمرّة الأولى في الثامن من سبتمبر عام 1967 على مستوى عالمي، ولا يزال يُحتفَل به في كلّ عام حتى الآن.
وكانت مُنظّمة اليونسكو قد اهتمَّت مُؤخَّراً بمفهوم شائع في عصر التكنولوجيا يندرج تحت بند محو الأُمِّية؛ وهو محو الأُمّية الرقمية، ويُعرف بأنَّه تمكين الأشخاص من مهارات التعامل مع المعلومات، وإدارتها، وفهمها، والاستفادة منها على نحو آمِن؛ باستخدام التقنيات الرقمية الحديثة، ويشمل هذا المفهوم محو الأُمِّية الحاسوبية.
يُعَدّ اليوم الدولي لمحو الأمية مهمّاً؛ إذ يُسهم في إيصال فكرة مفادها أنّ التخلُّص من الأُمّية مسؤولية تقع على عاتق الجميع، ممّا يُحفِّز كلّ شخص قادر على إحداث التغيير على الاهتمام والمشاركة؛ فلكلّ مشكلة حلّ، وحلّ الأمية يبدأ بنشر العلم، وحَثّ الآخرين عليه، بالإضافة إلى أنّ هذا اليوم يُسهم في شعور المُتعلِّم بالامتنان والسعادة؛ لامتلاكه مهارة القراءة والكتابة، ويُذكِّره بضرورة تقديم الشُّكر للمُعلِّمين والآباء الذين ساعدوه في ذلك.
ويُسهم هذا اليوم أيضاً في إيجاد الحلول؛ للتغلُّب على مشكلة الفقر في المجتمعات؛ بترسيخ فكرة التعلُّم في أذهان الكبار والصِّغار؛ لأنّ عدم القدرة على القراءة والكتابة يكون عائقاً أمام الراغبين بالانخراط في سوق العمل؛ فهو يُعزّز ضرورة التعليم للفتيات؛ لإتاحة الفرصة لهُنّ لمعرفة حقوقهنّ، واختيار مستقبلهنّ، بالإضافة إلى الاهتمام بتعليم الآباء والأمّهات؛ فالأمّ والأب المُتعلِّمان سيكونان أكثر قدرة على التعامل مع الأطفال على نحو أقرب إلى المثالية، بالإضافة إلى أنّ تعليمهما سينعكس إيجاباً على الأطفال ومستوى معيشتهم.
تتمحور معظم الأنشطة التي يمكن إنجازها في اليوم الدولي لمحو الأمية حول الأفكار التي يستطيع بها المُتعلِّم تقديم المساعدة للأُمِّيّين؛ ليبدؤوا رحلة القراءة والكتابة؛ بتشجيعهم وإقناعهم أوّلاً، ثمّ اتِّخاذ خطوات جدّية تُسهم في تسهيل تلك المهمَّة؛ كالتبرُّع بنفقات الدراسة، وعادةً ما يكون ذلك بتنظيم من المؤسسات والمنظمات الرسمية، ويمكن رعاية المؤتمرات المسؤولة عن توعية المجتمعات بهذه القضية.
كما يمكن أن تكون فكرة إطلاق نوادٍ مُتخصِّصة في القراءة والكتابة فكرة جيِّدة في المجتمعات التي تنتشر فيها الأُمِّية، وتُعَدّ فكرة النوادي جاذبة؛ لما تحتويه من أنشطة وفعاليات، بالإضافة إلى إمكانية التعرُّف إلى أصدقاء جُدد، ومناقشة بعض الأمور عن الكتب المُفضَّلة مثلاً، ممّا يُشجِّع الأُمِّيين على الاستمرار في التعلُّم.
وتوزع منظَّمة اليونسكو ستّ جوائز سنويّاً لأصحاب الأفكار الجديدة والمشروعات الإبداعية في مجال مكافحة الأمية، وتكون من نصيب الأفراد، أو المنظمات الحكومية وغير الحكومية، من دول العالم المختلفة؛ فالترشُّح لهذه الجائزة مفتوح أمام الجميع في موعد مُحدَّد؛ عبر زيارة المنصّة الإلكترونية الرسمية التابعة لليونسكو، علماً بأنّ الفائزَ يجري اختياره من قِبَل لجنة تحكيمية مُتخصِّصة ومُستقِلّة يبلغ عدد أعضائها خمسة أعضاء مُعيَّنين بتفويض رسمي صادر عن مدير عام اليونسكو.
وفي الختام، وضعت حكومة الإمارات قضية محو الأمية في قائمة أولوياتها؛ بتخصيص مؤسسة الإمارات للتعليم المدرسي مساراً مُوجَّهاً للراغبين بالتسجيل في التعليم المُستمِرّ المتكامل من الأُمِّيين غير القادرين على القراءة، وممَّن لا يمتلكون أساسيات الحساب واللغة، علماً بأنَّه مُتاح للجنسَين من المُواطِنين والمُقيمين في الدولة.
بالإضافة إلى أنّه يمكن لمَن تجاوز عمره التسعة أعوام من طلبة المدارس التسجيل في هذا المسار أيضاً؛ فهو يستهدف الفئة التي تجاوزت أعمارهم الحدّ الأقصى للقبول في مسارات التعليم النظامي في المدارس الحكومية أو الخاصّة، وكإجراء أوّلي عند التسجيل، يُقدِّم الطالب امتحاناً؛ لتحديد مُستَواه، واختيار المرحلة التي تناسبه.
[1] unesco.org, 2024 International Literacy Prizes: Online applications and nominations are now open
[2] unesco.org, What you need to know about literacy
[3] nationaltoday.com, International Literacy Day – September 8, 2024
[4] ourworldindata.org, Literacy rate
[5] daysoftheyear.com, International Literacy Day