جار التحميل...

mosque
partly-cloudy
°C,
لبناء أسرة قوية

فهم أسباب التفكك الأسري يُسهم في حله

14 أكتوبر 2024 / 8:57 PM
فهم أسباب التفكك الأسري يُسهم في حله
download-img
الأسرة هي اللَّبِنة الأساسية لبناء المجتمع وتماسُكه، إلّا أنّها في العصر الحديث باتت تُواجه تحدّيات عديدة تُهدّد تماسُكها واستقرارها، ومن أبرز هذه التحدّيات التفكُّك الأسري، وهي ظاهرة تتزايد بمرور الوقت، وتترك آثاراً سلبية في المجتمع بأسره.

لذا لا بُدَّ من دراسة أسباب التفكُّك الأسري باعتبارها الخطوة الأولى في مسار حَلّه والحَدّ من تأثيراته الضارّة، وفيما يلي أبرز هذه الأسباب:

عدم الالتزام بالمسؤولية

تتطلَّب العلاقة الأُسَريَّة الصحّية التزام أطراف العائلة بمسؤوليات الأسرة، ويشمل ذلك التفاهم، والإخلاص، والقدرة على دعم أفراد الأسرة بعضهم بعضاً؛ للتعامل مع الظروف الصعبة، بالإضافة إلى التعاطف معهم، وتحمُّل المسؤولية، وهذا الالتزام ضروري لبناء أسرة قوية. 


وفي المقابل، قد يؤدّي عدم التزام أفراد العائلة بالمسؤولية إلى التأثير سلباً في استقرارها؛ كأن يؤدّي عدم التزام أحد الزوجَين بمسؤوليّاته إلى شعور الطرف الآخر بالإهمال وانعدام التقدير، ممّا قد يُسبِّب عدم استقرار الأسرة، وازدياد مشكلاتها.


ويمكن تَخطّي هذه المشكلة بتوعية كلّ فرد في الأسرة بمسؤولياته بشكل واضح، ممّا يجعله قادراً على الالتزام بواجباته العائلية، ويتحقَّق ذلك بالاتِّفاق على توزيع الأدوار والمسؤوليات داخل الأسرة بطريقة مَرِنة وواضحة ومدروسة، بحيث يُؤخَذ عمر كلّ فرد وقدراته في الاعتبار.


ضعف التواصل

قد يؤدّي افتقار أفراد الأسرة إلى التواصل إلى عَواقِب وخيمة، وتظهر علامات ضعف التواصل بين أفراد الأسرة عند استخدام أساليب مُعيَّنة؛ كلَوم الطرف الآخر بدلاً من نقاشه بعقلانيّة لإيجاد الحلول، والاستمرار في الانتقاد بشكل مُبالَغ فيه، وعدم إبداء أيّ تفاعلات إيجابية، مثل: الشكر، والتقدير.


وقد تصل الأسرة مع غياب التواصل إلى مرحلة من الصمت التامّ ورفض النقاش، ممّا قد يؤدّي إلى سوء تفاهم كبير؛ نتيجة تفسير الأطراف لتصرُّفات وأفكار بعضهم بعضاً على نحو خاطئ دون التحدُّث أو الاستفسار مباشرة، كما يُؤثّر ذلك سلباً في الطريقة التي يتعامل بها الآباء مع أبنائهم، والطريقة التي يتعامل بها الأخوة معاً، ممّا يُؤدّي إلى حدوث مشكلات؛ كالقلق، والاكتئاب، وعدم احترام سُلطة الأهل، وبالتالي عدم استقرار الأسرة.


ولحلّ مشكلة ضعف التواصل بين أفراد الأسرة، يمكن اتِّباع بعض النصائح العملية، مثل: تحديد أوقات جلسات التواصل العائلي، والاستماع الفَعّال، واحترام وجهات النظر، وتعزيز ثقافة التقدير والامتنان للآخرين، إضافة إلى ممارسة الأنشطة والهوايات معاً، ممّا يُعزِّز التواصل والتفاعل الإيجابي بين أفراد الأسرة.


التوقعات غير الواقعية

يمكن أن تبدأ رحلة التوقُّعات غير الواقعية في الأسرة منذ بداية الزواج؛ إذ يدخل كلا الشريكَين إلى الحياة الزوجية مع العديد من التوقُّعات حول أدوارهما في الزواج، والتي من الممكن أن تكون غير واقعية لعِدَّة أسباب، منها: تأثُّرهما بوسائل الإعلام المُتعدِّدة ومواقع التواصل الاجتماعي، أو البيئة الاجتماعية المُحيطة، وعدم تلبية هذه التوقُّعات قد يُشعِر أحد الشريكين بالإحباط، والآخر بعدم الكفاءة، ممّا قد يُؤدّي إلى عدم الاستقرار في العلاقة.


وهنا لا بُدَّ من أن يُصارِح الشريكان بعضهما بعضاً عن توقُّعاتهما من الزواج؛ لتعديلها، والوصول إلى توقُّعات أكثر منطقيّة وواقعية، كما قد يكون حضور الندوات والدورات التي تُعقَد للشريكين قبل الزواج أو للمُتزوِّجِين حديثاً فائدة كبيرة في زيادة وَعيهما بمسؤوليات الحياة الزوجية، وأدوارهما فيها، وإصلاح التوقُّعات غير الواقعية.


وقد يحمل الآباء توقُّعات غير منطقية تجاه أبنائهم؛ فيبنون توقُّعات مثالية لإنجازاتهم، ويُقدِّرون بشكل خاطئ مُيولهم ونقاط القوَّة لديهم، ويتجاهلون قدراتهم الحقيقية، ممّا يُؤدّي إلى زيادة الضغط على الأبناء عند وجود فرص ضئيلة لتحقيق ما يطمح له آباؤهم، وبالتالي شعورهم بالذنب، وانخفاض احترامهم لأنفسهم، وصعوبة التواصل بينهم وبين آبائهم، ممّا قد يقود إلى التفكُّك الأسري.


الخلافات الماليّة

الخلافات المالية من أبرز الأسباب التي قد تُؤدّي إلى التوتُّر في العلاقة الأسرية؛ فقد يكون لكلّ فرد من أفراد الأسرة رغبات وأساليب مختلفة في التعامل مع المال؛ فقد يُفضِّل بعضهم الإنفاق على الرفاهيات اليومية، بينما يُركِّز الآخرون على الادِّخار للمستقبل، وعدم التوصل إلى حلّ وسط يُراعي وجهات النظر جميعها قد يُؤدّي إلى زيادة التوتُّر، وعدم الاستقرار في الأسرة، ممّا يُهدِّد بتفكُّكها.


التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي

بالرغم من الفوائد الكثيرة التي قدَّمَتها التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي، إلّا أنّها في كثير من الأحيان ذات تأثير سلبيّ في كيفية التواصل بين أفراد الأسرة؛ فقد يمضي أفراد الأسرة وقتاً طويلاً في التفاعل مع الأجهزة الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي على حساب الوقت العائلي، ممّا يُضعِف التواصل بينهم، وبالتالي زيادة احتمالية حدوث المشكلات بينهم.


وفي هذه الحالة، يُنصَح بتحقيق التوازن الصحّي بين التكنولوجيا والحياة الأسرية، مثل: تحديد وقت الشاشة؛ بوضع تعليمات واضحة لاستخدام التكنولوجيا في المنزل، مع مراعاة الأعمار، واحتياجات أفراد الأسرة، بالإضافة إلى تشجيع الأنشطة والفعاليات العائلية الخارجية، مثل اللَّعِب في الهواء الطلق؛ لتعزيز التواصل العائلي والتفاعل المباشر بين أفراد الأسرة، كما ينبغي على الأهل أن يكونوا قدوة للأطفال؛ بتحقيق التوازن والمسؤولية في استخدام الأجهزة التكنولوجية.


وختاماً، لا بُدَّ من البحث عن حلول فَعّالة لعلاج أسباب التفكُّك الأُسَري، وتحقيق هذا الهدف يبدأ بتحليل هذه الأسباب لمحاولة فهمها، ثمّ حَلِّها؛ لتعزيز الروابط الأُسَرِيَّة والتواصل الفَعّال بين أفراد الأسرة، إضافةً إلى البحث عن استراتيجيات الوقاية والتوعية، وتعزيز المهارات الاجتماعية، ويجدر التنويه هنا إلى أهمّية التواصل مع المُختَصِّين بالعلاقات الأُسَرية أو مُستَشاري العلاقات الزوجية؛ لطلب الاستشارة، وإيجاد الحُلول الفَعّالة. 

 

المراجع

 

[1] talktoangel.com, Causes of Family Conflict

[2] marriagefoundation.org.uk, Family breakdown has a major influence on teen mental health
[3] springboardcenter.org, The Effects of Poor Family Communication
[4] counsellorwhocares.co.uk, Family breakdowns: Coping with family stress 
[5] loveyourmindtoday.org, Family conflict

October 14, 2024 / 8:57 PM

أخبار ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.