جار التحميل...

mosque
partly-cloudy
°C,
تحليل الأسباب والتحديات

ظاهرة العزوف عن الزواج تؤثر على الأفراد والمجتمعات

14 أكتوبر 2024 / 8:15 PM
ظاهرة العزوف عن الزواج تؤثر على الأفراد والمجتمعات
download-img
يُشير مفهوم العزوف عن الزواج إلى امتناع الشباب والشابات عن الزواج، وتفضيلهم العزوبية، ممّا يُمثِّل ظاهرة اجتماعية ملحوظة في مجتمعات عديدة، وتختلف أسبابها من شخص إلى آخر.

قد تعود إلى أسباب مالية ترتبط بارتفاع تكاليف الزواج والمعيشة بشكل عامّ، وعدم قدرة الشباب على توفيرها، وخاصّةً في ظلّ انتشار البطالة في بعض المجتمعات، أو لأسباب أخرى تتعلَّق بالانشغال الشديد في الحياة المهنية والعلمية؛ إذ قد لا يمتلك البعض الوقت الكافي للاهتمام بشريك الحياة والأطفال.


بالإضافة إلى أنّ الخوف من فقدان الحرّية والاستقلالية، وتحمُّل المسؤولية والالتزامات، قد يحُدّ من فكرة الزواج أيضاً لدى البعض؛ إذ يعتقدون أنّ الزواج قد يُقيِّد حُرّيتهم، ويحول دون ممارستهم أنشطتهم وهواياتهم بأريحيّة.


وعلى الرغم من الاعتقادات السابقة، إلّا أنّ الزواج يتعلَّق بتكوين علاقة رسمية مشتركة أساسها المحبة المُتبادلة بين رجل وامرأة، يتشاركان فيها حياة واحدة، والفائدة الأساسيَّة منها إنجاب الأطفال، وتربيتهم، وتنشئتهم، وتحديد علاقتهم بالمجتمع، وبالتالي تكوين مجتمع سويّ وفعّال، ممّا يترتّب على العزوف عنه العديد من الآثار؛ سواء على الأفراد، أو المجتمعات كلّها.

الشعور بعدم الاستقرار وتغيرات نفسية سلبية 

يتبع ظاهرة العزوف عن الزواج تغييرات نفسية قد تحدث للأفراد غير المُتزوّجين؛ نتيجة نقص الدعم العاطفي والاجتماعي من الطرف الآخر، والذي قد يمتدّ إلى الشعور بالقلق والتوتُّر وعدم الاستقرار، وقد يتطوّر في بعض الحالات إلى الشعور ببعض أعراض الاكتئاب والوحدة، وخاصّة في مراحل مُتقدّمة من العمر.


لذا، غالباً ما ترتبط الصحّة النفسية الجيّدة بالزواج، لا سِيَّما الزواج السعيد والقائم على الحُبّ والتفاهم بين الأزواج؛ إذ يميل كلا الزوجين إلى ممارسة سلوكات إيجابية لدعم الطرف الآخر والاهتمام به، إضافة إلى التحفيز والتشجيع لممارسة أنشطة صحّية معاً، مثل ممارسة التمارين الرياضية، أو تناول طعام صحّي.


ولا يقتصر تأثير العزوف عن الزواج في الشعور بالقلق، وعدم الاستقرار فحسب، بل قد يمتدّ ليُؤثّر في إنتاجية الفرد وفاعليته في المجتمع؛ فالأفراد الذين يُعانون تغيُّرات نفسية سلبية، قد يقِلّ لديهم الشغف والدافع للإنجاز، وخاصّةً أنّهم لا يمتلكون أُسرة يعملون من أجلها؛ فالأسرة تزيد دافعية العمل والإنتاج، والرغبة في الحصول على المزيد من الأموال.


ولا بُدّ من الإشارة إلى أنّ الاقبال على الزواج غريزة وفِطرة طبيعية، وعدم إشباعها قد يدفع البعض إلى اتِّباع سلوكات غير شرعية لإشباع غريزته، لذا حثّ الدين الإسلامي الحنيف على أهمّية الزواج؛ فهو سكينة ومودّة، وسبيل لتحقيق الاستقرار النفسي للشباب بعيداً عن أيَّة سلوكات خاطئة.

انخفاض معدلات الإنجاب والتأثير سلباً في النمو السكاني

إنّ العزوف عن الزواج، يعني عدّم تكوين الأُسر، وبالتالي إحداث خلل في تكوين المجتمعات؛ إذ إنّ الهدف الأساسي من الزواج هو التكاثر وإنجاب الأطفال لاستمراريّة النَّسل، وقد يؤدّي ارتفاع نِسَب العزوف عن الزواج كثيراً إلى انخفاض مُعدَّلات الإنجاب عن المستويات الطبيعية، وهذا لا يؤثّر في الأفراد فحسب، بل يتطّور ليصل تأثيره إلى المجتمعات بصورة عامّة؛ إذ قد يؤدّي إلى انخفاض عدد السكان على المدى البعيد إذا استمرّ الحال على ذلك.


وانخفاض النمو السكاني يؤثّر سلباً في النمو الاقتصادي بصورة غير مباشرة؛ إذ يؤدّي انخفاض أعداد السكان إلى تقليل الطلب على السِّلَع والخدمات، وبالتالي ركود الأسواق بصورة عامّة، وتراجع الوضع الاقتصادي.

ضعف الترابط الأسري والاجتماعي 

يميل معظم المُتزوِّجين إلى المشاركة في الأنشطة الاجتماعية المتنوّعة والفعّالة في المجتمع أكثر من العازبين، بما في ذلك المشاركة في المناسبات الاجتماعية، والأُسَرية، وغيرها؛ فهم يُشجِّعون بعضهم على ممارسة تلك الأنشطة، وتربطهم اهتمامات متنوّعة مع غيرهم من المُتزوِّجين؛ بسبب التزامهم بمسؤوليات الزواج وواجباته في بعض الأحيان، إلّا أنّ الأشخاص العازبين والعازفين عن الزواج قد لا يرغبون في التمسُّك بتلك العلاقات الاجتماعية، فتقِلّ مشاركتهم فيها، وقد ينشغلون في حياتهم الشخصية وعالَمهم الخاصّ بعيداً عن تلك الأنشطة الاجتماعية.

ختاماً: طرق فعّالة للحدّ من ظاهرة العزوف عن الزواج

تتمثّل معالجة ظاهرة العزوف عن الزواج بين الشباب في معالجة الأسباب التي أدّت إليها، وخاصّةً الأسباب المالية؛ إذ لا بُدّ من الوعي بضرورة تقليل تكاليف الزواج؛ بهدف تيسيره وعدم تعقيده.


بالإضافة إلى ضرورة تشجيع الشباب وحَثّهم على الزواج عن طريق وسائل الإعلام المختلفة والمُنتشِرة حاليّاً، والحصول على الدَّعم من الوالِدَين؛ إذ لا بُدّ من مساعدة الأبناء في تكاليف الزواج قدر المستطاع، وتوعيتهم بضرورة الزواج في العمر المناسب، وعدم تأخيره، وتوضيح إيجابيات الزواج، وعدم تنفيرهم باستمرارية الحديث عن حالات الطلاق، أو المشاكل التي قد تحدث بين الأزواج؛ لأنّ إيجابيات الزواج أكبر من سلبياته، وهو ضرورة لتكوين الأُسر والمجتمعات.


ولا بُدّ من الإشارة إلى جهود وزارة تنمية المجتمع في دولة الإمارات المُتمثِّلة بالتشجيع على الزواج؛ فهي تُقدِّم دعماً مادّياً للمواطنين الإماراتيين الراغبين في الزواج من خلال ما يُعرَف بـ "منحة الزواج"؛ بهدف المساهمة في بناء أُسَر متماسكة، وتسهيل أمور الزواج، ويتطلّب الحصول على المنحة عِدَّة شروط، منها: ألّا يكون عمر الزواج أقلّ من 21 عاماً، وأن يكون صافي الدخل 25 ألف درهم إماراتي شهريّاً كحدٍّ أقصى.

 

المراجع

[1] elibrary.mediu.edu.my, العزوف عن الزواج مشكلة للدراسة
[2] aspe.hhs.gov, The Effects of Marriage on Health: A Synthesis of Recent Research Evidence. Research Brief
[3] fdd.gov.ae, دراسة تحليل أسباب التأخر أو العزوف عن الزواج لدى الشباب
[4] mocd.gov.ae, تقديم طلب منحة الزواج
[5] marriage.com, What’s the Link Between Marriage & Psychological Well-Being

October 14, 2024 / 8:15 PM

أخبار ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.