جار التحميل...

mosque
partly-cloudy
°C,
يداً بيد

مفهوم التضامن الاجتماعي وأهميته للفرد والمجتمع

14 أكتوبر 2024 / 12:42 AM
مفهوم التضامن الاجتماعي وأهميته للفرد والمجتمع
download-img
يُمثِّل التضامن الاجتماعي عنصراً حيوياً في بنية المجتمعات البشرية، ويتجسّد في الروابط القوية التي تجمع بين الأفراد وتُوحِّد صفوفهم، ويعكس هذا المفهوم الشعور العميق بالانتماء والمسؤولية المشتركة بين أعضاء المجموعة، ويستند إلى منظومة متكاملة من القِيَم والمُعتقَدات والمعايير التي يتشاركها الجميع، ويسعون إلى الحفاظ عليها.

وتتنوّع دوافع التضامن الاجتماعي بين الجوانب العاطفية؛ كالمودَّة، والتعاطف، والجوانب العقلانية؛ كإدراك المصالح المشتركة، وأهمية العمل الجماعي، ومن الجدير بالذكر أنّ هذا التضامن لا يقتصر على الشعور بروح الجماعة فحسب، بل يتعدّاه إلى مُمارَسات فعلية تتجلّى في التعاون والتكافل بين أفراد المجتمع، ممّا يؤدّي إلى خلق بيئة اجتماعية متماسكة، ويسهم في تعزيز قدرة المجتمع على التكيُّف مع المُتغيّرات، وتحقيق التنمية الشاملة.

أهمية التضامن الاجتماعي

في عصرٍ يتَّسِم بالتحدّيات المتنوّعة والمُعقّدة، يبرز التضامن الاجتماعي عنصراً أساساً في بناء المجتمعات وتطويرها، ومُؤثِّراً في مختلف جوانب الحياة الفردية والمجتمعية، مُشكِّلاً بذلك أساساً للتفاعل والتعاون بين أفراد المجتمع، وفيما يأتي أبرز الجوانب التي يتجلّى فيها تأثير التضامن الاجتماعي:

الهوية الاجتماعية: بناء الانتماء والتماسك 

يؤدّي التضامن الاجتماعي دوراً مِحورياً في بناء الهوية الاجتماعية للأفراد والمجموعات، وتعزيزها؛ فبالتفاعل والتعاون والعمل التطوّعي المُستمِرّ، يُطوّر الأفراد إحساساً قوياً بانتمائهم إلى جماعات مُعيَّنة؛ سواء كانت عائلية، أو مهنية، أو ثقافية، أو وطنية، وهذا الشعور بالانتماء يُولِّد مشاعر التعاطف والتضامن بين أعضاء المجموعة الواحدة؛ سواء في الجوانب الاجتماعية، أو الثقافية، أو السياسية، ممّا يُسهم في خلق هويات جماعية متماسكة تُشكِّل بدورها أساساً متيناً للعمل المشترك.

الروابط المجتمعية: تعزيز شبكات الدعم والحماية 

يؤدّي التضامن الاجتماعي دوراً مِحوَريّاً في تعزيز العلاقات بين أفراد المجتمع الواحد، وتوطيدها، وبهذا التضامن تُبنى جسور التواصل والترابط بين مختلف شرائح المجتمع، ونتيجة لذلك تتشكَّل شبكة دعم اجتماعي متينة ومتماسكة تمثِّل مِظلَّة الحماية للجميع، وهذه الشبكة ذات أهمية، لا سِيَّما للفئات الأكثر ضعفاً وحاجة في المجتمع؛ ككبار السنّ، والأطفال، وذوي الإعاقة، وبهذا النسيج الاجتماعي القوي، يصبح المجتمع أكثر قدرة على تلبية احتياجات أفراده جميعهم، وتوفير الدعم المادّي والمعنوي اللازم لهم.

التحديات العالمية: توحيد الجهود لمواجهة المشكلات المشتركة

يُعَدّ التضامن الاجتماعي مبدأً أساسياً في مواجهة التحدّيات العالَمية المُعاصرة؛ فهو يُجسِّد القِيَم الإنسانية الأساسية المُتمثِّلة بالتماسك، والمُساواة، والتآزُر، ممّا يجعله أداة فعّالة في التصدّي للمشكلات العالمية المُلِحّة، مثل تغيُّر المناخ، ويُوفِّر التضامن إطاراً للعمل المشترك؛ فهو يُمكِّن المجتمعات من توحيد جهودها؛ لمواجهة القضايا على نحو جماعي وفعّال، وبتعزيز الشعور بالمسؤولية المشتركة، يُساعد التضامن على خلق استجابات مُنسَّقة ومتكاملة للتحدّيات التي تواجه البشرية جمعاء.

كما يُسهم التضامن الاجتماعي في تشجيع السلوكات الصديقة للبيئة، ومُمارَسات الأعمال المُستَدامة؛ فالأفراد الذين يتبنَّون قِيَم التضامن، يُظهرون مَيلاً أكبر نحو الانخراط في أنماط سلوكيَّة تُراعي البيئة وتُحافظ على مواردها، وهذا الارتباط الوثيق بين قِيَم التضامن والسلوكات المُستَدامة، يفتح آفاقاً واعدة لاستخدام مفهوم التضامن باعتباره أداة فعّالة في تحفيز المجتمع على اتِّخاذ إجراءات ملموسة لحماية البيئة.

ويُسهم التضامن في استجابة المجتمع للأزمات؛ فهو يُحفّز على تبنّي سلوكات إيجابية تتَّسِم بالمرونة، والكرم، والدَّعم المتبادل بين أفراد المجتمع، وهذه السلوكات تُسهم في بناء نسيج اجتماعي أكثر متانة وقدرة على مواجهة الأزمات، وبدلاً من اللجوء إلى تخزين الموارد في تلك الأوقات، يُشجِّع التضامن على المشاركة والتعاون الفعّال، وهذا يُخفِّف حِدَّة الأزمة؛ بتوزيع أكثرَ عدالةً للموارد، فيصبح المجتمع أكثر قدرة على التكيُّف والصمود في مواجهة الظروف الصعبة.

الصحة النفسية والجسدية: تحسين الرفاهية بالدعم المتبادل 

يؤدّي التضامن الاجتماعي دوراً مهمّاً في تعزيز الصحة النفسية والجسدية للأفراد؛ فتبادل الأشخاص الدَّعم والتشجيع فيما بينهم يخلق بيئة إيجابيّة تساعدهم على تخفيف الضغوط النفسية اليومية، وهذا التفاعل الإيجابي يُعزّز الشعور بالأمان، ممّا يُسهم في تحسين الحالة المزاجية، وتقليل مخاطر الإصابة بالاكتئاب والقلق، بالإضافة إلى أنّ الدعم الاجتماعي يمكن أن يُشجِّع على تبنّي عادات صِحّية أفضل، مثل: ممارسة الرياضة الجماعية، أو تبادل نصائح عن التغذية السليمة، ممّا ينعكس إيجاباً على الصحّة الجسدية للأفراد.

العدالة الاجتماعية: دفع عجلة التغيير نحو مجتمع أكثر إنصافاً 

يؤدّي التضامن الاجتماعي دوراً مِحوَرياً في تحقيق العدالة الاجتماعية وبناء مجتمع أكثر إنصافاً؛ فهو يُعزّز الشعور بالمسؤولية الجماعية تجاه قضايا المجتمع، ويدفع الأفراد إلى الاعتراف باحتياجات الآخرين، والظلم الذي قد يواجهونه، وهذا الوعي المُتزايد يُحفِّز العمل الجماعي؛ لمواجهة أشكال الظلم المختلفة وعدم المساواة الاجتماعيّة؛ فبالمناصرة الجماعية يتَّحِد الأفراد؛ لتغيير السياسات غير العادلة.

ويتجلّى التضامن في المُبادَرات المجتمعية؛ كإنشاء برامج تعليمية مجّانية، أو مراكز صِحّية في المناطق النائية، وعلى الصعيد الاقتصادي، يُسهم التضامن في تقديم الدعم المادّي للمحتاجين؛ بجَمع التبرُّعات، أو توفير فرص العمل، ويُسهم أيضاً في خلق شبكات دَعم قوية بين الناشِطين والمُنظَّمات العاملة في مجال العدالة الاجتماعية، ممّا يُعزّز جهودهم في إحداث تغيير إيجابي وملموس نحو مجتمع أكثر عدلاً وشموليةً.

المراجع

[1] abc.net.au, We need a paradigm shift from social isolation to social solidarity
[2] sciencedirect.com, On the importance of solidarity for transforming social systems towards sustainability
[3] typeset.io, Why is solidarity important for social justice? 
[4] api.scienceweb.uz, The Importance Of Social Solidarity In Society
[5] ncbi.nlm.nih.gov, Social Solidarity, Human Rights, and Collective Action

October 14, 2024 / 12:42 AM

أخبار ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.