جار التحميل...
يرتبط الانتقاد بين الزوجَين أحياناً كثيرة بتوجيه الإهانات، أو بالنَّقد غير البَنّاء، أو بوصف الطرف الآخر بالصفات السلبية؛ كاتِّهامه بأنّه عديم الفائدة، أو بأنّه لا مُبالٍ، أو بأنّه طائش، وغيرها من الأحكام السلبية.
وعُموماً، ينتج عن هذا النوع من الانتقاد بقاء السلوك المُزعِج المُراد تغييره كما هو، أو تفاقُمه؛ لعدم استجابة الناس عموماً، والأزواج خصوصاً، للحوار الذي يحمل طابع الهجوم، أو عدم الاحترام؛ ممّا يعني أنّ الانتقاد المُتكرِّر لا يُعَدّ حلّاً فعّالاً ولا صِحِّيّاً للتغيير.
وقد يترَتّب على الانتقاد المُتكرِّر آثار سلبية أخرى، من أبرزها: انخفاض الرضا عن العلاقة الزوجية لكلا الزوجين، وقلّة الرغبة في التعاون لأداء المسؤوليات المشتركة، إلى جانب ارتفاع مُعدّل المشكلات والصراعات بينهما، فضلاً عن عدم الرغبة في التقرُّب أحدهما إلى الآخر غالباً؛ بسبب تشكُّل الحواجز والعوائق فيما بينهما؛ ممّا يُقلِّل احتماليَّة تكوين علاقة زوجيَّة صِحِّيَّة وسعيدة.
وعلاوة على ذلك، قد يترتَّب على الانتقاد أيضاً شُعور الشريك بالرفض، والأذى، وعدم التقدير، وعدم الاحترام، وما قد تُسبِّبه هذه المشاعر من انخفاض احترام الذات، وقد تصِل الآثار السلبية الأكثر سوءاً إلى زيادة خطر الإصابة بأعراض الاكتئاب في بعض الحالات.
ينبغي أن يتعاون كلا الزوجين لحلّ مشكلة الانتقاد في العلاقة، وأن يتَّبعا الطرق والوسائل التي تُسهِم في دعم التواصل الصِّحِّي، وتعزيز العلاقة الزوجية السعيدة، وفي ما يأتي أبرز هذه الوسائل:
غالباً ما يتجاهل الأشخاص غير السُّعداء الأمور الإيجابية المحيطة بهم، ويبحثون عن تلك السلبية فقط، أو يُفسّرون الأمور بسلبية؛ ليُؤكِّدوا لأنفسهم أنّهم على حقّ في شُعورهم بالتعاسة؛ فالشخص الذي لا يشعر بالرضا عن علاقته الزوجية، سيُفسِّر الأشياء بالكثير من السلبية والانتقاد.
وهنا، يأتي دور الوعي؛ بالبحث عن مصدر التعاسة الحقيقيّ، وعلاجه؛ سواء كانت ظروفاً صعبة يمرّ بها الزواج، أو ظروفاً خارجية أخرى تتعلَّق بالحياة أو العمل، مثل: ضائقة مالية، أو إصابة أحد الأحِبّاء بمرض، أو التفكير في أمر مصيريّ، أو غيرها من القضايا التي تستدعي القلق.
وقد يرجع السبب الأساسيّ للانتقاد إلى البحث المُفرِط لدى بعض الأزواج عن الكمال أو المثالية في الشريك، والذي قد ينتج لأسباب كثيرة، إحداها الشُّعور بالنقص بما يخلق لديهم رغبة في انتقاد شريكهم؛ ليكونوا أكثر رضاً عن أنفسهم، ويُمكن أن تتطوّر الرغبة في الكمال -في بعض الحالات- لتُصبح اضطراباً نفسياً بحاجة إلى علاج سلوكيّ.
وهنا، ينبغي أن يتعاون الزوجان في البحث عن السبب، ومحاولة علاجه، إلى جانب أنّ فهم الطرف المُتعرِّض للانتقاد هذه الأسباب تزيد ثقته بنفسه؛ لإدراكه أنّ الانتقادات ليست نتيجة عيب أو مشكلة فيه.
يُمكن اللجوء إلى السلوك الإيجابيّ في التبنّيه؛ باعتماد الكلمات اللطيفة التي تسمح للشريك بإصلاح المشكلة، بعيداً عن اللوم، أو الهجوم، أو النقد اللاذع؛ فبدلاً من قول: "لقد تأخَّرنا عن الموعد، فأنت دائماً تُؤخِّرنا"، يُمكن قول: "تأخَّرنا عن الموعد، ويهمُّني فعلاً الوصول إلى الاجتماع في الوقت المُحدَّد".
على الأزواج التركيز على ما يُمكنهم التحكُّم فيه، أو تغييره، وفي المقابل، قبول تلك الأمور التي لا يُمكن تعديلها لسبب أو لآخر؛ إذ لن ينتج عن اللوم سوى مزيد من الصراع؛ فمثلاً، يُعَدّ انتقاد صفة شكلية أو جسدية عند الشريك ممّا ليس بإمكانه تغييره، أمراً لا طائل منه.
يُوصى الأزواج بالنظر إلى القضايا المختلفة من زوايا مُتعدِّدة؛ فالمُنتقِد ليس دائماً على حَقّ، وللحقيقة أكثر من وجه، ويُمكن أن يمُثِّل كلا الرأيَين الصواب، وليس ضروريّاً أن تجري الأمور وفقاً لوجهة نظر أحد الزوجَين وتفضيلاته دائماً، حتّى لو كان يرى صِحَّتها، وإنَّما يُمكن أن تجريَ على نحو آخر؛ لذا، لا بُدّ من الاطِّلاع على رأي الشريك دائماً، واحترامه، وقبول الاختلاف.
يترتَّب على الشريك الذي يتعرَّض للانتقاد حماية نفسه أوّلاً بالحصول على دعم العائلة، أو الأصدقاء، أو الأشخاص المُقرَّبين؛ إذ يُمكن لهذا الدعم أن يُعزِّز احترامه لذاته، ويُسهم امتلاك الأهداف والطموحات والقِيَم الخاصَّة في تكوين الهوية الشخصية أيضاً، ومن ثَمَّ التمتُّع بدرجة عالية من احترام الذات، حتّى عند مواجهة الانتقادات من الشريك.
ويُمكن لممارسة السلوكات الإيجابية المُتمثِّلة بإظهار الحبّ والمَودَّة والثّناء على الصفات الإيجابية لدى الشريك، فضلاً عن إظهار الرغبة في قضاء المزيد من الوقت معه، أن تحُدّ جميعها من انتقاداته، وتُشجِّعه في المقابل على تكرار هذه الأفعال الجيِّدة.