كيفية التعامل مع الأم القاسية أو الأب القاسي

وتتسبَّب قسوة الآباء والأُمَّهات في أضرار عاطفية ونفسية وعقلية عميقة، وفي بعض المراحل، يكون التكيُّف مع هذه القسوة، وإيجاد طرق فعالة للتعامل معها، أمراً ضروريّاً.

وفي ما يأتي نصائح عِدَّة قد تسهِم في تسهيل التعامل مع الأمّ القاسية، أو الأب القاسي؛ لتعزيز الفهم والتواصل، وبناء علاقات صِحِّية، وتحويل التحدِّيات إلى فُرَص للتقارُب والتعايُش بين أفراد الأسرة.

تقبُّل الواقع والتعايُش معه

ليس هناك أب مثاليّ، أو أُمّ مثالية؛ فلكلّ إنسان أخطاؤه، وظروفه، وسلبيّاته، وهذه الحياة ليست مستقرةً دائماً؛ إذ قد تنقضي بعض أيّامها بهدوء وسلام، بينما يحمل بعضها الآخر الأعباء والمشكلات.

لذا، لا بُدّ للأبناء من التفكير في ظروف والِديهم، والأسباب التي تدفعهما إلى التصرُّف بقسوة في المواقف العديدة، إلى جانب تعلُّم كيفية تقبُّل الواقع، والتأقلُم معه، والصبر عليه.

الصبر والدعاء للوالِدين

يُوصي الدين الإسلامي ببِرّ الوالِدَين، واحترامهما، والإحسان إليهما؛ إذ يُعَدّ ذلك من أعظم القِيَم التي تحثّ عليها الشريعة، وعلى الرغم من أنّ تعامُل الأمّ أو الأب قد يكون قاسياً ومُؤذِياً أحياناً؛ ممّا يجعل الأمر مُعقَّداً يحتاج إلى حكمة وصبر، فإنّ الأبناء يُنصَحون بتحمُّل طباعِهما الصعبة، والصبر على أذيَّتِهما، وعدم معاملتهما بالمثل، أو مقابلة التقصير بالتقصير؛ فاحترامهما والإحسان إليهما واجب، ويُؤجَر المرء على الصبر والاحتساب، وهم يُنصَحون أيضاً بالدعاء للوالِدَين بالهداية، وصلاح الحال.

الحفاظ على الهدوء النفسي

بعد أن يكبر الأبناء، غالباً ما يكونون قد اعتادوا على شخصيّات والديهم، وأصبحوا أكثر تقبُّلاً لتصرُّفاتهم، وتوقُّعاً لرُدود أفعالهم؛ لذا، لا بُدّ من تهدئة النفس، والتخلُّص من التوتُّر والقلق، وتجنُّب رُدود الأفعال العصبية، أو اتِّخاذ أيّ قرارات في لحظات الغضب، ويمكن أن تُسهِم تمارين التنفُّس، وتمارين الاسترخاء والتأمُّل، في الحفاظ على الهدوء والثبات في الأوقات الصعبة.

عدم رَدّ الإساءة بالإساءة

عندما يتعامل أحد الوالِدَين بقسوة، فإنّ الردّ بالمثل ليس خياراً صحيحاً؛ فمقابلة الإساءة بالإساءة، أو مواجهة قسوة الأب أو الأمّ بالأسلوب نفسه، لن يُؤدّي إلّا إلى تفاقُم الأمور، وزيادة حِدَّة الخِلاف. 

لذا، يُفضَّل الانتظار حتى تهدأ الأجواء، ثمّ بدء حوار هادئ وبَنّاء يجري فيه تبادل وجهات النظر بعقلانية وحكمة؛ ممّا يُسهِم في بناء فهم أفضل، ويُعزِّز فُرَص التوصُّل إلى حُلول فعّالة.

طلب النصيحة والمساعدة

لا مانع من التحدُّث إلى شخص يمكن الوثوق به عند مواجهة صعوبة في التعامل مع أب قاسٍ، أو أمّ قاسية؛ سواء من الأقارب الأكبر سِنّاً، أو من الأصدقاء، أو من المُعلِّمين، أو حتى باستشارة أحد الخبراء في العلاقات الأُسَرية؛ للتنفيس عن المشاعر الداخلية، ومحاولة إيجاد الحلول، ويمكن طلب المساعدة في ما يخصّ كيفية التعامل معهما، أو طلب التدخُّل في تقديم النصيحة لهما.

التفكير بالمستقبل

يُمكن لكلّ فرد أن يتحدّى ظروفه، ويُحدِّد مصيره بنفسه، ويضع الخُطَط والأهداف التي تضمن الوصول إلى واقع أفضل، وتحقيق مستقبل ناجح؛ فقسوة الأب أو الأمّ لن تدوم طويلاً، وسيأتي الوقت الذي يتمكَّن فيه الابن من شَقّ طريقه بنفسه. 

وفي هذه المرحلة، لا ينبغي للفرد أن يكون مُجرَّد نسخة عن والِديه، أو أن ينغمس في تصرُّفات أو ارتباطات خاطئة؛ هرباً من الواقع الحالي، وإنَّما يُنصَح بالجدّ والاجتهاد، وتحديد الأهداف الواضحة؛ لتحقيق النجاح؛ إذ ينبغي أن يستثمر في تطوير مهاراته ومعرفته، وأن يسعى إلى بناء علاقات صِحِّية وإيجابية مع مَن حوله؛ فاتِّخاذ خطوات واعية نحو التغيير سيُتيح له الفرصة لبناء حياة مهنية وشخصية مُرضِية، بعيداً عن التأثيرات السلبية التي واجهها في طفولته.

وختاماً، للتعامل مع الطِّباع الصعبة للآباء والأُمَّهات، والتي تُؤدِّي بهم إلى التعامل مع أبنائهم بقسوة، لا بُدّ من الحفاظ على السلام والهدوء النفسيّ قدر الإمكان، ومحاولة إيجاد الحلول الوسطية والنقاط المشتركة؛ لتقريب وجهات النظر، وعدم السماح للأجواء المشحونة بالسيطرة على الصحَّة النفسية والحياة المستقبلية قدر الإمكان.

المراجع

[1] letstalkaboutmentalhealth.com.au, 221: Difficult parents and how to deal with them
[2] theguardian.com, Horrible parents: a survival guide
[3] lillio.com, How to Deal With Angry Parents