جار التحميل...
تشكل الأنشطة البشرية المتمثلة بحرق الوقود الأحفوري مثل الفحم، والنفط، والغاز السبب الرئيسي للتغير المناخي، وذلك من خلال انبعاث غازات الدفيئة مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان، والتي تستقر في الغلاف الجوي وتحبس الحرارة، وبالتالي تؤدي إلى ارتفاعها، بينما تشمل الأسباب الطبيعية بتغير نشاط الشمس، والانفجارات البركانية المتتالية، وغيرها.
وهذه التغيرات دفعت العديد من الدول حول العالم إلى بذل الجهود واتّخاذ مجموعة من الإجراءات التي تساهم في مواجهة مشكلة التغير المناخي والحدّ منها، وقد تمثلت أبرز تلك الجهود بالنقاط الآتية:
اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC) هي معاهدة دولية تم اعتمادها عام 1992، ودخلت حيز التنفيذ في عام 1994، إذ تهدف مواجهة التغير المناخي والتخفيف من آثاره السلبية على البيئة، وقد شكلّت هذه الاتفاقية أساس التعاون الدولي في مجال تغير المناخ، وتجتمع الدول الأعضاء في الاتفاقية سنوياً لرصد وقياس التقدم المحرز في الأهداف المقررة، والتفاوض بشأن الاستجابات متعددة الأطراف لتغير المناخ.
ويعقد سنوياً مؤتمر الأطراف (COP) التابع لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، إذ يجتمع قادة العالم للتفاوض واتخاذ قرارات بشأن التغير المناخي، ويهدف كل مؤتمر إلى تشجيع الدول لتقديم المزيد من الالتزامات للحد من الانبعاثات وتقديم الدعم المالي والتقني للدول النامية لمساعدتها على التكيف مع آثار التغير المناخي.
وقد نتج عن التعاون الدولي ضمن هذه الاتفاقية والمؤتمرات التابعة لها خفض انبعاثات غازات الدفيئة والكربون، وتعزيز الاستدامة البيئية، وتوجه دول العالم لاستخدام الطاقة المتجددة كبديل للوقود الأحفوري ومشتقاته.
شكلّ بروتوكول كيوتو "Kyoto Protocol" جزءاً من اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية، إذ اعتُمدّ في عام 1997، وأصبح قانوناً دولياً في عام 2005، ويهدف إلى تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة لتخفيف تأثيرات تغير المناخ.
وقد نصّ البروتوكول على التزامات محددة للدول المتقدمة لتقليل انبعاثاتها من الهيدروكربون بنسبة 5.2 % بحلول عام 2012، كما تعهدت الدول الأعضاء من الاتحاد الأوروبي بخفض نسبة الانبعاثات إلى 8%، بينما كان تعهد الولايات المتحدة وكندا بتخفيضها بنسبة 7%.
وبموجب بروتوكول كيوتو، تم إنشاء آلية التنمية النظيفة (CDM) التي تتيح للدول المتقدمة الاستثمار في مشاريع خفض الانبعاثات في الدول النامية، إذ يمكنها الحصول على "أرصدة الكربون" من خلال دعم مشاريع مثل طاقة الرياح، أو الطاقة الشمسية، أو الغابات المستدامة في الدول النامية.
على الرغم من عدم التزام بعض الدول الصناعية الكبرى بأهدافها بالكامل، فإن بروتوكول كيوتو يعد خطوة تاريخية هامة في التعاون الدولي للحد من آثار التغير المناخي، إذ وضع حجر الأساس لاتفاقيات لاحقة، مثل اتفاقية باريس، التي تسعى إلى تحقيق أهداف أكثر شمولية.
اتفاقية باريس للتغير المناخي "Paris Agreement" هي معاهدة دولية تم اعتمادها عام 2015 خلال مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي (COP21) الذي عُقد في مدينة باريس، إذ تهدف إلى الحدّ من ارتفاع درجات حرارة الأرض إلى أقل من 2 درجة مئوية.
فقد ارتفعت درجة حرارة الأرض بمقدار 1.1 درجة مئوية عمّا كانت عليه قبل الثورة الصناعية، وذلك وفقاً لتقييم عام 2021 أجراه الفريق الدولي المختص بتغير المناخ.
وبناءً على هذه الاتفاقية، طُلب من الدول تقديم مساهماتها الوطنية المحددة (NDCs) التي تحدد أهدافها الخاصة بخفض الانبعاثات والتكيف مع آثار التغير المناخي، مع مراجعة وتحديث هذه المساهمات كل خمس سنوات.
وقد شجعت الاتفاقية كافة دول العالم وخاصةً المتقدمة على تقديم مساهمات وطنية داعمة للحد من التغير المناخي، وتوفير التمويل اللازم للدول النامية لمساعدتها على التكيف مع هذه التغيرات، وتمكينها من استخدام وسائل التكنولوجيا في تحقيق الاستدامة البيئية، مما جعلها علامة بارزة في الجهود العالمية لمواجهة التحديات البيئية.
تم تحقيق عدد من أهداف اتفاقية باريس المتمثلة بإنشاء صندوق مالي للخسائر والأضرار بهدف معالجة الاختلال الحاصل في تغير المناخ ما بين الدول المتقدمة والدول النامية، وذلك بتقديم الدعم المادي للدول الفقيرة التي لا تتسبب بالانبعاثات لكنها تتعرض للكوارث المناخية بشدة، إضافة إلى التزام الدول بالحدّ من انبعاث غاز الميثان الذي يُعدّ الأساس في التغير المناخي.
يتجه العالم نحو الطاقة المتجددة كجزء من الجهود العالمية التي تهدف إلى الحدّ من الانبعاثات الكربونية وتحقيق الاستدامة البيئية، بهدف تقليل الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية؛ مثل النفط، والغاز الطبيعي، والفحم، التي تسبب انبعاثات كبيرة من غازات الدفيئة وبالتالي تغير المناخ، واستبدالها بمصادر طاقة نظيفة ومتجددة؛ مثل الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والطاقة المائية.
فمثلاً أظهرت الولايات المتحدة الأميركية تحولها نحو الطاقة المتجددة بالاعتماد على الطاقة الشمسية والكهرومائية وطاقة الرياح في توليد الكهرباء بنسبة 80%، إذ تُشكّل الطاقة الشمسية حالياً مولداً كهربائياً بنسبة 3% في الولايات المتحدة، متمثلة بالألواح والبطاريات الشمسية وغيرها، بينما شكلّت طاقة الرياح ما نسبته 9%.
تلتزم دولة الإمارات العربية المتحدة بمواجهة تحديات التغير المناخي من خلال استراتيجيات شاملة، بما فيها استراتيجية الإمارات للحياد المناخي التي تهدف إلى تقليل انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 40% بحلول عام 2030، والوصول إلى مرحلة 0% بحلول عام 2050، وقد أُطلقت هذه الاستراتيجية في عام 2021، لتحديد الطموح المناخي لدولة الإمارات، ثمّ أُطلق المسار الوطني للحياد المناخي عام 2022، والذي يحددّ الجدول الزمني وكيفية التنفيذ بمختلف المراحل.
فضلاً عن ذلك، تؤدي دولة الإمارات العربية المتحدة دوراً ريادياً في الحوار العالمي حول المناخ، من خلال استضافتها لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP28) عام 2023 في دبي بمشاركة 198 دولة، بهدف بناء مستقبل مستدام للبشرية، وحماية كوكب الأرض، ومكافحة التغير المناخي.
كما أطلقت دولة الإمارات صندوقاً للاستثمار المناخي برأس مال مقداره 30 مليار دولار كبرنامج تحفيزي لدعوة دول العالم للمشاركة في مواجهة التغير المناخي.
المراجع
[1] un.org, What Is Climate Change?
[2] britannica.com, Kyoto Protocol
[3] nrdc.org, What Are the Solutions to Climate Change?
[4] moccae.gov.ae, استراتيجية الإمارات للحياد المناخي 2050
[5] mofa.gov.ae, COP28.. "اتفاق الإمارات" التاريخي يرسي معايير جديدة للعمل المناخي العالمي