جار التحميل...
وفي هذا المقال طرح لعدد من الأساليب والاستراتيجيات الذكيّة؛ لمعرفة كيفية التعامل مع الطفل الذي يرفض الدراسة، وفي ما يأتي أبرزها:
يكمن حلّ مشكلة رفض الطفل الدراسةَ بدايةً في قبول مهاراته، وعدم رفع مستوى التوقُّعات منه على نحو مُفرِط؛ إذ غالباً ما يميل الأهل إلى وضع توقُّعات وآمال عالية على عاتق أطفالهم في المجالات جميعها، ممّا يُشكّل عبئاً عليهم، ومصدر قلق عندما لا يتمكّنون من تحقيق هذه التوقُّعات، بينما يُمكنهم تقبُّل قدرات أطفالهم، وضع توقُّعات مناسبة، ممّا يُعزِّز دوافعهم نحو العمل بجِدِّية أكبر في بيئة أقلّ ضغطاً.
الدراسة مع الطفل، لا سِيّما في المراحل الأولى من التعليم، تمنحه الدعم والتشجيع اللازِمَين لإكمال مَهامّه الدراسية، وتُعزِّز علاقته بوالِديه، وفي كثير من الأحيان، قد يتردّد الطفل في الاعتراف بصعوبة الموادّ الدراسية التي يواجهها، وقد يشعر أيضاً بصعوبة في طلب المساعدة، لذا من المهمّ أن يجلس الوالِدان مع أطفالهم في أوقات الدراسة؛ لمعرفة الموضوعات التي يجدها الطفل صعبةً، ويحتاج إلى المساعدة فيها، وتقديم الدعم اللازم.
إيجاد مساحة خاصَّة للدراسة من شأنه أن يُشجِّع الطفل على تحقيق أداء أفضل؛ إذ سيشعر حينها أنَّه يمتلك مكاناً خاصّاً يُمكنه تزيينه بألوانه المُفضَّلة ليكون ممتعاً وجَذّاباً، وبذلك سيتمكّن من عزل نفسه عن المُشتِّتات الخارجية؛ فمثلاً إن كانت طاولة الدراسة هي طاولة الطعام في وسط المنزل، فقد يواجه الطفل عدداً من المُشتِّتات التي تُعيقه عن التركيز، ويجدر بالذكر أنّ الأمر لا يتطلّب مساحةً كبيرةً، بل يمكن تخصيص زاوية في غرفته، ووضع طاولة مكتب وكرسيّ فيها.
إنّ أكثر شيء يُفضِّله الأطفال هو اللعب، لذا يمكن أن يساعد التعلُّم باللعب الطفلَ على تقبُّل الدراسة؛ كي يجدها ممتعةً أكثر، ولا يُعَدّ التعلُّم باللعب مضيعةً للوقت؛ فهو لا يُعَدّ مُجرَّد لَعِب حُرّ، وإنّما أنشطة مُمَنهَجة تُساعد الطفل على اكتساب معرفة جديدة بأسلوب مُمتِع.
الطفل فضوليّ بالفِطرة، ويُحبّ استكشاف العالَم من حوله وفهمه، لذا يمكن تعزيز هذه الصفة لديهم تجاه الدراسة؛ من خلال تحفيزه على طرح الأسئلة باستمرار دون إظهار الانزعاج من كثرة أسئلته، وتُعَدّ هذه خطوة مهمّةً في عملية التعلم؛ فعلى سبيل المثال، إن سأل الطفل: "لماذا السماء زرقاء؟"، فيمكن الإجابة عن سؤاله بسؤال آخر يُحفِّزه على التفكير، مثل: "ما رأيك أنت؟"؛ بهدف تنمية شعوره بالفضول، ممّا يدفعه إلى حُبّ التعلّم.
لا بُدّ من متابعة تقدُّم الطفل في المدرسة؛ بالتواصل المنتظم مع المعلّم؛ فمن شأن الاهتمام بمعرفة ما يواجهه الطفل في المدرسة أن يساعد الأهل في فهم سلوك الطفل تجاه الدراسة، ويمكن للأهل الاستفسار من المعلمين عن مدى انتباه أبنائهم في الحصص الصفّية، ومناقشة نتائجهم المدرسية، والاهتمام بتحسينها، والإلمام بالمشكلات التي يُعاني منه الطفل في المدرسة -إن وُجِدت-، وهذه المتابعة المُستمِرّة ستساعد الوالِدين في تحديد نقاط الضعف لدى أطفالهم، وفهم أسباب رفضهم الدراسة، ممّا يُمكِّنهم من التركيز عليها ومعالجتها.
يختلف الأطفال في سُبُل تعلُّمهم المُفضَّلة؛ إذ يميل بعضهم إلى التعلّم بالتجربة والعروض العملية، بينما يجد آخرون أنّ القراءة هي الوسيلة الأسهل بالنسبة إليهم، لذا لا بُدّ من تجربة أساليب تعليمية متنوّعة مع الطفل؛ لمعرفة الوسيلة التي تناسبه أكثر، واعتمادها في الدراسة.
إنّ إعداد جدول دراسي يُراعي فيه الأهل أوقات دراسة الطفل، وراحته، ويُرتِّب أولويّاته، يمكن أن يجعل من الدراسة روتيناً يوميّاً يعتاده الطفل مع الوقت، على أن يحرص الأهل على كتابة الجدول بعناية؛ فالجدول غير المتوازن قد يسبّب مشكلة أكبر؛ فعلى سبيل المثال، من شأن الطفل أن يشعر بالاستياء عند تخصيص وقت طويل للدراسة مقابل وقت قصير للعب، ممّا يؤدّب به إلى رفض الالتزام به، لذا ينبغي التحقُّق من أنّ الجدول يتضمّن أنشطة ترفيهية كافية إلى جانب أوقات الدراسة؛ لضمان توازن الطفل على نحو صِحّي ومُشجِّع.
أصبح العالَم مليئاً بالأجهزة الإلكترونية التي تجذب انتباه الطفل وتكون سبباً في رفضه الدراسة؛ كالهواتف الذكيّة، وأجهزة التلفزيون؛ فهي مليئة بالمُسلِّيات، مثل: الألعاب، والبرامج الممتعة، والإنترنت، لذا على الأهل مراقبة عادات استخدام الطفل لهذه التكنولوجيا، والتأكُّد من تحديد أوقاتٍ مُعيَّنة لاستخدامها أو تصفُّحها بدلاً من السماح له بقضاء الكثير من الوقت في ذلك؛ لضمان عدم تأثيرها سلباً في دراسته.
وختاماً، قد يرفض الطفل الدراسة بسبب مشكلة قد لا يتمكّن الوالِدان من التعامل معها؛ كمعاناته من صعوبات التعلّم، أو الاضطرابات، مثل: اضطراب نقص الانتباه، واضطراب فرط الحركة، واضطراب عُسر القراءة، ولا بُدّ هنا من طلب المساعدة المُتخصِّصة، والبحث عن علاج مناسب للطفل، أو البحث عن المراكز المُتخصِّصة في مثل تلك المشكلات، والمُتابعة معها؛ لمساعدة الطفل على تطوير مهاراته.