جار التحميل...

mosque
partly-cloudy
°C,
كنوز دفينة بالانتظار

مساعدة الأبناء على اكتشاف موهبتهم تسهم في تعزيز شخصيتهم

09 أكتوبر 2024 / 9:05 AM
مساعدة الأبناء على اكتشاف موهبتهم تسهم في تعزيز شخصيتهم
download-img
اكتشاف مواهب الأبناء، وتنميتها ركيزتان أساسيّتان في بناء شخصياتهم، وتعزيز نجاحاتهم المستقبلية؛ فعندما يكتشف الآباء نقاط القوة الفريدة لدى أبنائهم، ويدعمونها، فإنَّهم يُعزِّزون بذلك ثقتهم بأنفسهم.

وجزءٌ كبير من الوعي بالذات وتقديرها لدى الطفل يأتي من شعوره بالكفاءة والمهارة في مجال يستمتع به، بالإضافة إلى أنّ اكتشاف المواهب يُنمّي الشغف والدافعية لديه، ويُساعده في تطوير المهارات الأساسية المهمة؛ كالمرونة، والثقة، والتنظيم، ممّا يدفع الطفل إلى بذل الجهد اللازم للتميُّز.

ويُحسِّن اكتشاف مواهب الأبناء نُمُوّ أدمغتهم، وتطوُّرهم الذهني، ويفتح آفاقاً جديدة للتعبير الإبداعي، مُسهِماً في تكوين شخصيات متكاملة قادرة على مواجهة تحدّيات الحياة بثقة وإبداع، وتجدر الإشارة إلى أنّ هناك قدرات مميَّزة تكمُن في كلّ طفل تنتظر مَن يكتشفها ويرعاها، والوالِدان دور محوري في هذه الرحلة الاستكشافية، وهذا الدور يكمن في توفير البيئة المثالية لنُمُوّ مواهب أطفالهم، ولكن كيف لمساعدة الأبناء أن تكشف عن موهبتهم؟

المراقبة الهادفة: مفتاح اكتشاف المواهب الكامنة

مراقبة الطفل أداة حيوية لاكتشاف مواهبه الكامنة وتنميتها، وتتطلّب هذه العملية ملاحظة دقيقة لسلوكاته واهتماماته عبر مجموعة متنوعة من المواقف، ومن الضروري منح الاهتمام للأنشطة التي يُبادر إلى اختيارها، والمهامّ التي يُظهر فيها تفوّقاً طبيعياً وحماساً استثنائياً أو براعةً ملحوظةً، وتوثيق الملاحظات اللازمة عن تلك الأنشطة؛ لتسهيل تتبّع مراحل تطوُّر مواهبه بمرور الوقت.

ويُشار هنا إلى أنّ التعاون الوثيق مع المعلمين وغيرهم من المُؤثِّرين في حياة الطفل أمرٌ بالغُ الأهمية؛ لتكوين رؤية شاملة لقدراته، وهذه المراقبة الهادفة تُمكِّن الوالدين من تهيئة الفُرَص المثالية؛ لتنمية مواهب طفلهم ودعمه في اكتشاف إمكاناته الكامنة، ممّا يُعزّز ثقته بنفسه، ويُمهِّد السبيل لتميُّزه وتألُّقه في المستقبل.

الحوار المفتوح: بوابة؛ لفهم اهتمامات الطفل

إشراك الطفل في عملية اكتشاف مواهبه خطوة أساسية لا بُدّ منها؛ بالتحدُّث معه عن الأنشطة التي يستمتع بها، والمجالات التي يشعر بتفوُّقه فيها، وهذا النهج يُساعد في تكوين صورة أوضح عن اهتماماته ونقاط قوّته؛ فالحوار المفتوح مع الطفل يُمكن أن يكشف عن جوانب قد لا تكون واضحةً للوالِدَين بالمُراقَبة وحدها؛ إذ يمكن أن يُعبِّر عن شغفه بنشاط مُعيَّن، أو يشارك أفكاره عمّا يجِده ممتعاً ومثيراً للاهتمام.

وتُساعد هذه المحادثات أيضاً في بناء الثقة بين الوالدين والطفل، وتُشجِّع الطفل على التفكير في قدراته واهتماماته على نحوٍ واعٍ، وتمنح الوالدين فرصة؛ لفهم وجهة نظره، وتقديم الدعم المناسب؛ لتنمية مواهبه، ومن المهمّ مراعاة تغيُّر آراء الطفل واهتماماته مع الوقت، لذا يُفضَّل إجراء هذه المحادثات بانتظام؛ لمتابعة تطوُّر مُيوله ومواهبه.

التنوع في الأنشطة: توسيع آفاق الاكتشاف مع مراعاة التوازن

مشاركة الأبناء في مجموعة واسعة من الأنشطة في مجالات متنوعة؛ كالرياضة، والفنون، وغيرها، وسيلة فعّالة لتوسيع آفاقهم، واكتشاف مواهبهم الكامنة؛ فهذا النهج يزيد فُرَص العثور على المجالات التي تُثير اهتمام الطفل، وتتوافق مع قدراته الفطريّة، ومن الضروري الحفاظ على إدارة وقت الطفل أثناء ممارسة الأنشطة على نحو متوازن، ومنح الطفل الوقت الكافي للعب الحر؛ لأنّ عكس ذلك قد يؤدي إلى إرهاقه وتوتُّره.

والاعتدال في الأنشطة عنصر أساسيّ؛ لتجنُّب تعريض الطفل لضغوطات غير ضرورية؛ فبينما يهدف هذا الأسلوب إلى اكتشاف الأنشطة التي يتفوّق فيها الأبناء، تُسبّب المُبالَغة في عدد الأنشطة، والمنافسة، إلى الشعور بالإجهاد النفسي، بالإضافة إلى أنّ تسجيل الطفل في أنشطة متعددة ومتنوعة، وتوقُّع مستوىً عالٍ من الأداء والتميُّز فيها كاملةً، قد يكون ذا تأثير سلبي يفوق فوائده المُتوقَّعة؛ لأنّ الغاية الأساسية من ذلك تتمثّل بالمُتعة واكتشاف الشغف؛ فالنهج المتوازن يُسهم في تنمية مواهب الطفل، وتطوير شخصيّته على نحو صحّي ومتكامل.

احترام ميول الطفل: تجنب فرض تطلعات الوالدين

إتاحة الحُرّية للأبناء؛ لمعرفة اهتماماتهم الخاصّة، من الوسائل الفعّالة في مساعدتهم على الكشف عن مواهبهم الحقيقية، ويتطلّب هذا النهج من الوالدين تجنُّب فرض أحلامهم، أو تطلُّعاتهم على أبنائهم، وعليهم إدراك أنّ كلّ طفل يمتلك مجموعةً فريدةً من المواهب والاهتمامات التي قد تختلف تماماً عمّا يتوقَّعونه أو يرغبون فيه، لذا يجب التركيز على توفير بيئة داعِمة تُشجِّع اكتشاف المواهب الذاتي للأبناء، ممّا يُمكِّنهم من الكشف عن مواهبهم الكامنة على نحو طبيعيّ، ويُعزّز ثقتهم بأنفسهم، ويطوّر استقلاليتهم واعتمادهم على أنفسهم، ويُعزِّز هذا الأسلوب العلاقة بين الوالدين والأبناء، ممّا يُشعِر الأبناءَ بالتقدير، والدعم من الوالدين.

تقوية العزيمة: تعزيز المثابرة، والتعلّم من الأخطاء

المثابرة من الصفات الأساسية في مسار تطوير المواهب والمهارات الجديدة؛ فهي تُركِّز على تعليم الأبناء كيفية المواظبة على جهودهم، وتقبُّل الأخطاء بعَدِّها جزءاً طبيعياً من عملية التعلُّم؛ فالأخطاء والتحدِّيات جزءٌ لا يتجزّأ من الحياة؛ لذا يُعَدّ تعليم الأبناء النَّظر إلى هذه العقبات باعتبارها فُرصاً للتعلُّم والنمو مهارةً قَيِّمةً يُمكن اكتسابها منذ الصِّغر، وبالدعم والتشجيع المناسبين، يتعلَّم الأبناء كيفية التعامل مع الصعوبات التي يواجهونها بإيجابية.

ويُساعد هذا النهج الأبناء على الخروج من التجارب الصعبة بقُوّة وإرادة بدلاً من الشعور بالإحباط، ويتعلَّمون أنّ الفشل لا يُمثِّل النهاية، بل هو خطوة في طريق النجاح والتطوّر، وتشجيع الأبناء على المثابرة يُسهم في تعزيز قدرتهم على الصبر والإصرار، وهما صفتان ضروريّتان لصقل المواهب، وفي الوقت نفسه، يُعزِّز تقبُّل الأخطاء الثقة بالنفس، ويُقلِّل الخوف من المحاولة، ممّا يُتيح المجال لاكتشاف مواهب جديدة.

الممارسة المنتظمة: ترسيخ المهارات، وتعزيز الثقة

الممارسة المنتظمة عنصر أساسيّ في تنمية مواهب الأطفال واكتشاف قدراتهم الكامنة؛ فهي تُتيح للأبناء ترسيخ مهاراتهم، وزيادة ثقتهم بأنفسهم، ممّا يجعلهم أكثر كفاءة وتحفيزاً لمواصلة التطوّر، بالإضافة إلى أنّ الالتزام المُستمِرّ يُعلِّم الأبناء درساً قَيِّماً بأنَّ النجاح لا يأتي فوراً، بل يتطلّب وقتاً وتفانِياً وصبراً.

وهذا النوع من الوعي يُعَدّ ذا قيمة عالية في عدد من القضايا التي ستُشكِّل جزءاً من مسار حياتهم؛ فبالممارسة المنتظمة يتعلَّم الأطفال كيفية بناء عادات إيجابية، والحفاظ عليها، وتُساعد الممارسة المُستمِرّة الأبناء على فهم نقاط قوّتهم وضعفهم على نحو أفضل، ممّا يُمكِّنهم من تحديد المجالات التي تحتاج إلى تطوير، وتلك التي يتفوّقون فيها طبيعياً.

التشجيع الإيجابي: الاحتفال بالإنجازات؛ لتحفيز التطور

الاعتراف بنجاحات الأبناء والاحتفال بها من الأمور البالغة الأهمية في تنمية مواهبهم وتعزيز ثقتهم بأنفسهم، لذا ينبغي تقدير الإنجازات والأهداف التي يُحقِّقها الطفل؛ سواء كانت كبيرة، أو صغيرة؛ كالحصول على درجات جيّدة في المدرسة، أو المشاركة في مباراة رياضية صعبة، أو التعاون مع الوالِدَين في حلّ موقف مُعقَّد، ويكون ذلك مثلاً باختيار هدية يرغبها الابن، أو المشاركة في نشاط ممتع، وغير ذلك من أسلوب المكافآت. 

ويُساعد تقدير الأبناء على الشعور بذواتهم، ويُحفِّزهم على مواصلة تطوير مواهبهم، وعندما يشعرون أنّ جهودهم ملحوظة ومُقدَّرة، يزداد حماسهم للتعلُّم والنمو، مع مراعاة أن يكون هذا التقدير صادقاً ومُتناسِباً مع الإنجاز؛ فالإفراط في المديح قد يؤدّي إلى نتائج عكسية، كما ينبغي أن يكون التقدير مُوجَّهاً نحو الجهد والعملية لا الاقتصار على الاهتمام بالنتيجة النهائية فقط.

 

وفي الختام، يُنصَح بالنظر إلى عملية اكتشاف مواهب الأطفال باعتبارها رحلة مشتركة بين الوالدين والأبناء، وهي تتَّسِم بالمرونة والانفتاح، ولا يقتصر الهدف الأساسي منها على تحديد الموهبة فقط، وإنّما تعزيز ثقة الطفل بنفسه وحُبّه للتعلّم والاستكشاف أيضاً؛ فالمواهب الحقيقية تنمو وتزدهر في جَوّ من الحُبّ والتشجيع المُستمِرّ، ممّا يُمهِّد الطريق نحو مستقبل مُشرِق ومليء بالإنجازات.

 

المراجع 
[1] cagliarimag.com, TALENT IN CHILDREN: 10 TIPS TO LEARN HOW TO RECOGNIZE IT
[2] edcaptain.com, Ways to help children to discover their talents
[3] christkengeri.com, How to identify your child's talent & nurture it
[4] kiddy123.com, Discover and Nurture Your Child’s Talents in 5 Steps
[5] mindscan.in, The Importance of Discovering and Nurturing a Child’s Talent Early

October 09, 2024 / 9:05 AM

أخبار ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.