جار التحميل...
والتنشئة الاجتماعية عمليَّة مُستمِرَّة يمارسها الآباء؛ بهدف تعليم الأطفال المهارات الضرورية للتكيُّف والعيش في المجتمع، إلى جانب القِيَم والمُعتَقَدات والسلوكات الصحيحة، ممّا يساعد الأطفال على التفاعل الإيجابيّ مع أفراد المجتمع؛ ليصبحوا ناجحين وسعداء في مجتمعاتهم.
ومن أبرز أدوار الأسرة في تنشئة الطفل اجتماعيّاً ما يلي:
تُعرَّف القِيَم بأنَّها المبادئ والمفاهيم التي يستند إليها الفرد؛ للتمييز بين الصَّواب والخطأ في تصرُّفاته وقراراته، وهنا يكمن دور الأسرة والوالدين تحديداً في إطلاع الطفل على القِيَم الإيجابية، وتعليمه كيفية تطبيقها؛ حتى يتمكَّن من النجاح والازدهار في المجتمع.
فعلى سبيل المثال، يمكن تعزيز قيمة الصدق عند الطفل؛ من خلال تشجيعه على قول الحقيقة في الأوقات جميعها، والثناء عليه عندما يكون صادقاً، وتعليمه التعاون؛ بتحفيزه على المساهمة في الأنشطة الجماعية، ومساعدة الآخرين، الأمر الذي من شأنه مساعدة الطفل على فهم هذه القيم، وتطبيقها في حياته اليوميَّة، والمساهمة في بناء شخصيَّته الإيجابية، وبالتالي تطويره بما يُمكِّنه من أن يصبح فرداً مسؤولاً في المجتمع.
غرس القِيَم الدينية وترسيخها لدى الأطفال من الجوانب الأساسية لتنشئتهم اجتماعيّاً؛ إذ إنَّ تنشئتهم على التعاليم الدينية الصحيحة والشاملة يسهم في تشكيل قِيَمهم وسلوكاتهم الإيجابية؛ من الأخلاق الحسنة، والتسامح، والرحمة، والعدل، وتطبيقها في حياتهم اليوميَّة.
إضافة إلى أنّ التعاليم الدينية تساعد الأطفال في فهم دورهم ومسؤولياتهم في المجتمع، وكيفية التعايش مع الآخرين بسلام واحترام بغض النظَّر عن اختلاف الأديان والثقافات، وهذا كلُّه سيمكّن الأطفال من تطوير فهم أعمق للمجتمع، وتكوين علاقات صحِّيّة مع الآخرين.
يبدأ الطفل بتعلُّم المهارات منذ ولادته؛ كالتحكُّم بأصابعه، والمشي، والتعبير عن المشاعر المختلفة، والتواصل بأشكاله، وغيرها، ويكمن دور العائلة هنا في تنمية وتطوير هذه المهارات؛ إذ من شأن هذا الأمر أن يسهم حتماً في بناء شخصيّة اجتماعية قوية وقادرة على التكيُّف والتفاعل مع المحيط الخارجي.
ومن المهارات الاجتماعية المهمة لتنشئة الطفل اجتماعياً التفاعل مع الآخرين وجهاً لوجه، والتعبير عن الأفكار والمشاعر والاحتياجات بردود أفعال مناسبة، والتواصل الفعّال مع الآخرين، وهذا يتحقَّق بالتفاعلات العائلية؛ كالتحدُّث إلى الطفل بانتظام والاستماع إليه.
يتأثَّر الأطفال بشكل كبير بسلوك أفراد أسرتهم، ويُقلِّدون ما يرونه باعتباره مِعياراً للسلوك الصحيح بالنسبة لهم؛ ولذلك، يجدر بالوالدين أن يُكوِّنا نموذجاً إيجابياً للسلوك الذي يرغبون في تعليمه لطفلهم، وهذا أكثر ما يضمن تنشئة سويَّة له، بما في ذلك تنشئته اجتماعيّاً.
يكمن دور العائلة هنا في تعليم الأطفال كيفية التعامل مع مختلف البيئات الاجتماعية التي تمتلك أساليبها الخاصة في التواصل والتفاعل، مثل: المنزل، والمدرسة، والملعب، وأماكن التعليم، وغيرها، على النحو الأفضل، وتعريفهم بها منذ صِغَرهم، ممّا يساعد في إكسابهم مهارات تواصل اجتماعية ضرورية.
ففي بيئة المدرسة مثلاً، يحتاج الطفل إلى تعلُّم احترام المعلمين وزملائه في الفصل، وطلب الإذن للخروج، وفي الملعب على الطفل أن يتعلَّم مهارات التعاون واللعب الجماعي، واحترام قواعد اللعب، أمّا في المنزل فمن المهمّ أن تُعرِّف الأسرة الطفل قواعد المشاركة في الأنشطة العائلية، والتعاون في أداء المهامّ المنزلية، ونحوه.
تتبع المجتمعات عادات وتقاليد تميّزها، وتعكس تاريخها وثقافتها وتراثها؛ لذا من المهم جدّاً أن تُعرّف الأسرة الأطفال بعادات المجتمع الذي يعيشون فيه؛ حتى يتفاعلوا معه على النحو الأمثل، ويبنوا بالتالي علاقات اجتماعية مُستقِرَّة، فعلى سبيل المثال، تحظى العائلة بأهمية كبيرة وتُعَدّ مركزاً مهماً للدعم الاجتماعي والعاطفي في غالبيَّة مجتمعاتنا العربية، وهذا ما يجعل غرس قِيَم الوفاء والدعم لأفراد العائلة في الأطفال مُهِمّاً، كما أنّ حُسن الضِّيافة ثقافة عربية أخرى بارزة تستلزم تعليم الأطفال كيفية الترحيب بالضيوف واحترامهم، وتقديم الضيافة لهم.
وإضافةً إلى ذلك، يُعَدّ دمج الأطفال في التجمُّعات العائلية والمناسبات أمراً شديد الأهمّية؛ إذ يعزّز مهارات التواصل الاجتماعي لديهم، ويمنحهم الفرصة للتعرُّف إلى أشخاص جدّد، وفهم مجتمعهم وثقافته على نحو أفضل، ممّا يسهم في تعزيز انتمائهم إليه، والحفاظ على علاقاتهم الاجتماعية فيه.
مراقبة الآباء ومتابعتهم لكيفية تفاعل الأطفال مع الآخرين ومع بيئتهم الاجتماعية أمر ضروريّ ومُهِمّ؛ وذلك للتأكُّد من أنّ سلوكهم يتماشى مع القِيَم والمعايير الاجتماعية، وأنَّهم قادرون على التواصل والتفاعل دون معاناة.
وإن ارتكب الطفل أيَّة أخطاء أثناء عملية التواصل الاجتماعي، فإنَّ دور الأسرة يكمن في تحذيره وتوجيهه، مع إيضاح هذه الأخطاء له، والسلوكات التي كان عليه اتِّباعها بدلاً منها، مع التأكيد على ضرورة دعم الطفل وإشعاره بالأمان؛ ليعلم أنّ أسرته ووالديه تحديداً سيكونون إلى جانبه إن وقع في أيَّ خطأ مع محيطه الاجتماعي؛ فالأخطاء واردة، بل إنَّها طبيعيَّة.
عادةً ما يكون الآباء قلقين حول تطوُّر الطفل وتنشئته، وهذا ما يجعل توفير البيئة والدعم له، وتمكينه من التطوُّر بصورة صحيحة ومُتوازِنة في جوانب حياته جميعها من أهمّ أهدافهم، لتكون الأسرة المُعلِّم الأوَّل له، والمسؤولة عن تشكيل شخصيَّته الاجتماعية، وغرس القِيَم والمهارات الاجتماعية الجيِّدة والإيجابية فيه.
وتسهم الأسرة في نقل القِيَم والسلوكات المقبولة في المجتمع إلى الأطفال؛ سواء بالتوجيه المباشر، أو غير المباشر من خلال النموذج الذي تُقدِّمه الأسرة، والتفاعل اليومي مع الطفل، وهذا ما يشكّل شخصيَّته الاجتماعية، ويُؤسِّس قواعد تعامله مع محيطه الخارجي.
كما أنّ وجود الأسرة يُعَدّ المصدر الأول لتحفيز الطفل ودعمه، وتشجيع اهتماماته، وهي تُسهم في تشكيل سلوكاته، وبناء قدراته على التعامل مع النجاحات والصعوبات، الأمر الذي يسهم بدوره في تطوير مهاراته الاجتماعية، وبناء علاقاته مع الآخرين، والحفاظ عليها، إضافة إلى اكتسابه مهارات اجتماعية تساعد في تنشئته اجتماعياً على نحو أفضل.
[1] whiz.id, 10 Roles of the Family in the Socialization Process: Let's See!
[2] growkido.com, 11 Key Role of Family in Socialization of a Child [Must Check #3]
[3] all4kids.org, The Role of Family in Child Development
[4] simplypsychology.org, The First Agent Of Socialization: Family
[5] rwu.pressbooks.pub, Agents of Socialization