جار التحميل...
يُعَدّ إخبار المدير والزملاء بالحمل خطوة مهمة في إدارة التحدّيات المهنية خلال هذه المُدّة؛ فعندما تشعر المرأة بالاستعداد للإعلان عن ذلك، وهو ما يحدث عادةً بعد الثُّلث الأوّل من شهور الحمل، يُصبح من الضروري فتح حِوار بَنّاء مع المدير، وهذا الحوار يُتيح الفرصة لمُناقشة التعديلات اللازمة في بيئة العمل، وبحث خيارات إجازة الأمومة المُتاحة، ووضع خُطّة عمل مَرِنة تُراعي احتياجات الحمل.
كما أنّ ذلك يُوفّر جَوّاً من الشفافية والتفاهم؛ فعندما يدرك الزملاء والمدراء وضع المرأة الحامل، يزداد تفهُّمهم لحالات الإرهاق أو التعب التي قد تواجهها، وهذا الوعي يساعد في تجنّب سوء الفهم أو تفسير أيّ تغيّرات في الأداء على أنّها تقصير، وبدلاً من ذلك، يُعزّز هذا النهج الشفّاف بيئة عمل داعمة ومتعاطفة تُمكِّن الجميع من العمل معاً؛ لضمان استمرارية الإنتاجية، مع مراعاة الاحتياجات الصحّية للمرأة الحامل.
إنشاء شبكة دعم قوية في بيئة العمل ركيزة أساسية لتحقيق التوازن بين مُتطلَّبات العمل والحمل؛ فالتواصل الصريح والمُنفتِح مع الزملاء الذين مرُّوا بتجارب مماثلة يفتح آفاقاً جديدة من الفهم والتعاطف، والتعرّف على نماذج ناجحة في بيئة العمل ممّن نجحوا في الموازنة بين حياتهم المهنية والأمومة يُوفِّر مصدراً ثريّاً للرُّؤى القَيِّمة والنصائح العملية، فضلاً عن الدعم العاطفي الذي لا يُقدَّر بثمن.
كما أنّ الانضمام إلى مجموعات محلّية أو عبر الإنترنت للأمَّهات العاملات والنساء الحوامل يُوفّر منصّة قَيِّمة لتبادل الخبرات والمعارف؛ فالتواصل مع أشخاص يفهمون تعقيدات هذه المرحلة بعُمق يُسهم على نحو فَعّال في تعزيز الصحّة النفسية، بالإضافة إلى تعزيز قدرة المرأة على التكيُّف والنجاح في مواجهة تحدّيات العمل والحمل.
تُؤدّي ممارسة التمارين الرياضية بانتظام دوراً مهماً في صحّة المرأة الحامل وجنينها؛ فهي تُسهِم في الوقاية من مخاطر الحمل، وتُعزّز الحالة النفسية، وتزيد احتمالية الولادة الطبيعية السَّلِسة، وتُخفِّف الضغط على المفاصل المُصاحِب للحمل، لذا يُنصَح بتخصيص وقت لممارسة تمرينات ملائمة للحمل، مثل: المشي السريع واليوغا بعد العودة من العمل، وأخذ فترة استراحة، مع ضرورة إعلام المُدرّب بحالة الحمل؛ لضمان السلامة.
وإلى جانب ممارسة التمرينات الملائمة، تحتاج المرأة الحامل إلى الراحة ومراعاة عدم بذل مجهود يفوق طاقتها، ويتمثّل ذلك باتِّباع نظام نوم متوازن؛ لدَعم صحّتها وصحّة جنينها، ويشمل هذا النظام النوم لمُدّة ثماني ساعات ليلاً، وفي النهار أثناء العمل يُنصَح بتخصيص أوقات الاستراحة للاسترخاء، والحصول على هواء منعش، وهذا كلّه من شأنه أن يُسهِم في تعزيز تركيزها في العمل، وأداء المهمات المطلوبة منها بفعالية.
ولا بُدَّ من المُتابَعة الدوريّة مع طبيب التوليد المُتخصِّص؛ لضمان سير الحمل على نحو صحّي وآمِن للأمّ والجنين، واستشارته في الأمور كلّها؛ للتأكُّد من مناسبتها للمرأة الحامل.
تُعَدّ الراحة الجسدية أولوية قُصوى للمرأة الحامل في بيئة العمل، ويبدأ هذا باختيار الملابس المناسبة، ويُفضَّل ارتداء ملابس فضفاضة ومُريحة مع أحذية عملية، وقد يتطلّب الأمر التواصل مع الإدارة لتعديل قواعد الزي الرسميّ إذا لزم الأمر، ويجب تهيئة بيئة العمل لتكون أكثر راحة؛ إذ يُمكن استخدام صندوق لرَفع القدمَين عليه تحت المكتب، وطلب كرسي مريح، أو استخدام وسادة صغيرة لدعم الظهر.
ومن الضروري المحافظة على التغذية السليمة والترطيب للحامل في مكان العمل؛ بشُرب كمّيات كافية من الماء طوال اليوم للحفاظ على ترطيب الجسم، كما أنّ تناول وجبات خفيفة صحّية في مكان العمل يساعد في الحفاظ على مُستَوَيات الطاقة والتركيز، ممّا يُعزّز الإنتاجية، والشعور العامّ بالراحة.
وتؤدّي الحركة الصحيحة دوراً مهمّاً في الحفاظ على صحّة الحامل أثناء العمل؛ إذ من الأفضل استخدام الرُّكبتَين بدلاً من الظهر عند الحاجة إلى الانحناء، وعدم التردُّد في طلب المساعدة من الآخرين عند الضرورة، بالإضافة إلى تجنُّب البقاء في وضعية واحدة لأوقات طويلة، كما ينبغي الحصول على أوقات راحة مُتكرِّرة؛ لتجديد النشاط.
من الطبيعي أن تمرّ المرأة الحامل بأيّام تشعر فيها بعدم الراحة أو التعب الشديد، وقد تضطرّ في بعض الأحيان إلى إلغاء اجتماع والعودة إلى المنزل مُبكّراً، أو تأجيل موعد، أو طلب المساعدة من زملائها، وهذه الحالات كلّها طبيعية ومُتوقَّعة في مدّة الحمل، لذا ينبغي عدم لوم الذات عند حدوثها.
ويُعَدّ التسامح مع النفس أمراً ضرورياً للمرأة الحامل؛ وهذا يعني تفهّم التغيّرات الجسدية والنفسية التي تمرّ بها وتقبّلها؛ فقد يكون التعب والإرهاق أكثر حِدّة، وقد تتقلّب المشاعر على نحو غير مُعتاد، لذا يجب التعامل مع هذه التغيّرات بصبر وتفهّم؛ لتخفيف الضغط النفسي والجسدي.
تُعَدّ عملية تحديد الحدود وإيصالها بوضوح إلى الزملاء ركيزة أساسية لنجاح المرأة الحامل في مكان العمل، ويتضمّن هذا الإجراء توضيح ساعات العمل المُتاحة، وأنّها غير قادرة على العمل لساعات إضافية، إلى جانب تحديد الأوقات التي قد تكون فيها مشغولة؛ سواء بسبب المواعيد الطبّية، أو الاحتياجات الشخصية المُرتبِطة بالحمل، مع اطِّلاعها على المُستجدّات والأمور الأساسية في الأوقات المناسبة، وبهذا التواصل الواضح تُوفّر المرأة الحامل بيئة عمل أكثر تفهُّماً وتعاوناً.
يُنصَح بجدولة الفحوصات والمواعيد الطبّية مُسبقاً قدر الإمكان، ممّا يُتيح للمرأة الحامل إخبار صاحب العمل في وقت مُبكِّر، وترتيب جدول عملها على نحو مناسب، ويمكن البحث عن عيادات وخدمات صحية تعمل خارج ساعات الدوام الرسمي، ممّا يُقلّل الحاجة إلى مغادرة مكان العمل، ويحافظ على استمرارية الأداء المهني.
تقليل الأعمال المنزلية استراتيجية مهمّة للمرأة الحامل العاملة؛ للحفاظ على طاقتها وصِحّتها، رغم أنّ ذلك قد لا يكون مُمكِناً دائماً، لا سِيّما إذا كان لدى المرأة أطفال آخرون تعتني بهم، لذا من المفيد محاولة إنجاز المهمّات المنزلية في الصباح قبل الذهاب إلى العمل، أو تأجيلها إلى عطلة نهاية الأسبوع؛ لتجنُّب أداء الأعمال المنزلية بعد يوم عمل طويل، ممّا يستنزف طاقتها الجسدية والنفسية.
ويمكن تحقيق ذلك أيضاً بإعادة تنظيم جدول الأعمال المنزلية وتوزيعها على مدار الأسبوع بدلاً من تركيزها في أيّام العمل، ويمكن طلب المساعدة من أفراد الأسرة أو الزَّوج في المهمّات المنزلية، وقد يكون من المفيد النظر في إمكانية الاستعانة بخدمات التنظيف المنزلي على نحو دوريّ إذا كان ذلك مُمكِناً مادّياً.
وفي الختام، تُنصَح المرأة الحامل العاملة بأن تتخلّى عن فكرة المثالية والكمال في أداء مهمّاتها، ومن الضروري أن تدرك أنّ التوازن الحقيقي لا يعني إنجاز كلّ شيء على نحو مِثالي، وعليها أن تَثِق بقدرتها على التكيّف، وأن تنظر إلى هذه المرحلة باعتبارها فرصة لاكتساب مهارات جديدة ستفيدها في مستقبلها كأمّ عاملة.
المراجع
[1] medium.com, Work and Pregnancy: How to Balance Your Career and Motherhood
[2] verywellfamily.com, How to Juggle Pregnancy and Work
[3] babycenter.com, Working while pregnant: Tips for the third trimester
[4] sbah.in, Pregnancy Tips For Working Women
[5] raisingchildren.net.au, Working while pregnant: tips