جار التحميل...
فيما يأتي سنوضِّح سبب توجيه الأطفال لمثل هذه الأسئلة، ونستعرض طرقاً ونصائح فَعّالة للتعامل معها بأسلوب يُراعي فضولهم الطبيعيّ، ويُعزِّز فهمه للعالم من حوله، ممّا يُسهم في تعزيز نموّه العاطفي والعقليّ؛ لذا استعدّ لتحويل اللحظات المُحرِجة إلى فُرَص تعليمية ثمينة.
يرجع السبب في ذلك إلى أنَّ الأطفال بطبيعتهم فضوليُّون ويُحِبّون اكتشاف العالَم من حولهم؛ إذ تعمل عقولهم باستمرار على مُعالَجة ومُحاوَلة فهم كلّ ما يرونه ويسمعونه وتحليله، ممّا يدفعهم إلى طرح أسئلة مُتواصِلة؛ للحصول على التوضيحات، ولذلك يلجأ الأطفال إلى والِدِيهم دائماً؛ لفهم الأمور التي يصعب عليهم استيعابها بمفردهم.
أمّا الآباء فهم يرغبون بالطبع في مساعدة أطفالهم على التعلُّم والفهم، إلّا أنَّ الأطفال -في بعض الأحيان- قد يطرحون أسئلة مُحرِجة، فيشعرون أنَّ من الأسهل تجاهُلها وعدم تقديم إجابات واضحة لها؛ فهم يجدون صعوبة في مناقشة العديد من المواضيع مع أطفالهم، ويجدر التنويه هنا إلى أنَّ مدى "إحراج" السؤال يختلف كثيراً من شخصٍ إلى آخر؛ بناءً على تجاربه ومُعتَقَداته الشخصيّة.
وقد تشمل الأسئلة المُحرِجة التي يُوجِّهها الأطفال إلى والديهم -على سبيل المثال-: من أين يأتي الأطفال؟، أو كيف خرج أخي الصغير من بطن أمي؟، أو لماذا لون البشرة يختلف من شخص إلى آخر؟، أو لماذا ينام بعض الأشخاص في الشوارع؟، أو لماذا يتشاجر الكبار؟، أو لماذا يوجد أناس أغنياء وآخرون فقراء؟، أو لماذا هذا الشخص سمين؟، وما إلى ذلك من الأسئلة.
وعلى الرغم من شعور الوالدين بالإحراج، إلّا أنّ من المُهمّ تذكُّر أنّ هذه الأسئلة جزء من عملية التعلُّم والنُّمُوّ لدى الأطفال، وأنَّ تجاهُلها يمكن أن يُؤدّي إلى خلق مفاهيم خاطِئة، أو إحساسهم بعدم الأمان؛ لذا يُساعد توفير إجابات صادقة ومُبسَّطة الأطفال على بناء فَهم صحيح وسليم للعالَم من حولهم.
فيما يأتي توضيح لأفضل الطرق والنصائح التي يمكن اتِّباعها مع الطفل عندما يُوجِّه سؤالاً مُحرِجاً:
يُعَدّ الحفاظ على الثبات والهدوء لدى طرح الطفل سؤالاً مُحرِجاً أمراً مُهِمّاً؛ فإظهار علامات الانزعاج أو الضحك على السؤال يُشعِر الطفل بأنَّ هذا النوع من الأسئلة غير مقبول، كما أنَّ رَدّ الفعل القويّ قد يدفع الطفل إلى تجنُّب طرح مثل هذه الأسئلة في المُستَقبل، مُفضِّلاً التحدُّث مع شخص آخر يشعر معه براحة أكبر، أو قد يلجأ إلى مصادر غير موثوقة للحصول على إجابات أسئلته؛ لذا على الوالدين الحرص على التعامُل الودّي مع الطفل، وجعل المنزل بيئة آمِنة يشعر فيها الطفل بالراحة لطَرح أيّ سؤال، ممّا يُعزِّز ثقته بوالِدَيه وبالمعلومات التي يحصل عليها منهما.
الاستماع بعمق إلى أسئلة الطفل ومخاوفه وأفكاره حتى وإن كانت مُحرِجة بالنسبة إلى الوالدين يُعَدّ خطوة أساسيَّة في مساعدته على التعلُّم والنُّمُوّ، ويُفضَّل ترك أيَّة مُلهِيات عندما يتحدَّث الطفل، والتركيز الكامل على ما يقوله؛ فهذا يعزّز بناء ثقته بنفسه؛ إذ يشعر الطفل بأنَّه مُهِمّ يُؤخَذ على مَحمل الجدّ، وأنَّ كلماته ذات قيمة، وإن لم يفهم الوالدانِ السؤال الذي وجَّهه الطفل، أو سبب طرحه للسؤال، أو نوع المعلومات التي يبحث عنها، فلا بُدَّ من إعادة صياغة السؤال له؛ للإجابة عنه بشكل صحيح قبل التسرُّع في ذلك.
لا يجدر بالوالِدَين تجاهل أسئلة الطفل المُحرِجة، بل ينبغي الاستماع له، والاستعداد للإجابة عنها بصدق وهدوء، وعند مواجهة سؤال تَصعُب إجابته بسهولة، لا بُدَّ من الاعتراف بذلك، والبحث عن الإجابة، ثمّ العودة إلى الطفل في أقرب وقت ممكن؛ فهذا يُعزِّز الثقة بينهما، ويُقوّي التواصُل المفتوح معه، كما لا ينبغي تثبيط الطفل عن طرح الأسئلة؛ فتعطُّشه للمعرفة أساسيّ لنُمُوِّه، والإجابة عن الأسئلة بثقة تُشعِر الطفل بالراحة والاطمئنان فيما يتعلَّق باستفساراته المُستَقبلِيَّة.
عدم توبيخ الطفل أو انتقاده عند طَرحه سؤالاً غير لائق أو مُحرِج أو مُؤذٍ عن شخص آخر مثلاً خُطوة أساسيَّة في تعليمه وبالتالي نُمُوِّه العقليّ السليم؛ فالأطفال غالباً لا يمتلكون المعرفة أو الخبرة الكافية ليكونوا لَبِقين أو مُراعين لمَشاعِر الآخرين؛ لذا لا بُدَّ من التعامل معهم بلُطف، وشرح لماذا يجب أن تظلّ مثل هذه الأسئلة خاصَّة، وأنّ تأجيلها إلى حين الوصول إلى المنزل أو أيّ مكان آخر أمر مناسب لها، علماً بأنَّ هذا النهج لا يُعزِّز فقط فهم الطفل لأهمِّية الخُصوصِيَّة والتقدير، بل يُساعِده أيضاً في تطوير حسّ اللباقة والاحترام في تعامُلاته المُستَقبَلِيَّة مع الناس.
تقديم إجابات صادقة مع كونها قصيرة وبسيطة يُعَدّ استراتيجيَّة فَعّالة لدى التعامل مع أسئلة الأطفال المُحرِجة؛ فمن المهمّ تجنُّب الخوض في تفاصيل مُطوَّلة، وخاصَّة مع الأطفال الصِّغار الذين قد لا يكونون قادرين على استيعاب الإجابات المُعقَّدة.
ضبط الإجابات بما يتناسب مع عمر الطفل، ومُستَوى فهمه ونُضجِه، يُعَدّ خطوة مُهِمَّة في التواصل معه بفعالِيَّة، بالإضافة إلى تلبية فضوله بما يناسِبُه، ويُشار هنا إلى ضرورة الحرص على اختيار الكلمات والمُفرَدات المُناسِبة لعمره؛ لضمان فهمه السليم للشرح، ويمكن أيضاً استخدام القصص، أو الأمثلة، أو مقاطع الفيديو؛ لتوضيح الفكرة بشكل أبسط وأقرب إلى مُستَوى فهمه.
وختاماً، لا بُدَّ من التحلّي بالصبر لدى الإجابة عن أسئلة الطفل المُحرِجة، ولا بأس أن يُخبر الوالدان طفلَهما أنَّهما لا يعرفان الإجابة عن سؤاله في بعض الأحيان، أو أنَّهما يتساءلان عن الشيء نفسه؛ فهذا يُوصِل رسالة إلى الطفل مَفادها أنَّ عدم معرفة شيء ما لا يُعَدّ مشكلة كبيرة، وأنَّ بإمكانه البحث والتعلُّم حتّى يحصل على المعرفة التي يطلبها.
المراجع
[1] onefamily.ie, Parenting | How to answer the awkward questions?
[2] mythrivecollective.com, How to Respond to Awkward Questions From Your Kid
[3] kidskingdom.ca, TOUGH PARENTING QUESTIONS YOUR KIDS WILL ASK YOU AND HOW TO ANSWER THEM
[4] findmykids.org, Kid’s Most Uncomfortable Questions and How to Answer Them
[5] khcb.org, THE BEST RESPONSE TO YOUR KIDS’ DIFFICULT QUESTIONS