جار التحميل...
ومن المهمّ مُعالَجة سلوكات الطفل المُدلَّل في سِنٍّ مُبكِّرة قبل أن تُصبح راسِخة وتُؤثِّر سلباً في شخصيَّته وعلاقاته مع الآخرين بشكلٍ ملحوظ، والفقرات التالية تُوضِّح طُرقاً عديدة لحماية الطفل من الدلال الزائد، وتنشئته بطريقة صحيحة ليكون سعيداً، ومُتوازِناً، ويتحمَّل المسؤولية في الوقت نفسه:
القواعد المُنضبِطة والمنطِقِيَّة تسهم في اعتقاد الطفل بأنَّه لا يستطيع فِعل كلّ ما يُريد، ولا ينبغي عند الخطأ إعطاؤه الكثير من الفُرَص، بل يجب تطبيق العواقب المُتَّفق عليها معه سابقاً؛ فدون ذلك، سيعتاد المُراوَغة عند كلّ أمر، والقواعد المُنضَبِطة تُفيد الطفل أيضاً في معرفة حُدود حُرِّيَّته، وعدم التذمُّر من كلّ شيء، مثل: النوم والاستيقاظ في وقتٍ مُحدَّد، أو عدم تناول الكثير من الحلويات، أو عدم اللعب أكثر ممّا يجب، وبعد توضيح القواعد، لا ينبغي أبداً مُساوَمة الطفل بشأنها؛ كأن يُخيَّر بين النوم باكراً، أو تقليل وقت اللعب على الهاتف، وفي المقابل لا يجب رفض كلّ شيء.
ويُشار إلى أنّ غَرس الأخلاق الحميدة، وتوجيه الطفل فيما يتعلَّق بأهمِّية التصرُّف بأدب، يختصر شوطاً طويلاً في حمايته من الدلال الزائد، مثل: ضرورة الحفاظ على المُجامَلات اللفظِيَّة؛ كقول "شكراً" عند الحصول على شيء ما، واحترام الآخرين، وتجنُّب استخدام أيَّة ألفاظ جارحة بحقِّهم، كما أنّ من الضروري غَرس الرحمة والتعاطف تجاه الآخرين في نفس الطفل؛ من خلال تعريفه بأهمِّية التطوُّع والتبرُّع للفقراء، بالإضافة إلى أنَّ إعطاء الطفل واجبات منزلية لا تخدم مصلحته الشخصية فحسب أمر مُهِمّ جدّاً، مثل ترتيب غرفة الجلوس، أو تحضير طاولة الطعام؛ ليتعلَّم المُشارَكة والتفكير في احتياجات أسرته.
عندما يصدر عن الطفل سلوك إيجابيّ، مثل مشاركته ألعابه مع أطفالٍ آخرين، أو مساعدته في الأعمال المنزلية، فإنَّ من المهمّ تعزيزه ومدحه؛ سواء بالثَّناء اللفظيّ؛ كقول: "أحسنت، أنت رائع"، أو "أنا فخورة بك"، أو بالمُكافَآت المُتنوِّعة؛ كقضاء وقت مع الأصدقاء، أو مُشاهَدة التلفاز، أو اللَّعِب لوقتٍ أطول.
ولا بُدَّ من التأكُّد من رَبط التعزيز مُباشرةً بالسلوك الإيجابيّ؛ ليتعلَّم الطفل العلاقة بينهما، بالإضافة إلى جعله نَهجاً روتينيّاً، مثل تخصيص وقت أسبوعيّ للخروج أو مُمارَسة نشاط مُفضَّل؛ إذ يُشجِّع ذلك الطفل على تبنّي السلوكات الإيجابيَّة والمرغوبة بمرور الوقت، ويُقلِّل لجوءه إلى السلوكات السلبية للفت الانتباه.
قد يكون تأثير التكنولوجيا سلبيّاً على الأطفال، فيجعلهم مُدلَّلين أكثر من الحَدّ الطبيعيّ؛ لأنَّها تسمح لهم بالوصول إلى الكثير من الأشياء بضغطة زرّ واحدة، فيتكوَّن لديهم الشعور بأنَّ كلّ شيء مُتاح لهم فوراً، ممّا يُعيق تنمية مهارات الصبر لديهم.
لذا، من الضروريّ تعليمهم قيمة الصبر والانضباط الذاتيّ؛ من خلال تقييد انغماسهم في المُتَع اللحظيَّة؛ أي بدلاً من السماح لهم بقضاء ساعات طويلة أمام الشاشات، أو اللعب بألعاب الفيديو، يُمكن تشجيعهم على المشاركة في أنشطة أخرى تُنمّي مهاراتهم وتُحفِّز إبداعهم؛ كالقراءة، أو ممارسة الرياضة، أو الرسم، وتعليمهم تقدير قيمة ما يمتلكونه؛ فبدلاً من شراء لعبة جديدة لهم في كلّ مرَّة يطلبون فيها ذلك، يُمكن لفت انتباههم إلى كمِّية الألعاب الجميلة التي يمتلكونها في المنزل.
يتعلَّم الطفل الاحترام والاهتمام بالآخرين من خلال سلوكات الوالِدَين ومُمارَسَتِهما لذلك أمامه، كما أنَّ مُشارَكَته في جلسات النقاش العائليَّة تُعلِّمه الانسجام والعمل مع الآخرين، واعتراف الوالِدَين بأخطائهم علانية، مثل رفع الصوت عند الغضب من أمرٍ ما في المنزل، ومُناقَشة كيفيَّة تصحيحها، يُعلِّم الطفل أهمِّية تحمُّل مسؤولية أفعاله، وكيفية حلّ مشاكله؛ فالأطفال يتعلَّمون بالمُلاحَظة أكثر من التعليمات الشفهيَّة، لذا فإنَّ سلوكات الوالِدَين هي القُدوة الحقيقية لهم.
عمل الوالِدَين معاً للحفاظ على سلوك الأطفال لا يعني أن تكون القواعد التي يضعونها صارمة جدّاً، بل يجب أن تكون مَرِنة وواقعيَّة يلتزم بها كلاهما، ومن المواقف التي قد يتعرَّض لها الوالدان مع الطفل إصراره على شراء لعبة غالية الثمن مثلاً، وعندها لا حاجة إلى التبرير للطفل، بل يكفي قول: "أعلم أنّك تريد الحصول على هذه اللعبة لكنَّها ليست ضمن الميزانية"، أو الطلب من الطفل المُشارَكة في ثمنها من مصروفه الخاصّ؛ ليتعلَّم السيطرة على نفسه عندما يريد الحصول على شيء ما، ولا ينبغي أبداً أن يُعطي أحد الوالِدَين ثمنها دون علم الآخر؛ لأنَّ ذلك يضرُّ الطفل، ويُوقِعه في حيرة من تصرُّفات والِدَيه المُتناقِضة.
وبناءً على ما سبق، نستنتج أنَّ اعتبار الطفل مُدلَّلاً لا يعني بالضرورة أن يكون أهله أثرياء أو أنّ لديه ما يكفي من احتياجاته، بل هو نتيجة أخطاء تربوية أدَّت إلى سلوكاتٍ فظَّة منه، وهذا يعني أنَّ التعامل معها بشكلٍ صحيح يُمكن أن يُعالِجها؛ فمثلاً يجب المُوازَنة بين الحَزم واللِّين عند وضع قواعد الحياة اليوميَّة، وأن تكون مُلائِمة لاحتياجات الطفل الفردية، كما ينبغي أيضاً الهدوء وعدم الانفعال قدر الإمكان عندما يُظهِر سلوكاً سيِّئاً، ومُحاوَلة التركيز على الجوانب الإيجابيَّة عندما يُظهِرها من تلقاء نفسه؛ كي تتكوَّن لديه شخصيَّة قويَّة بدلاً من الأنانيَّة، ولا مانع من استشارة المُختَصِّين عند الحاجة.
المراجع
[1] psychologytoday.com, How to Avoid Raising a Spoiled Child
[2] happiestbaby.com, How to Not Raise a Spoiled Kid
[3] parents.com, What Causes a Child To Be Spoiled?
[4] whattoexpect.com, How to Avoid Spoiling Your Child
[5] healthyplace.com, Ways to Discipline Ungrateful, Spoiled Children