جار التحميل...

mosque
partly-cloudy
°C,
عندما تتحول المتعة إلى خطر

النتائج المحتملة للاستخدام المفرط للألعاب الإلكترونية

29 يوليو 2024 / 2:35 PM
النتائج المحتملة للاستخدام المفرط للألعاب الإلكترونية
download-img
تتضمَّن الألعاب الإلكترونية أيّ لعبة تفاعُليّة يُمكن لعبها عبر الأجهزة الإلكترونية المختلفة؛ بما في ذلك الهواتف المحمولة، وأجهزة الحاسوب، وأجهزة التحكّم بألعاب الفيديو، وهي واحدة من أكثر وسائل الترفيه شيوعاً حول العالم؛ إذ تُوفّر تجربة لعب ممتعة تناسب مختلف الأذواق والأعمار.

ولا شكّ في أنّ للألعاب الإلكترونية فوائد وسلبيات، إلّا أنّ ذلك يعتمد بصورة رئيسة على نوع اللعبة، ومُدَّة اللعب؛ فاختيار أنواع هادفة ومفيدة، ولعبها باعتدالٍ ضمن فتراتٍ مُحدَّدة، يُمكن أن يُحسِّن من مهارات حلّ المشكلات، واتِّخاذ القرار، والتركيز، والمنطق، بالإضافة إلى التعاون والعمل الجماعي في الألعاب الجماعية، ولكنَّ الانغماس أكثر من اللازم في تلك الألعاب ولعبها لفتراتٍ طويلة، سيحمل مخاطر وتأثيراتٍ سلبية عِدَّة، من أبرزها ما يأتي:

تأثيراتٍ سلبية على الصحة الجسدية

قد يُؤدّي الاستخدام المُفرط للألعاب الإلكترونية إلى الإصابة ببعض المشاكل الصحيّة، ومن أهمها ما يأتي وفقاً لمقال نشره موقع (Harvard Health Publishing) التابع لكلية الطب في جامعة هارفارد:

السُّمنة

ترتبط السمنة ومشاكل زيادة الوزن بالألعاب الإلكترونية عند قضاء ساعاتٍ طويلة ومتواصلة في اللعب دون ممارسة نشاطٍ بدنيّ كافٍ، أو أخذ فترات استراحة، إضافة إلى تناول الطعام باستمرار أثناء اللعب. 

إجهاد العينين

يؤدي الجلوس لفتراتٍ طويلة أمام الشاشات الإلكترونية ذات السطوع العالي خاصَّة إلى مشاكل في العينين تُعرف بـ "متلازمة رؤية الكمبيوتر (CVS)"، مثل: جفاف العينين، وعدم وضوح الرؤية، والصداع.

مشاكل في الظهر والرقبة 

تتسبّب وضعية الجلوس الثابتة لفتراتٍ طويلة أثناء اللعب في انحناء الرأس والكتفين إلى الأمام لا إراديّاً، ممّا يُؤدّي إلى مشاكل وآلام في الظهر والرقبة مع مرور الوقت.

اضطرابات في النوم

يمنع التعرُّض للضوء الأزرق المُنبعث من الشاشات الإلكترونية قبل النوم خاصة إفراز هرمون الميلاتونين المسؤول عن تنظيم النوم، ممّا يتسبّب في الأرق والصعوبة في النوم، كما أنّ السهر لأوقاتٍ متأخرة للعب يُدخل الدماغ في حالة من التحفيز واليقظة، ويرفع ضغط الدم ومُعدَّل ضربات القلب، وخاصَّة ألعاب المغامرات والقتال، وبالتالي صعوبة النوم أو الاسترخاء.

مشاكل في اليدين

يُمكن أن يتسبِّب الإفراط في استخدام أجهزة التحكم الخاصة بالألعاب الإلكترونية في الإصابة بمجموعة من الأعراض المزعجة في اليدين، ومن أبرزها: "متلازمة النفق الرسغي" الناتجة عن الضغط على الأعصاب في الرسغين، ممّا يُسبِّب التهاباً فيها، إلى جانب الشعور بالألم والخدر في اليدين، بالإضافة إلى حالة "إبهام نينتندو"، والتي سُمِّيت بذلك نسبة إلى جهاز اللعب "نينتندو سويتش"، وتُعرف أيضاً باسم "ـإبهام اللاعب" أو "قبضة اللاعب"؛ إذ يُصاب بها لاعبو ألعاب الفيديو التي تتطلب استخدام إبهام اليد بشكلٍ مُكثَّف، وينتج عنها التهاب وتورّم في أوتار الإبهام، وألم وصعوبة عند تحريكه. 

تأثيراتٍ سلبية على الصحة النفسية

أشارت دراسة نُشِرت في مجلّة (Frontiers in Psychology) عام 2019 إلى أنّ الإفراط في ألعاب الفيديو يترافق مع أعراضٍ نفسية؛ كالقلق، والاكتئاب، والعدوانية، كما وجدت دراسة أخرى نُشِرت في المجلة نفسها عام 2018، أنّ 89% من اللاعبين تمّ تشخيصهم بالاكتئاب، بالإضافة إلى إدمان ألعاب الفيديو، دون الاقتصار على الإفراط في استخدامها فقط.


وتجدر الإشارة إلى أنّ بعض اللاعبين قد يعانون من الاكتئاب، أو تُصبح أعراضه أكثر حِدَّة إن كانت المعاناة منه موجودة من قبل؛ نتيجة العادات الخاطئة في اللعب، وإهمال الجوانب الأخرى من الحياة؛ كالعلاقات الاجتماعية، وممارسة الرياضة، واتِّباع نظام غذائي صحي، والحصول على قسطٍ كافٍ من النوم، فيلجؤون إلى ألعاب الفيديو؛ للهروب من المشكلات، أو تخفيف حدّتها، إلّا أنّهم لا يدركون أنّ الإفراط في اللعب يُفاقم المشكلة ولا يحلّها.


وبشكلٍ عام، يمكن أن يؤدي الإفراط في الألعاب الإلكترونية إلى خللٍ في التنظيم العاطفي؛ ممّا يُضعِف القدرة على الاستجابة للمشاعر المختلفة وإدارتها بفعالية، ويتسبّب في صعوبة التعبير عن المشاعر، أو التكيّف مع المواقف الصعبة، أو اتِّخاذ القرارات السليمة، وغالباً ما يترافق ذلك مع الشعور بالقلق أو الاكتئاب.


ومن ناحيةٍ أخرى، تتَّسم معظم الألعاب الإلكترونية الشائعة بالعنف، وتتطلب من اللاعبين مهاجمة الشخصيات الافتراضية الأخرى والقتال معها، ومع الإفراط في لعبها قد يُصبح الاعتياد على العنف أمراً محتملاً، إضافة إلى خلق السلوك العدواني واللجوء إليه لحلّ المشكلات في الحياة الواقعية.

مشاكل في العلاقات الاجتماعية

عند قضاء ساعاتٍ طويلة على الألعاب الإلكترونية والانعزال عن الآخرين والابتعاد عن التفاعل الحقيقي مع العائلة والأصدقاء، تبرز مخاطر "العُزلة الاجتماعية"؛ إذ يواجه اللاعب صعوبة في تكوين علاقاتٍ مع الآخرين أو التواصل معهم على أرض الواقع، وغالباً ما ترافقها مضاعفات جسدية ونفسية؛ كالاكتئاب، ومشاكل النوم. 

كما يُمكن أن يتسبّب الإفراط في استخدام الألعاب الإلكترونية في الإصابة بحالة يُطلَق عليها "القلق الاجتماعي"؛ وهي الشعور بالخوف والتوتر لدى التواصل مع الآخرين وجهاً لوجه؛ بسبب الاعتياد على التواصل غير المباشر في الألعاب الإلكترونية.

الإدمان على اللعب وفقدان السيطرة

لدى تحقيق الإنجاز والفوز في الألعاب الإلكترونية، يُفرز الدماغ هرمون الدوبامين؛ وهو ناقل عصبي مسؤول عن الشعور بالمتعة والسعادة، ومع اللَّعب المفرط لفتراتٍ طويلة، يعتاد دماغ اللاعب على مستويات مرتفعة من الدوبامين للشعور بالسعادة والرضا، فيكون من الصعب عليه بعدها الاستمتاع بأيّ شيءٍ آخر يمنحه نسبة أقلّ من الدوبامين، ممّا يؤدي إلى الإدمان على هذه الألعاب؛ للرغبة في الحصول على مستوى الدوبامين المطلوب للشعور بالسعادة.


لذا، قد يتحوَّل الاستخدام المفرط لألعاب الفيديو إلى إدمانٍ وسلوكٍ قهريّ غير منضبط، يفقد اللاعب خلاله السيطرة على نفسه، وتكون لديه دائماً رغبة قوية في اللعب حتى لو كان ذلك على حساب مسؤولياته الأخرى في الحياة؛ سواء في المنزل، أو المدرسة، أو العمل، مع عدم القدرة على تقليل وقت اللعب على الرغم من أنّه يُسبب مشاكل مختلفة، بما في ذلك الشعور بالقلق، والاكتئاب، واضطرابات النوم، والعزلة الاجتماعية، وتدهور العلاقات الاجتماعية، بالإضافة إلى ضعف التركيز والتحكّم بالدوافع والأداء الإدراكي والأكاديمي.

ختاماً…

لا بُدّ من الإشارة إلى جهود دولة الإمارات المتواصلة والفعّالة؛ للتوعية بمخاطر الألعاب الإلكترونية، والتصدي لها في المجتمع الإماراتي، والعالم العربي كلّه؛ فدائماً ما تُحذّر خدمة الأمين التابعة لجهاز أمن الدولة في دبي من مخاطر الإدمان على الألعاب الإلكترونية والهوس بها، وهو ما يُعرَف في الوقت الحالي بـ "الجيمنج"، وأنّ ذلك من شأنه أن يؤدي إلى العُزلة والعدوانية، وضعف الثقة بالنفس، وخاصَّة عند الأطفال.


كما تؤكِّد اللجنة العربية للإعلام الإلكتروني في اجتماعاتها على الجهود الكبيرة التي تبذلها دولة الإمارات للقضاء على ظاهرة انتشار الألعاب الإلكترونية الخطيرة، والتي تتضمَّن العنف والقتل، وليس الحدّ منها فقط؛ وذلك من خلال التركيز على التربية الأخلاقية، وترسيخ قِيَم الانتماء والمُواطَنة الصالحة في المناهج التعليمية.  


وبصورة عامَّة، يُنصَح باستخدام الألعاب الإلكترونية باعتدال؛ لتفادي مخاطرها وسلبياتها؛ أي نحو ساعتَين كحدٍّ أقصى في اليوم الواحد للأشخاص البالغين، ونحو 30-60 دقيقة في اليوم الواحد خلال الأسبوع، وساعتين في عطلة نهاية الأسبوع للأطفال الذين تزيد أعمارهم عن ستّ سنوات، مع مراعاة الجلوس بوضعيةٍ معتدلة أثناء اللعب، وأخذ فترات راحة بين الحين والآخر، والحرص على ممارسة الرياضة بانتظام، بالإضافة إلى الانخراط بأنشطةٍ تفاعلية أخرى، والتواصل مع الآخرين، وبناء علاقاتٍ قوية مع العائلة والأصدقاء بعيداً عن الإنترنت، إلى جانب الحصول على قسطٍ كافٍ من النوم بما يَعدِل 7 ساعات كلّ ليلة.

المراجع

[1] familyaddictionspecialist.com, Video Games, Mental Health, and Addiction
[2] health.harvard.edu, The health effects of too much gaming
[3] limitlauncher.com, 11 Negative Effects of Video Games to Beware
[4] verywellmind.com, What Is Video Game Addiction?
[5] allaboutvision.com, Are video games bad for your health?

July 29, 2024 / 2:35 PM

مواضيع ذات صلة

أخبار ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.