جار التحميل...
تبدأ عملية اتِّخاذ القرار بفهم الموقف، وتحليله، وجمع المعلومات عنه، ثمّ تقييم الخيارات المُتاحة، واختيار الأنسب من بينها، وهذا يعني أنّها عملية بسيطة، إلّا أنّها تحتاج إلى بعض التدريب والممارسة؛ لذا، يمكن للآباء تعليم أطفالهم كيفية التعامل مع نتائج القرارات التي يتَّخِذونها؛ جيِّدة كانت أو سيِّئة؛ عبر توفير بيئة آمِنة تُحفِّز الأطفال على التجربة دون الخوف من الوقوع في الخطأ؛ فالتعلُّم من الأخطاء جزء مُهِمّ من هذه العملية، وهو يساعد الأطفال في تحسين قراراتهم المُستقبَليَّة.
ومع مرور الوقت، وبمساعدة الوالِدَين وتوجيههم، يتعلَّم الأطفال كيف يتَّخِذون قراراتهم بثقة أكبر؛ ممّا يُعزِّز شُعورهم بالراحة والرضا بعد كلّ قرار يتَّخِذونه، مع التنويه إلى أنّ هذه المهارة ليست مُجرَّد خيار، وإنَّما هي ضرورة أساسية؛ لضمان نُمُوّ الطفل بطريقة تُمكِّنه من مواجهة تحدِّيات الحياة وعقباتها بحكمة.
في ما يأتي مجموعة من الطرق والأساليب التي يمكن اتِّباعها لتعليم الأطفال مهارة اتِّخاذ القرار:
لمساعدة الأطفال على تعلُّم فنّ اتِّخاذ القرار، ينبغي أوّلاً إتاحة الفرصة أمامهم ليتَّخِذوا قراراتهم الصغيرة بأنفسهم؛ ممّا يُعزِّز شُعورهم بالمسؤولية والاستقلالية؛ كالسماح لهم باختيار ملابسهم، أو تحديد الوجبة الخفيفة التي يرغبون في تناولها، أو اختيار اللُّعبة التي يريدون شراءها من متجر الألعاب؛ إذ تُوفِّر هذه التجارب للأطفال مساحة آمِنة للتعبير عن أنفسهم، واختيار ما يناسبهم.
والسَّماح لهم باختيار الأنشطة التي يرغبون في ممارستها خلال عطلة نهاية الأسبوع مثلاً، أو المَهامّ المنزلية التي يُفضِّلون المشاركة فيها، يُعزِّز لديهم الشُّعور بالمساهمة في الأسرة، إلى جانب تعليمهم فنّ اتِّخاذ القرار، وحتى أثناء وقت قراءة القصص، يمكن للأطفال اتِّخاذ قرارات تتعلَّق بموضوع القصَّة التي يريدون قراءتها، أو كيف يمكن أن تتطوَّر الأحداث؛ ممّا يُقوّي مهاراتهم في التفكير والتخيُّل.
يساعد تقديم مجموعة مُحدَّدة من الخيارات للأطفال في تطوير قدراتهم على اتِّخاذ القرارات دون أن يُشكِّل أيّ صعوبة أو إرهاق لهم؛ عبر إعطائهم خيارَين أو ثلاثة في المواقف اليومية البسيطة؛ فمثلاً، يمكن أن يختار الطفل بين ارتداء حذائه الأسود، أو الأبيض، وهكذا؛ ممّا يُمكِّنه من اختيار ما يناسبه بسهولة وبثقة، ويُجنِّبه الشُّعور بالحيرة الناتجة عن كثرة الخيارات وتعدُّدها.
ومع تقدُّم الأطفال في العُمر، يمكن توسيع عدد الخيارات المُقدَّمة لهم، وتعزيز أهمِّية القرارات التي ينبغي عليهم اتِّخاذها؛ ممّا يُعزِّز شُعور المسؤولية لديهم، ويغرس فيهم الثقة بصفتهم صُنّاع قرار.
يُعَدّ احترام القرارات التي يتَّخِذها الطفل، حتى وإن بَدَت غير مناسبة في أحيان كثيرة، أمراً مُهِمّاً يُؤثِّر في بناء ثقة الطفل بنفسه وبقراراته الشخصية، لذا، ينبغي على الوالِدَين احترام قرارات الطفل، وإظهار التقدير له؛ ممّا يُعزِّز شُعوره بالمسؤولية، ويدفعه إلى التفكير بعُمق قبل اتِّخاذ خياراته الجديدة في المستقبل، إضافة إلى أنّ احترامهم لقرارته يعني وجود بيئة داعِمة وآمِنة تُشجِّعه على اتِّخاذ المزيد من القرارات بثقة واستقلالية تامَّة.
ارتكاب الأطفال الأخطاء العديدة أمر طبيعيّ، وقد تكون معظم قراراتهم واختياراتهم خاطئة أو غير مناسبة، إلّا أنّه لا بُدّ من السماح لهم بارتكاب الأخطاء والتعلُّم منها؛ لأنّه يُمثِّل مرحلة مُهِمَّة من مراحل تعلُّم فنّ اتِّخاذ القرار.
وبدلاً من التدخُّل الفوري لتصحيح الخطأ، ينبغي توجيه الطفل وتعريفه بالأسباب التي أدَّت إلى وقوعه في الخطأ، وكيفية اتِّخاذ خيارات أفضل مستقبلاً، وهذا يعني أنّ على الوالِدَين التعامل مع أخطاء الطفل بوصفها فُرَصاً للتعلُّم، وليست تجارب فاشلة.
يُعَدّ اللعب من الوسائل الرائعة لتعليم الطفل فنّ اتِّخاذ القرار بطريقة عفوية ومُسلِّية؛ كألعاب الطاولة، مثل: الشطرنج، أو الألعاب والأنشطة التفاعلية التي تحتاج إلى التفكير واتِّخاذ خطوات مدروسة تقود اللاعب إلى الفوز في نهاية المطاف؛ إذ تُسهِم هذه الألعاب في تعليم الطفل كيفية تحليل المواقف، وحلّ المشكلات، واختيار أنسب الحلول المُمكِنة.
يكتسب الأطفال مهارات كثيرة من خلال مُراقبة السلوكات التي يُمارسها الآباء، وتقليدها، وهذا يشمل أيضاً عملية اتِّخاذ القرارات؛ فعندما يحرص الوالِدان على اتِّخاذ قرارات مدروسة بعد تحليل الموقف، واختيار أفضل الحلول المُمكِنة، فإنّ الأطفال يتعلَّمون أهمّية التفكير الجيِّد، وتحمُّل التبعات الناتجة عن قراراتهم مهما كانت.
وختاماً، تحتاج تربية الأطفال على اتِّخاذ القرار إلى الصبر، والتفهُّم، والتعاطُف، والإصرار؛ فتعلُّم هذه المهارة المُهِمَّة يحتاج إلى وقت طويل، وجُهد مُستمِرّ في التدريب والممارسة، وحتى عندما يكبر الأطفال، ويصلون إلى مرحلة يُمكِنهم فيها اتِّخاذ القرارات بأنفسهم، فإنّ احتمالية الوقوع في الخطأ تظلّ واردة، وهنا، يأتي دور الوالِدَين في تقديم التوجيه والدعم اللازِمَين لمُساعدتهم في التعامل مع النتائج المُترتِّبة على قراراتهم.
المراجع
[1] childmind.org, Helping Kids Make Decisions
[2] psychologytoday.com, Parenting: Decision Making
[3] tinybeans.com, 10 Simple Ways to Raise Kids Who Make Good Decisions
[4] wellspringprevention.org, Why Developing Decision-Making Skills at a Young Age Is Important
[5] lifeskillsgroup.com.au, 5 Ways to Improve Young Children's Decision-Making