تأثير إجازة الأبوة على الحياة العائلية وأهميتها

وتكمن أهمية إجازة الأبوة في تعزيز رفاهية الأسرة على نحو عام، وضمان تمتّعها بصحةٍ عقلية وجسدية أفضل، وذلك استناداً إلى تأثيرها الإيجابيّ على ما يلي: 

استقرار العلاقة الزوجية

تُساهم إجازة الأبوّة في تعزيز العلاقة بين الزوجين نتيجة الدعم العاطفيّ الذي يُقدّمه الزوج لزوجته أثناء تواجده معها والمرور بذات التحدّيات معاً، إلى جانب الدعم الفعليّ المتمثّل برعاية الطفل وتدبير الأمور المنزلية، والتي تُخفّف جميعها من شعور الزوجة بالوحدة والإرهاق، وتُسرّع في تعافيها، كما تُقلّل من أعراض الاكتئاب ما بعد الولادة في حال الإصابة به، وفي المقابل، فإنّ غياب الزوج عن مشاركة زوجته في هذه المرحلة قد يزيد من أعراض الاكتئاب سوءاً.

كما أن إجازة الأبوّة تعود بفوائد عديدة على الرجل؛ مثل تحسين المزاج، وزيادة الشعور بالرضا عن الذات، والرضا عن الحياة عموماً نتيجة مشاركته الفعّالة في رعاية أسرته، كما يزداد معدّل رضاه عن مهنته نتيجة تقديرها لموظّفيها، مما يُحسّن من إنتاجيته، ولا شكّ في أنّ الرجل الذي يتمتّع بصحّة نفسية جيدة، يكون أكثر قدرة على الحفاظ على علاقات جيّدة ومستقرّة مع شريكته مقارنة بالرجل المُجهَد.

تحديد دور الأُبوة ومسؤولياتها

يتمكّن الأب الذي يُساهم في تربية الطفل جنباً إلى جنب مع زوجته في الأيام أو الأسابيع أو الأشهر الأولى من حياته من اكتساب معرفة أعمق حول كيفية رعاية الأطفال وتلبية احتياجاتهم،كما يساعد ذلك الوالدين في تحديد النهج التربوي الذي يرغبان في اتباعه والعمل معاً على تطبيقه، وبالتالي، يُصبح الأب أكثر إدراكاً للمسؤوليات الملقاة على عاتقه تجاه طفله وأسرته، ويُمكن أن يُناقش هذه المسؤوليات مع زوجته ويتقاسمها حسب ظروف كلّ أسرة. 

ووفقاً لدراسة نشرتها وزارة الصحّة والخدمات الإنسانية الأميركية (HHS) عام 2019م، فإنّ تأثير إجازة الأبوّة الإيجابي على تحديد دور الأب ومسؤولياته يُمكن أن يمتدّ على مدى السنوات الخمس الأولى بعد الولادة.

الارتباط العاطفي بالطفل

تعزز إجازة الأبوّة علاقة الأب بطفله مع مرور الوقت، ويُمكن أن تستمرّ آثارها الإيجابية لسنوات عدّة لاحقة للولادة، ويرجع هذا الارتباط العاطفيّ الوثيق إلى مشاركة الأب المتكرّرة في اللعب مع الطفل ورعايته، وزيادة الوقت الذي يقضيه معه، فضلاً عن زيادة وتيرة التفاعل بينهما. 

ووفقاً لدراسة نشرتها مجلة (Nursing Research and Practice) عام 2017م، فإنّ التلامس الجلدي أو ما يُعرف بـِ طريقة (Skin to skin) بين الأب وطفله يُمكن أن يُعزّز على نحو كبير من ارتباط الأب العاطفيّ بطفله، على غرار تأثيره على مشاعر الأم تجاه طفلها، وإنّ حصول الأب على إجازةٍ من العمل، يمنحه الوقت الكافي لممارسة مثل هذه السلوكيات المحبّبة مع طفله.

الوضع الماديّ للأسرة

تُضطرّ الأم في كثير من الأحيان إلى ترك عملها بصورة دائمة أو مؤقتة بعد الولادة للاهتمام بالمولود وتقديم الرعاية اللازمة له، وبالمقابل، تساعد إجازة الأبوة على تعافي المرأة بصورة أسرع، مما يتيح لها العودة إلى العمل، خصوصاً إذا كان ضرورياً لإعالة الأسرة.

إنّ التعاون الذي يُقدّمه الرجل خلال الإجازة وما بعدها يُمكّن زوجته من الموازنة بين ضغوط العمل ومسؤوليات الأمومة، مما يجعلها قادرة على إتمام كلا المهمّتين بكفاءة دون الحاجة للتخلّي عن العمل، وما قد يترتب عليه من فقدان أحد مصادر دخل الأسرة.

المراجع

[1] mckinsey.com, A fresh look at paternity leave: Why the benefits extend beyond the personal
[2] aces.illinois.edu, Study shows paid paternity leave gives fathers life, job satisfaction; mothers family relationship satisfaction
[3] HHS Public Access (2019), Paternity Leave-Taking and Father Involvement among
Socioeconomically Disadvantaged U.S. Fathers
[4] Nursing Research and Practice (2017), Effects of Father-Neonate Skin-to-Skin Contact on Attachment: A Randomized Controlled Trial
[5] cepr.org, Earmarked paternity leave increases parental wellbeing