جار التحميل...
يصادف اليوم العالمي للسلام 21 سبتمبر من كل عام، ويهدف إلى تعزيز ثقافة السلام على الصعيد العالمي، إذ يُشكّل منصة عالمية للتذكير بأهمية التعايش السلمي ودوره الجوهري في حياة الشعوب والأمم.
ويدعو هذا اليوم جميع الأفراد والمجتمعات للمساهمة في بناء عالم يسوده الوئام والتفاهم المتبادل، متخطّين بذلك كل الحواجز التي قد تفصل بينهم، كما يمثل فرصة للتأمل في أهمية السلام وتجديد الالتزام بالعمل من أجله على المستويات الفردية والمجتمعية والدولية.
في عام 1981، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة عن تخصيص يوم دولي للسلام، ليكون بمثابة دعوة عالمية لتقوية أسس السلام في جميع أنحاء العالم، وفي البداية تمَّ اختيار يوم الثلاثاء الثالث من شهر سبتمبر ليكون موعداً لهذا اليوم، تزامناً مع افتتاح الدورات السنوية للجمعية العامة.
وبعد عقدين من إنشاء هذا اليوم، قررت الجمعية العامة عام 2001 تحديد 21 من سبتمبر كتاريخ ثابت للاحتفال السنوي باليوم العالمي للسلام، ومنذ عام 2002، أصبح هذا التاريخ يُمثّل فرصة لمناقشة سبل تعزيز السلام والحفاظ عليه بين جميع الشعوب، إضافة إلى وقف إطلاق النار العالمي، ونبذ العنف للجماعات المنخرطة في صراعات مسلحة لمدة 24 ساعة.
لكن تمتدّ جذور السعي نحو السلام إلى ما هو أبعد من ذلك، ففي العصور الوسطى ظهرت أولى حركات السلام في عامي 989 و1027، والتي سعت إلى الحد من العنف من خلال تقييد أيام وأوقات ممارسته، وفي عام 1901 تمَّ منح أول جائزة نوبل للسلام لمن قام بأفضل أو أكبر عمل من أجل الأخوة بين الأمم، وعقد وتعزيز مؤتمرات السلام.
وفي العصر الحديث، ظهرت مبادرات فريدة للدعوة إلى السلام؛ مثل "الاعتصام السريري من أجل السلام" الذي نظمه جون لينون ويوكو أونو عام 1969، إذ قضيا 8 أيام في السرير للترويج للسلام العالمي، وسجلا خلالها أغنية "أعطِ السلام فرصة"، وفي عام 2008 تمَّ تصنيف آيسلندا كأكثر دولة سلمية في العالم وفقاً لمؤشر السلام العالمي، وهو لقب ما تزال تحتفظ به حتى يومنا هذا.
يكتسب اليوم العالمي للسلام أهمية بالغة، فهو أكثر من مجرد مناسبة سنوية للاحتفال، بل يشكل دعوة عالمية للعمل والتفكير في أهمية السلام وضرورته الملحّة، فهو يُسلّط الضوء على العلاقة بين التنمية المستدامة والسلام الدائم، ويُؤكّد على دور أهداف التنمية المستدامة في بناء عالم أكثر انسجاماً وتناغماً.
وتكمن أهمية هذا اليوم في قدرته على تسليط الضوء حول القضايا التي تهدد السلام العالمي، فالتخلص من الفقر والجوع، وهما من الأسباب الرئيسية للنزاعات، يُسهم في منع نشوب الصراعات، كما يُؤكّد هذا اليوم على أهمية الصحة الجيدة والتعليم والمساواة بين الجنسين في بناء مجتمعات أكثر قدرة على مواجهة النزاعات.
وتتجلى الحاجة إلى هذا اليوم كونه تذكيراً بأنَّ السلام ليس أمراً مفروغاً منه، ففي حين يعيش الكثيرون في أمان، وتسير حياتهم بصورة طبيعية، فإنَّ هذا المشهد يختلف في أجزاء أخرى من العالم التي تعاني من الحروب، والتي تزهق فيها مئات الأرواح سنوياً، ومع كل نزاع مسلح، تتراجع الإنسانية خطوة كبيرة إلى الوراء، إذ يتطلب الأمر إعادة بناء ما تم تدميره بدلاً من التقدم، لذا فإنَّ الاحتفال باليوم العالمي للسلام الذي يسلط الضوء على خطورة الحرب يُعد أمراً بالغ الأهمية.
إنّ اليوم العالمي للسلام ليس حكراً على المؤسسات الدولية والحكومات فحسب، بل هو فرصة لكل فرد للمساهمة في بناء عالم أكثر سلاماً، إذ يمكن للأفراد من جميع أنحاء العالم المشاركة في أنشطة متنوعة تُعزّز ثقافة السلام، وتنشر رسالة المحبة والتسامح، ومنها؛ تنظيم فعاليات محلية مثل المعارض الفنية، والقيام بأعمال بسيطة كزراعة الأشجار، أو إطلاق سراح الحيوانات المحبوسة، كما تُركّز هذه الأنشطة على موضوع محدد كل عام، وتهدف إلى نشر رسالة السلام على نطاق واسع.
ويلعب الطلاب في المؤسسات التعليمية دوراً هاماً في إحياء هذا اليوم من خلال المشاركة في دروس ومناقشات حول كيفية احتفال الثقافات المختلفة بالسلام.
يمكن للأفراد نشر السلام من خلال أفعال بسيطة؛ مثل حلّ النزاعات بطرق سلمية، ومكافحة التنمر، وتعزيز التفاهم بين الثقافات المختلفة، ومن الأنشطة البارزة أيضاً إقامة دقيقة صمت عند الظهر في الكثير من المناطق حول العالم، مما يخلق شعوراً بالترابط العالمي، ويوفر فرصة للتأمل والتضامن من أجل السلام.