جار التحميل...
أمّا بعضهم الآخر، فقد يشعرون بالقلق والارتباك والاستياء من أنفسهم، ومن الأشخاص الفضوليّين، فيتلعثمون أثناء الحديث، ويُحاولون تفاديه وتجنُّب لقائه أو الجلوس معه؛ كي لا يتعرَّضوا للمواقف نفسها، إلّا أنّ هذا التصرُّف ليس صحيحاً في التعامل مع هؤلاء الأشخاص؛ إذ سيشجِّعهم على الاستمرار في أساليبهم الفضولية نفسها؛ ممّا يُظهر الحاجة إلى ضرورة تعلُّم الاستراتيجيات الفاعلة في التعامل معهم، مع الحفاظ على حدود الاحترام والخصوصية.
عند مواجهة مثل هذه المواقف الفضولية، يُنصَح بعدم التوتُّر والانزعاج، وأن يُحافظ الشخص على حدوده الشخصية، ويكون واضحاً بشأن المواضيع الخاصَّة؛ فهو ليس مُضطرّاً للإجابة عن أيّ سؤال شخصي وخصوصي، ولا حتى للكذب بهدف إرضاء فضول الطرف الآخر.
وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ الشخص الفضولي إن كان كثير التطفُّل على الأمور الخاصَّة بالطرف الآخر، ويُوجِّه إليه أسئلة مزعجة عِدَّة، مثل:"الراتب قليل، كيف حصلت على سيارة جديدة؟"، أو "هل زوجتك تعمل؟ وكم راتبها؟"، فلا بُدّ للطرف الآخر من وضع حدود له، والردّ عليه بأدب وهدوء ولباقة، مثل: "لا أُفضِّل الحديث عن حياتي الشخصية"، أو "هذا موضوع شخصيّ ولا أرغب بالتحدُّث فيه"؛ كي يُدرك الشخص الفضولي أنّ هذه الأمور لا تعنيه.
وفي بعض الأحيان، قد يُصِرّ الفضوليّون على طرح أسئلتهم، ولا يأبهون بعدم رغبة الطرف الآخر في الحديث عن الأمر، وحينها يتطلَّب الأمر تكرار الردّ بهدوء؛ كأن يقول:"لقد أخبرتك أنّني لا أريد التحدُّث في هذا الأمر"، أو "لقد أوضحت لك أنّني لن أتحدَّث في هذا الموضوع، أرجو أن تُنهي النقاش".
إن شَعَر الشخص أثناء الحديث أنّ الأمور تحوَّلت إلى مسار شخصيّ، وأنّ الطرف الآخر بدأ بطرح تساؤلات لا يُفضِّل الإجابة عنها، فيمكنه تغيير الموضوع بلُطف بدلاً من الكذب والتوتُّر، وتوجيه دفَّة الحديث إلى شيء مختلف يُثير اهتمام الطرفَين دون إنهائه أو إحراج السائل، وبهذا يمكنه تحويل المسار كُلّه، فيصبح هو المسؤول عن طرح الأسئلة، وينشغل الآخر بالإجابة، فلا يكون هناك مجال لطرح أيّ سؤال مزعج.
ومثال ما سبق، أنّ أحدهم قد يسأل غيره:"هل انتهيت من إجراءات الطلاق؟ وما هو شعورك؟"، فيجيب الآخر:"نعم انتهيت منها، أخبرني أنت كيف تسير أمورك العامّة؟ وكيف حال أطفالك؟"؛ وبهذا يكون قد أجاب عن السؤال إجابة مهذبة مع إبقائه الحديث مُستمِرّاً، وتجنَّب في الوقت نفسه التطرُّق إلى تفاصيل حياته الشخصية، ثمَّ إنّ بإمكانه تغيير الموضوع بحُجّة ضرورة أدائه عَملاً ما، أو توجيه الكلام إلى شخص آخر.
استخدام الشخص الفُكاهة في التعامل مع الفضوليين يجعل المواقف لطيفة، ويُتيح الفرصة لتجنُّب الإجابة عنها دون أن إظهار الغضب أو الانزعاج من استفساراتهم، أو أخذها على محمل الجدّ؛ ممّا يُظهره بمظهر غير المُهتَمّ بالحديث عن خصوصيّاته، ومن ثَمَّ تخطّي الأسئلة المُحرِجة المُتكرِّرة.
ويمكن للشخص الأعزب مثلاً أن يتعامل مع الأسئلة التي قد تُطرَح عليه في المناسبات العائلية، مثل "متى سوف تتزوج؟"، بروح الدُّعابة؛ فيجيب عنه بفُكاهة مع الضحك، فيقول:"لا تقلق، سأرسل لك دعوة عندما أفعل ذلك"، ويمكنه أن يقول بمُزاح وابتسامة: "لم أكُن أعلم أنّك تعمل مُحقِّقاً"، إن شَعَر أنَّه يتعرَّض للاستجواب.
على الرغم من أنّ بعض الأشخاص قد يضطرّون إلى الاستمرار في الحديث إلى الشخصي الفضولي، وخاصَّةً إن كان كبيراً في السِّنّ، أو أحد أفراد العائلة ممَّن يتحلَّى بالاحترام والتقدير لمكانته؛ فيكون مُجبَراً على الإجابة، ولا يستطيع التهرُّب منها، فإنّه يمكنه التصرُّف وكأنّه غير مُتأكِّد من الإجابة، ويمكنه أيضاً الإجابة باختصار وغموض لا يتضمَّن أيّ معلومات مُهِمَّة.
إذ ينزعج الأغلب من الأسئلة المتكررة حول الارتباط أو الراتب أو العمل، لذلك من الأفضل تجهيز إجابة معتمدة لهذا السؤال، لتجنب التوتر عند طرحه، فمثلاً إذا سأل أحدهم: "متى ستنجب أنت وزوجتك أطفالاً؟" تكون الإجابة: "لا أعرف، إن شاء الله نرزق بأطفال".
وإن طُرِح على الشخص سؤال، مثل:"كم راتبك؟"، فالإجابة المُقترَحة:"الحمدلله يكفيني إلى حين بلوغ نهاية الشهر"، فمثل هذه الإجابات تُرضي فضولهم، وتُحافظ على الخصوصية في الوقت نفسه، دون الحاجة إلى الكذب، وتجعل المحادثة مُمِلَّة أيضاً، فيفقد الآخر اهتمامه بالموضوع، ويمكنه أيضاً أن ينتقل إلى شيء أكثر إثارة؛ ممّا يساعده في التغلُّب على المواقف الاجتماعية والأسئلة غير المرغوب فيها.
على الرغم من أنّ الابتعاد عن الحقيقة واختلاق أمر ما لإسكات الشخص الفضولي سهل جدّاً، فإنّ الكذب سيزيد الأمور تعقيداً؛ إذ إنّ الشخص الفضوليّ قد يزداد فضولاً مُعتقِداً أنّ هناك ما جرى إخفاؤه عنه إن شَعَر بأنَّ الأمر بعيد عن الحقيقة؛ فتزداد أسئلته المُزعجة، وبما أنَّه فضولي، فلن يهدأ حتى يعرف الحقيقة، وسيكون هذا مُحرِجاً للطرف الآخر.
والكذب غالباً ما يقود إلى المزيد من الأكاذيب؛ للحفاظ على نسيج القِصَّة المُختلَقَة، والكذبة التي جرى حَبكها؛ ممّا قد يُسبِّب ضغوطاً نفسية، وتعقيدات غير ضرورية؛ إذ تظهر هذه المشكلة جليَّة عندما يمُرّ الوقت وتُصبح علاقة الطرفَين وطيدة، وتُكتشَف الحقائق؛ لذا، عادةً ما تكون الحقيقة -حتى وإن كانت غير مُريحة- أقلّ تعقيداً، وأكثر وضوحاً، ويمكن استخدامها دبلوماسيّاً في توجيه الحِوار بعيداً عن المواضيع الحسّاسة بإحدى الطُّرق المذكورة أعلاه.
المراجع
[1] lifecoach-directory.org.uk, dealing with difficult behavior nosey people
[2] believeinmind.com, how to deal with nosy people without losing your cool
[3] psychologytoday.com, ways to handle nosy people
[4] onlinelifeguide.com, how to deal with nosy people
[5] aconsciousrethink.com, how to deal with nosy people questions