جار التحميل...
وتستخدم هذه الأنواع أدوات ووسائل مُتنوِّعة تتناسب مع طبيعة القضايا التي تُعالِجها؛ ممّا يُوفِّر للدُّول مجموعة واسعة من الخيارات؛ لتعزيز مصالحها، وبناء علاقات إيجابية مع الدول الأخرى والمُنظَّمات الدولية، وفي ما يأتي أبرز هذه الأنواع:
تُعَدّ الدبلوماسية العامَّة "Public diplomacy"، وتُعرَف بـ (الدبلوماسية الشعبية)، نهجاً دبلوماسيّاً يعتمد على استخدام وسائل الاتِّصال والأنشطة المُوجَّهة للجمهور؛ بهدف التأثير في آراء الجماهير الخارجية ووجهات نظرهم، وبناء العلاقات بين الدول ومختلف الأطراف الفاعلة في الساحة الدولية وتعزيزها.
تشمل الدبلوماسية العامَّة مجموعة واسعة من الفعاليات، مثل: التبادلات الثقافية التي تُسهم في التقارب بين الشعوب، والبرامج التعليمية التي تُعزّز التفاهم المتبادل، بالإضافة إلى التواصل الإعلامي المُوسَّع الذي يساعد في نشر الرسائل، وتشكيل الصورة العامَّة للدولة على المستوى الدولي.
تُعَدّ الدبلوماسية الرقمية "Digital diplomacy" نهجاً دبلوماسيّاً حديثاً يعتمد على استخدام التكنولوجيا الرقمية وشبكة الإنترنت في العمل الدبلوماسي، وكانت قد ظهرت نتيجة للتطوُّر السريع في مجال الاتِّصالات وانتشار الإنترنت؛ ممّا وفَّر للدُّول وسائل جديدة وفاعلة للتأثير وبناء العلاقات على المستوى الدولي.
وتَستخدم هذه الدبلوماسية منصّات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية بوصفها وسائل أساسية لتحقيق أهدافها، وتهدف إلى تسهيل التواصل والتفاعل بين الدول والمنظمات الدولية والجمهور العالمي وتعزيزه، وقد أصبحت عنصراً مهمّاً في الممارسات الدبلوماسية المعاصرة؛ إذ تُتيح للدُّول فرصاً متنوّعة للتواصل المباشر والسريع مع مختلف الأطراف في المجتمع الدولي.
تُعرف الدبلوماسية الاقتصادية "Economic diplomacy" بأنَّها استراتيجية دولية تعتمد على توظيف الإمكانات والموارد الاقتصادية المُتاحة جميعها للدولة؛ لخدمة مصالحها الوطنية، وتشمل هذه الاستراتيجية استخدام أدوات اقتصادية متنوّعة؛ كالتجارة، والاستثمارات، والتمويل، وبرامج المساعدات التنموية؛ لتعزيز مكانة الدولة، وتحقيق أهدافها على الصعيد الدولي.
وتضطلع الدبلوماسية الاقتصادية بدور محوري في تعزيز التعاون العالمي، وخلق فرص عمل جديدة، ودفع عجلة الازدهار الاقتصادي، ثمَّ إنَّها تُسهم في حلّ النزاعات، وتوطيد العلاقات الدبلوماسية بين الدول.
تُعَدّ الدبلوماسية الثقافية "Cultural diplomacy" وسيلة فاعلة لتعزيز التواصل بين الشعوب؛ من خلال تبادل المُكوِّنات الثقافية المختلفة؛ كالفنون، والمعارف، والتقاليد، وتهدف إلى ترسيخ أسس التفاهم المشترك بين الأمم، وتحرص على كسب تأييد الرأي العامّ الخارجي للسياسات والمصالح الوطنية؛ عبر تعريف الشعوب الأخرى بقِيَم الدولة ونُظُمها المختلفة.
وتكمن قوّة الدبلوماسية الثقافية في قدرتها على إبراز الهوية الوطنية، وخلق التأثير الإيجابي في الساحة الدولية، وعلى الرغم من أنّها قد لا تحظى بالاهتمام الكافي أحياناً، فإنّ دورها في دعم استراتيجيات الأمن القومي يظلّ مِحوَرياً ولا يمكن إغفاله.
تُعَدّ الدبلوماسية الصحِّية "Health diplomacy" نهجاً مُتخصِّصاً في العلاقات الدولية، يُوظِّف الأدوات الدبلوماسية؛ لتعزيز الصحّة العالمية وحمايتها، وتعتمد هذه الدبلوماسية على استراتيجيات دبلوماسية؛ لمواجهة التحدّيات الصحّية العالمية، مثل الأوبئة، وتسهيل الحصول على الرعاية الصحّية، وتحقيق العدالة الصحّية.
وتتضمّن الدبلوماسية الصحّية أيضاً تعزيز التعاون الدولي؛ لتحسين النتائج الصحّية على المستوى العالمي، وتهدف إلى بناء شراكات دولية فاعلة؛ لمواجهة الأزمات الصحّية، وتطوير الأنظمة الصحّية في مختلف دول العالم.
تُعرف الدبلوماسية العلمية "Science diplomacy" بأنّها استخدام العلوم والتكنولوجيا بوصفها وسيلة لتقوية الروابط الدولية، وإنشاء قنوات تواصل بين الدول؛ إذ تُركِّز على مواجهة التحدّيات العالمية الكُبرى، مثل: ضمان الأمن الغذائي، ومكافحة التغيُّرات المناخية، وغيرها؛ بالاعتماد على نتائج الأبحاث العلمية، والابتكارات التقنية، وخبرات المُتخصِّصين.
وتهدف الدبلوماسية العلمية أيضاً إلى تحفيز التعاون العلمي على المستوى الدولي، وتسهيل تبادل المعارف والموارد بين مختلف البلدان؛ ممّا يسهم في تعزيز التفاهم المشترك، وإيجاد حلول مُبتكَرة للمشكلات التي تُواجه المجتمع الدولي.
تُعرف الدبلوماسية الرياضية "Sports diplomacy" بأنَّها استراتيجية فاعلة في مجال العلاقات الدولية، تستخدم قوّة الرياضة وجاذبيتها العالمية؛ لتعزيز التواصل والتفاهم بين الدول والشعوب؛ إذ تعتمد على توظيف الأحداث والمنافسات الرياضية بوصفها منصّة لبناء علاقات إيجابية وتخفيف حِدّة التوتُّرات السياسية.
وتهدف الدبلوماسية الرياضية إلى نشر قِيَم سامية، مثل: الروح الرياضية، والتعاون، والمُساواة، على المستوى الدولي، وتسعى أيضاً إلى استثمار الشغف المشترك بالرياضة في تقريب وجهات النظر، وتعزيز الحوار بين الثقافات المختلفة؛ ممّا يجعلها أداة مُؤثِّرة في تحسين العلاقات الدولية، ودعم جهود السلام العالمي عبر لغة الرياضة التي يفهمها الجميع.
تُعرف الدبلوماسية المناخية "Climate diplomacy" بأنَّها استخدام الوسائل والمهارات الدبلوماسية؛ لمعالجة التحدّيات العالمية للتغيُّر المناخي، وتتمحور حول إقامة حِوار وتعاوُن فعّال بين الدُّول والمنظمات الدولية والأطراف غير الحكومية؛ بهدف صياغة استراتيجيات مبتكرة وتطبيقها؛ للحَدّ من انبعاثات الغازات المُسبِّبة للاحتباس الحراري، وتعزيز قدرة المجتمعات على مواجهة آثار التغيُّر المناخي.
وتسعى هذه الدبلوماسية أيضاً إلى بناء توافُق دولي يتعلَّق بالقضايا المناخية المُلِحّة، وتتجلّى جهودها بوضوح في المفاوضات والمعاهدات الدولية، مثل اتِّفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ، وتهدف في نهاية المطاف إلى توحيد الجهود العالمية؛ لمواجهة أحد أهم التحدّيات البيئية في العصر الحالي.
وختاماً، تبرز الدبلوماسية بوصفها فنّاً مُتجدِّداً يتكيَّف مع مُتطلَّبات العصر، مُتخطِّية حدود التفاوض التقليدي لتشمل مجالات مُتنوّعة تعكس تعقيدات العالم المعاصر.
ويُشار إلى أنّ تنوُّع أشكال الدبلوماسية يعكس قدرة الدُّول على ابتكار وسائل جديدة للتواصل وبناء الجسور؛ ممّا يفتح آفاقاً واعدة لحَلّ النِّزاعات، وتعزيز التعاون الدولي، وفي ظلّ التحدّيات العالمية المتزايدة، تظلّ الدبلوماسية بأنواعها المختلفة أداة حيوية لصياغة مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً للبشرية جمعاء.
المراجع
[1] diplomacy.edu, Types of diplomacy
[2] bestdiplomats.org, Types of Diplomacy and Diplomatic Practice In 21st Century
[3] thekootneeti.in, What is Diplomacy? What are the types of Diplomacy?
[4] study.com, Diplomacy History, Tasks & Examples
[5] dergipark.org.tr, DEFINITION OF DIPLOMACY AND TYPES OF DIPLOMACY USED BETWEEN STATES