جار التحميل...
من شأن انتشار المساواة أن يحدّ من التمييز، وهو من أبرز أسباب العُنف في المجتمعات؛ إذ يرتبط ارتفاع مُعدَّل الجريمة بانتشار العُنصرية والتحيُّز على وجهَين؛ الأوَّل: ارتكاب العنف من قِبَل الأفراد الذين يرَون أنَّهم أكثر تفوُّقاً أو أهمِّية أو استحقاقاً من الآخرين؛ فلا يُمانعون توجيه الإهانات إلى غيرهم، أو سلبَهم حقوقهم، أو إيذاءهم بوصفهم أضعف منهم.
أمّا الوجه الثاني، فيتمثَّل بالعنف المُرتكَب من قِبَل ضحايا التمييز بوصفه وسيلة للانتقام، أو نتيجة للشُّعور بالنقص أو الدُّونية أو الظلم، أو وسيلة للحصول على حُقوقهم التي حُرِموا منها؛ ممّا يُظهر الحاجة إلى المساواة التي تُعالِج بدورها هذه المشكلات؛ الأمر الذي يخلق مجتمعاً أكثر أماناً وسلاماً.
عندما يتمكَّن الجميع من الوصول إلى الخدمات الصحِّية في المجتمع للحصول على العلاج اللازم، سيُصبح الأفراد أكثر صِحَّةً، وهو ما يُؤثِّر إيجاباً في مُتوسّط العمر المُتوقَّع للمواطنين، والرفاهية العامَّة، وجودة الحياة، وينعكس على المجتمع إيجاباً بما يتضمَّنه من أفراد أكثر نشاطاً وحيوية، وقادرين على الإنتاج والمُساهَمة في بنائه وتطويره.
ويتمتَّع الأفراد في المجتمعات التي تعتمد مبدأ المساواة بصِحَّة عقلية أفضل من أولئك المُعرَّضين للتمييز؛ إذ يكونون أقلّ عُرضة للتوتُّر، أو القلق، أو الاكتئاب، أو الوحدة، أو أيّ ضغوط نفسية.
وفقاً للمساواة، سيتمكَّن الأفراد جميعهم من الحصول على فرص متساوية في العمل، والتعليم، والرعاية الصحِّية، دون تمييز أو تفرقة؛ ممّا يُسهِم في تحسين ظروفهم المعيشية، والمساواة في المجتمع تُعزِّز أيضاً حقوق الفئات جميعها، ومنهم: النِّساء، والأشخاص ذوي الإعاقة، ومن ثَمَّ تمكينهم من المشاركة الفعّالة في المجتمع والاقتصاد.
تضمن المساواة حصول الأفراد جميعهم على حُقوقهم في التعليم، ومعاملتهم معاملةً متساوية في الفصول المدرسية؛ كتلقّي المكافآت والمِنَح والدورات التدريبية من جهة، وتلقّي العقوبات التأديبية من جهة أخرى، وهذا يضمن ارتفاع نسبة التعليم في المجتمعات، ومن ثَمّ تقليل الجهل والأُمِّية.
وترتبط جودة التعليم وانتشاره بتحسين قطاعات المجتمع الأخرى، مثل: القطاعات الصحِّية، والاقتصادية، والثقافية، والتكنولوجية، أمّا تأثيره في الأفراد، فيشمل التطوُّر المعرفيّ، وتعزيز الرضا عن الذات، والثقة بالنفس، والرَّفاهية الاقتصادية.
تُسهِم المساواة في تعزيز النموّ الاقتصاديّ والتنمية في المجتمعات؛ بزيادة الإنتاجية والابتكار الناتجة عن توظيف الأشخاص كافَّة وتشغيلهم على قَدَم المساواة من مختلف الخلفيات البيئية والثقافية والاجتماعية؛ إذ من شأن هذا التنوُّع في بيئة العمل أن يخلق المزيد من الأفكار ووجهات النظر والحلول الإبداعية التي يُمكن أن تُفيد أفراد المجتمع بشرائحه كافَّة، وتُحسِّن دخل الشركات أو المؤسسات، والدخل المحلّي في الوقت نفسه.
والانتماء الذي يشعر به الأفراد جرّاء تلقّي معاملة متساوية في بيئة العمل تحديداً، يُمكن أن يُحفِّز الإنتاجية، ويُعزِّز العمل بروح الفريق، ويُقلِّل التوتُّرات التي يُمكن أن تنتج عن التمييز، وتُشتِّت الأفكار الإبداعية.
تُسهِم معاملة الأفراد معاملة متساوية في تمكين جميعهم من الوصول إلى الخدمات المجتمعية المختلفة والاستفادة منها بالقدر ذاته دون تفرقة، وهو ما يُشعر الشخص بالأهمية والتقدير والاحترام الذي يستحقِّه باعتبار قيمته الإنسانية المساوية لقيمة غيره من الأفراد، ومن ثَمَّ العودة بالنَّفع على حياته الشخصية؛ إذ يُصبح أكثر سعادةً ورضا وإنتاجية، وعلى المجتمع كلِّه بتقوية روابط المَودَّة بينه وبين غيره من الأفراد.
يُشكِّل الأشخاص ذوو الإعاقة شريحة مُهِمَّة من المجتمع؛ لذا، فإنّ المساواة بتعزيز حقوقهم في التعليم والرعاية الصحية والفرص الوظيفية، وتمكينهم من المشاركة الفعّالة في المجتمع، تساعد في حصولهم على الدَّعم اللازم والتمكين بما يُظهِر إبداعاتهم، ويُعزِّز أدوارهم في بناء المجتمع وتطوُّره، ويُحسِّن جودة حياتهم، إضافة إلى أنَّ المساواة تُسهِم في زيادة الوعي بقضاياهم.
المراجع
[1] careadvice.buckinghamshire.gov.uk, Why is equality and diversity important?
[2] thoughtfull.world, Nurturing Mental Health Equality in an Unequal World
[3] bolton.ac.uk, Should We Care About The Nation's Health
[4] who.int, Disability
[5] allkidsbike.org, Why Community and Social Interaction Are So Important for Individuals With Disabilities