جار التحميل...
ويجدر بالذِّكر هنا أنّ عملية التفاوض على أوّل راتب عمل تُعَدّ خطوة مهمّة وإيجابية؛ لأنَّها تُحدّد القيمة الحقيقيّة للمُتقدِّم إلى الوظيفة في السوق بما يتناسب مع خبراته ومُؤهّلاته، وهي بمثابة نقطة الانطلاق في المسار المهني، كما تؤثّر في مستوى الدخل في المستقبل بشكل عامّ، ويمكن تقسيم خطوات التفاوُض على الراتب إلى نقطتَين رئيستَين، هما: خطوات مهمة يجب إنجازها قبل الذهاب للتفاوض، والاستراتيجيات الفعّالة التي يمكن استخدامها في عملية التفاوض.
ويشمل عِدّة أمور على النحو الآتي:
لا بُدّ من مراعاة أن تكون عملية التفاوض على الراتب مَبنيّةً على دراسات سوق العمل، وعدم طرح أيّ أرقام خيالية وغير واقعية، لذا ينبغي قبل الذهاب إلى مقابلة العمل الأولى إجراء بحث شامل عن متوسّط الرواتب للوظيفة المطلوبة في مختلف الشركات بما يتناسب مع الخبرات والمهارات المطلوبة لحديث التخرُّج الذي لم يسبق له العمل من قبل؛ إذ يُمكِّنه ذلك من التفاوض بثقة وعقلانيّة وواقعيَّة أكبر، كما يُظهِر لصاحب العمل مدى اهتمامه بالشاغر الوظيفي.
ويُمكن معرفة الكثير من المعلومات عن الشركة، وسلّم الرواتب للشاغر الوظيفي المُراد التفاوُض عليه؛ من خلال البحث في العديد من المواقع الإلكترونية المُتخصِّصة، مثل موقع جلاس دوور (Glassdoor) الذي يُقدِّم معلومات عامَّة عن الشركات، وطبيعة بيئة العمل فيها، والرواتب التي تُقدّمها، وغيرها من المعلومات؛ من خلال جمع تقييمات الموظفين والمرشَّحين السابقين في تلك الشركات وآرائهم، بالإضافة إلى موقع لينكد إن (LinkedIn)؛ وهو منصّة من منصّات التواصل الاجتماعيّ خاصَّة بالمُوظَّفين، تهدف إلى بناء شبكة من المعارف المهنية؛ لتبادُل الخبرات المُتعلِّقة بعالم الأعمال.
يُنصَح بإجراء مُحاكاة لعملية التفاوض مع أحد الأصدقاء، أو أفراد العائلة، وطرح الأسئلة والسيناريوهات المُتوقَّعة؛ فمن شأن ذلك أن يُحسِّن مهارات التفاوض، ويكسر حاجز الخوف، ويزيد الثقة بالنفس، لا سِيَّما عند التفاوض في مقابلة العمل الأولى.
ومن الأمور التي ينبغي التدرُّب عليها تحضير رُدود مناسبة لبعض الأسئلة الشائعة في المقابلات، مثل: "ما هي توقُّعاتك عن الراتب؟"، بالإضافة إلى تحضير أسئلة مناسبة تتعلَّق بالراتب بشكل عامّ؛ كالمُكافَآت، والزيادات السنوية، مع مراعاة طرحها بطريقة مناسبة، ومراعاة أنّ مقابلة العمل الأولى قد لا تتضمّن الكثير من المُميّزات الوظيفية من مثل الراتب؛ لعدم امتلاك الكثير من الخبرة والمهارات المهنية بعد، وخاصّة لحديثي التخرُّج، كما يُنصَح بعدم السؤال عن الراتب حتى يسأل صاحب العمل عن التوقُّعات المالية، كما ينبغي التدرُّب على كيفية إظهار المهارات، وتسليط الضوء عليها، والحفاظ على أجواء إيجابية؛ لزيادة فرصة الحصول على الراتب المطلوب.
وأبرزها ما يأتي:
أولى النقاط المهمّة التي يجدر الاهتمام بها أثناء التفاوض على الراتب في مقابلة العمل الأولى هي الثقة بالنفس؛ إذ تعكس مهارات المُرشَّح، وقيمته الحقيقة، وتُعزّز وجهة نظره، ويُمكن تعزيزها عبر التحدُّث بوضوح، والجلوس بوضعية صحيحة ومُريحة، والحفاظ على لغة جسد سليمة، بالإضافة إلى الاعتناء بالمظهر الشخصي، وارتداء ملابس رسمية وأنيقة، ممّا يجعل عملية الإقناع ناجحة وفعّالة، ويزيد فرص النجاح عند التفاوض على الراتب.
ينبغي التركيز على نقاط القوّة أثناء مقابلة العمل والتفاوض على الراتب؛ إذ إنّ المُرشَّح حديث التخرُّج لا يمتلك غالباً الخبرة العملية كميزة في التفاوض، إلّا أنّه قد يتمتّع بالتدريب المناسب على أحدث أنواع التكنولوجيا والتطوّرات في مجاله، والتي قد لا يمتلكها بعض الموظفين الحاليّين في الشركة.
ولهذا يجب إبراز المهارات المهنية ونقاط القوة قدر الإمكان عند التفاوض على الراتب، ومن الأمور التي تساعد على ذلك مناقشة المعايير التي اعتمدتها الشركة لتحديد الرقم المناسب للمهارات التي يمتلكها المُرشَّح، وقد يتبيَّن بعد هذا النقاش أنّ بعض المهارات والخبرات المهمّة التي يحتاج إليها مكان العمل لم تُؤخَذ في الاعتبار من قِبَل الشركة، وبالتالي قد يساعد ذلك في عملية التفاوض بنجاح.
لا بُدّ من الحفاظ على أجواء ودّية مليئة بالاحترام أثناء التفاوض؛ إذ يُبرِز ذلك الثبات الانفعالي، ومهارات العمل، والاحترافية في النقاش، عند المُرشَّح، ممّا يُعزّز فرص الحصول على الوظيفة؛ وذلك من خلال النقاش الفَعّال، وتوضيح كيف سيستفيد كلُّ طرف عند نجاح التفاوض وتوقيع عقد العمل.
ومن الأمور التي تُضفي جوّاً مُريحاً على جلسة النقاش أيضاً الحفاظ على تعابير وجه مبتسمة وبشوشة، مع الابتعاد عن نبرة الصوت المرتفعة والحادّة، وإظهار الاهتمام بالعرض المُقدَّم من قِبَل الشركة؛ بقول بعض الجُمل في نهاية المُقابلة، مثل: "أشكركم على هذا العرض الوظيفي وأقُدِّر جهودكم"، أو "لقد كنت مسروراً جداً لمقابلة كلّ شخص خلال عملية التوظيف"، وإن تباعَدَت وجهات النظر كثيراً، فعندها يُمكن عدم الاستمرار في التفاوض والانسحاب بكلّ أدب واحترام.
وختاماً، يسعى الكثير من أصحاب العمل والشركات إلى الحصول على مُوظَّفين بمهارات عالية وبأقلّ راتب ممكن في الوقت ذاته، إلّا أنّ اتِّباع الخطوات السابقة يُمكِّن المُرشَّح من الحصول على راتب أعلى ومناسب للمهارات الحالية، مع الأخذ في الاعتبار أهمية عدم تقديم أيّ معلومات كاذبة أو مُضلّلة أثناء التفاوض؛ كادِّعاء وجود عروض عمل أخرى برواتب أفضل؛ إذ ستؤدّي هذه المعلومات إلى فشل عملية التفاوض وخسارة العرض الوظيفي المُقدَّم.
ومن الأمور الأخرى المهمّة تأخير مرحلة التفاوض إلى أن تُقدِّم الشركة عرضها الوظيفي الرسمي؛ لأنّ المُبادَرة بالتفاوض اثناء مقابلات التوظيف قد يعكس صورة سلبيّة عن المُرشَّح، وخاصّة قبل تقديمه ذاته ومهاراته المهنية بشكل مُفصَّل؛ فالشركة خلال مرحلة التوظيف تحاول بناء تصوُّر شامل عن مهارات المُرشَّح وخبراته أوّلاً، ثمّ تقدير الراتب المُستَحَقّ.
المراجع
[1] extern.com, Negotiating Entry Level Salary: When and How to Ask for More
[2] sccfcu.org, How to Negotiate Salary for Your First Job
[3] forbes.com, That First Job Offer: 5 Tips For Negotiating Your First Salary
[4] cnbc.com, How to negotiate the salary for your first job: ‘Employers are expecting you to,’ says expert
[5] indeed.com, How To Negotiate Your First Salary (With Tips)