جار التحميل...
والعلاقة الإيجابية بين الأسرة والمدرسة ضرورية؛ لضمان تحقيق أفضل النتائج من العملية التعليمية، ولا ترتبط هذه العلاقة بأداء الطلاب الأكاديمي فحسب، بل تؤثّر أيضاً في تطوُّرهم الاجتماعي والمهنيّ، وبما أنّ الأسرة هي البيئة الأولى التي يتعلَّم منها الطفل، كان لا بُدّ على الوالِدين أن يُخصِّصا وقتاً لتعليم أطفالهم القِيَم والمُعتَقدات التي تسهم في نُمُوّه وخدمة محيطه، ومنها التعاون؛ من خلال تعريفه بأهمية العمل التطوُّعي والجماعي، وتقديم المساعدة عند القدرة على ذلك؛ كمساعدة الأم في أنشطتها اليومية، ومساعدة الزملاء في الفصل الدراسي في كثيرٍ من الأمور.
تُقام العديد من الأنشطة التعاونية في المدارس؛ بهدف تعليم الطلاب كيفية مواجهة تحدّيات جديدة بمساعدة مُوظَّفي المدرسة؛ إذ يمكن أن يتعاون الطلاب لتنظيم هذه الأنشطة والفعاليات، وهي فرصة حيوية لتعليمهم التعاون وتجربة أنشطة جديدة ومتنوّعة معاً، ومن الأمثلة على هذه الأنشطة: مُبادَرات الحَدّ من النفايات وإعادة تدويرها؛ بوضع صناديق إعادة التدوير في الساحات والمَمرّات، وتعاون الطلاب في الحَدّ من استخدام الموادّ البلاستيكية التي تُستخدَم مرة واحدة؛ لتعليمهم المسؤولية البيئية، والمساهمة في مستقبلٍ مُستَدام؛ من خلال الحفاظ على الموارد.
تُنشئ معظم المدارس أندية طلابية غير منهجيّة تُمثِّل فرصة للابتعاد قليلاً عن الكتب والفصول المدرسية، وتُوفِّر بيئة تعليمية جماعية لمشاركة الاهتمامات، علماً بأنّ العثور عليها قد يكون صعباً خارج المدرسة، أمّا المشاركة فيها فهي بمثابة كنز لتنمية المهارات الجماعية؛ إذ من شأنها تعليم الطلبة كيفية التعامل مع الآخرين بإيجابية، وتعزيز مهارات حلّ المشكلات لديهم؛ فكونهم جزءاً من فريق كرة السلّة، أو الرَّسم، أو الشطرنج، مثلاً، يعني تواجدهم في مجموعة ذات اهتمامات مشتركة مع اختلاف المهارات الفردية، ممّا يدفعهم إلى التعاون في تبادل المعرفة وإلهام الآخرين.
والتعاون مع الآخرين لتعليمهم المهارات التي يحتاجون إليها يُمكن أن يُخفِّف قدراً كبيراً من الضغط الناتج عن بحث كلّ فرد عن المعلومة؛ فبدلاً من التسجيل في دوراتٍ خاصّة، يمكنه أن ينضمّ إلى مجموعة مختلفة في كلّ مرّة ليكتسب المهارة التي يريدها، ممّا يُسهم في تحسين مستقبل الطلبة؛ لأنّ حصولهم على فرص لامنهجيّة خارج إطار الدراسة يُمكِّنهم من التعرُّف إلى الفرص الوظيفية المُمكِنة مستقبلاً.
يحتاج كثير من الطلاب إلى المساعدة في الدراسة؛ لأنَّهم قد يُعانون من صعوبة في فهم بعض الموادّ؛ إمّا لضعف في القدرات والمهارات، أو لأنَّهم يحتاجون إلى معرفة كيفية دراستها بشكل صحيح.
لذا، يُمكن للطالب المُتمكِّن أن يستخدِم استراتيجية تدريس الأقران (Peer Teaching) لمساعدة زميله؛ فيمكنه مثلاً أن يتشارك معه في حفظ قائمة معاني المصطلحات والمفردات، ثمّ يتناوبان في تسميعها، كما يُمكن تشكيل مجموعات دراسية من عددٍ من الطلاب لشرح المادَّة بالتناوب حسب الجزء الذي يُتقِنه كلّ منهم، وتشجيعهم على حل الواجبات المدرسية، مع ترك المجال للبقيّة لطرح الأسئلة والمناقشة أثناء الشرح.
يمكن جعل عملية التعليم أكثر فاعلية من خلال التعاون بين المعلم والطلاب؛ كأن يطلب منهم على سبيل المثال تقديم عرضٍ توضيحي حول "أهمية الحفاظ على المياه"، الأمر الذي من شأنه أن يُمكِّن الطلاب من العمل فرديّاً لجمع المعلومات، ثمّ جماعيّاً للتعاون وتقديم عرض مُميّز، ممّا يُعزّز فوائد التعلّم القائم على النهج البنائي (بناء الطالب للمعرفة بنفسه من خلال البحث والتجربة والتفكير).
ومن الأمثلة الأخرى على التعاون في إيصال الأفكار مراجعة الطالب أو مجموعة من الطلاب الدرس السابق لبقية الزملاء، أو إعادة سرد قصّة سَبَق لهم قراءتها أو سماعها، أو مساعدة الطلاب المُتفوِّقين للطلاب الآخرين على إنجاز الأنشطة والمهامّ الصفّية باستخدام أساليب متنوّعة وبسيطة؛ كوصف الكلمات الجديدة دون كلام، أو كتابة الأفكار الرئيسة على بطاقات وشرحها للطلاب في الصف.
قد يكون للطلاب تأثير قوي في مجتمعهم المدرسي وخارجه عند انضمامهم إلى مجموعات العمل التطوّعي لتنظيف الساحات، أو زراعة الرصيف، أو التطوع لتوصيل المُشتَرَيات والأدوية لكبار السنّ، أو رعاية الحيوانات الأليفة المُصابة، أو جمع الأغراض غير المُستخدَمة في البيت وبيوت الزملاء والتبرُّع بها، وما إلى ذلك من الأمثلة التي لا حصر لها ومن شأنها تطوير شعور التعاطف والالتزام بخدمة الآخرين، ومساعدة الطالب على الربط بين ما تعلّمه في المدرسة وبين الحياة الواقعية ليصبح شخصاً متعاوناً في كافة الجوانب الحياتية.
وختاماً، عندما يتعاون الطلاب معاً، تتشكّل بينهم علاقات اجتماعيّة إيجابية، إلّا أنّ الأمور قد لا تسير بسلاسة دائماً، وقد تظهر بعض المشكلات بينهم، مثل كراهية بعضهم للعمل الجماعي؛ لأنّهم يعتقدون أنّ جهدهم لن يظهر كما لو أنجزوا العمل بمفردهم، أو افتقار بعضهم لمهارات التواصل الجيِّدة، ويمكن للوالِدَين والمُعلِّمِين التغلُّب على ذلك من خلال تقديم المساعدة لتطوير المهارات اللازمة؛ كتوضيح المبادئ الأساسية للعمل ضمن المجموعة، بما في ذلك مهارات الاستماع والحوار.
المراجع
[1] kidsintransitiontoschool.org, 5 Tips For Teaching Cooperation
[2] apguru.com, 115 Community Service Examples With List Of Extracurricular Activities
[3] educationworld.in, Importance of collaborative learning in the classroom
[4] helpfulprofessor.com, 28 Cooperative Learning Examples, Skills & Benefits
[5] theglobalcollege.com, Why are extracurricular clubs important?