جار التحميل...
لا يُعَدّ وضع الأهداف المهنية وحدَه كافياً لتحقيقها، بل ينبغي أن تكون هذه الأهداف ذكيَّةً؛ لأنَّ ذلك يساعد على تحديد الوظائف التي تناسب الشخص والاتِّجاهات المناسبة له، بالإضافة إلى تقسيم الأهداف الكبيرة والمعقدة إلى خطواتٍ قابلةٍ للإدارة وواقعيةٍ، وتتبُّع التقدُّم، وتحفيز الذات لدى كلّ إنجاز؛ للاستمرار في تجاوز التحدّيات، علماً بأنَّ هناك خمسة أمور مهمة لا بُدّ من مراعاتها عند وضع الأهداف المهنية، وهي كالآتي:
وضع أهداف محددة وواضحة يساعد في تحقيقها؛ فكلّما كانت الأهداف واضحةً، كان من السهل وضع خطة قابلةٍ للتنفيذ لتحقيقها؛ إذ بدلاً من وضع هدف عامّ وغامض، مثل: (أريد تحسين مهاراتي في البرمجة)، ينبغي وضع هدف مُحدَّد ذي معايير واضحة ودقيقة، وتحديد المهارة التي تحتاج إلى تطوير وتحسين؛ كقول: "أريد الالتحاق بدورة تعلُّم لغة البرمجة البايثون (Python)؛ لتطوير مهاراتي فيها" مثلاً، الأمر الذي يُسهِم في توجيه الجهود والتدابير نحو السبيل الصحيح كي تؤتي ثمارها.
يُقصَد بالأهداف القابلة للقياس تلك التي يمكن متابعة إحراز التقدُّم نحوها، وتُوفِّر إشارة واضحة حول إمكانية تحقيق الهدف والنجاح فيه؛ فعلى سبيل المثال، يُعَدّ هدف "أريد الانتهاء من 3 وحدات في دورة تعلُّم لغة البرمجة بايثون في شهرين" قابلاً للقياس أكثر من هدف "أريد العمل عبر الإنترنت في مجال لغات البرمجة".
يجب وضع أهدافٍ يتحدّى الشخص بها قدراته، إلّا أنّ هذه الأهداف يجب أن تكون واقعية غير مُبالَغ فيها، وتتناسب مع مهاراته، وقدراته، وموارده، والمدَّة الزمنية المُحدَّدة لإنجازها، ومن المهمّ أيضاً منح الأولوية للأهداف المهمة والتركيز عليها وعلى الأهداف الأقلّ صعوبة.
فعلى سبيل مثال، يُعَدّ "إطلاق مشروع منزلي صغير في العام القادم أثناء إكمالي دراستي" هدفاً مهنياً مناسباً إلى جانب الضغوطات الأكاديمية، بدلاً من هدف "أريد أن أكون مديراً لشركة تكنولوجية، مع أنّي لا أزال في مرحلة الدراسة"؛ فوضع أهداف واقعية، ومنطقية، وقابلة للتحقيق، يُعزّز الثقة بالنفس، والشعور بالإنجاز عند تحقيقها، ويمنع الشعور بالإحباط، واليأس لدى عدم القدرة على تحقيقها.
من المهمّ أن تكون الأهداف مترابطة ومتوافقة مع قِيَم الشخص، وتطلُّعاته المهنية على المدى الطويل، ومن المهمّ أيضاً أن يسهم كلّ هدف في تحقيق أهداف مستقبلية أكبر وأفضل؛ فعلى سبيل المثال، إن كان الهدف المهني الأكبر المُراد تحقيقه على المدى الطويل هو الحصول على ترقية، ينبغي وضع أهداف مُترابِطة تساعد على الوصول إلى هذا الهدف، مثل: الحصول على دورات تدريبية مُعيَّنة، أو تطوير مهارات العمل الجماعي والقيادة، وغير ذلك.
الاهتمام بالوقت ووضع حَدّ زمنيّ لتحقيق الأهداف أمر بالغ الأهمية في ظلّ التنافُسيَّة العالية على فرص العمل والتطور المستمرّ، لذا ينبغي وضع خطط زمنية مُحدَّدة؛ لتحقيق الأهداف بانتظام؛ فالأهداف دافعٌ مهم يمنح شعوراً بضرورة العمل والإنجاز في منطقة اللاوعي، إذ بدلاً من وضع هدف (تعلُّم اللغة الإسبانية)، يجب وضع هدف (تعلُّم اللغة الإسبانية في ستَّة أشهر بتخصيص 30 دقيقةً يومياً لممارسة اللغة).
يُعَدّ هدف "تطوير مهاراتي في علم البيانات؛ لضمان الأمان الوظيفي في الشركة التي أعمل بها" هدفاً عامّاً وغير واضح ولا مُحدَّد؛ ولهذا لا نعدُّه هدفاً ذكيّاً، ولجعله كما نريد، يمكن وصفه بالوصف الآتي: "تحديد نقاط الضعف لديّ في علم البيانات، والحرص على تطوير مهاراتي، والوصول إلى المستوى المطلوب؛ لأصبح خبيراً في هذا المجال، ويلمس زملائي بالعمل نتائج هذا التطور، فيعدّوني خبيراً في هذا المجال بحلول نهاية العام".
فهذا الوصف يُوضِّح الهدف، ويؤكّد على ضرورة تحديد نقاط الضعف؛ لتطوير المهارات، كما يُحدِّد كيفية قياس النتائج؛ وهي أن يلمس الزملاء في العمل نتائج التطوُّر، فيُؤكِّدون على امتلاكه الخبرة بالفعل، بالإضافة إلى أنَّه يُحدِّد أيضاً المُدَّة الزمنية لتحقيق هذا الهدف؛ ألا وهو نهاية العام.
ومن الأمثلة على ذلك أيضاً: هدف "أريد أن أصبح مديراً في الشركة التي أعمل فيها"، وهو هدفٌ عامّ غير مُحدَّد، الأمر الذي لا يجعل منه هدفاً ذكيّاً، إلّا أنّ تحويله إلى هدف ذكي أمر سهل؛ بتحديده بالصيغة الآتية مثلاً: "تطوير مهارات القيادة لديّ بحلول نهاية العام؛ بوضع نفسي في سيناريوهات جديدة تساعد على تطوير مهارات التواصل الثقافي، والتعاون، والتخطيط الاستراتيجي، والتأثير، ويجب أن يُلاحِظ مديري في العمل تطوُّر مهارات القيادة لديّ".
فهذا الوصف يُحدِّد الهدف بوضوح؛ وهو تطوير مهارات القيادة، ويُحدِّد كيفية تحقيقه؛ وهو وضع النفس في سيناريوهات تُؤدّي إلى تطوير مهارات القيادة، ويُحدِّد المدة الزمنية المطلوبة؛ ألا وهي حلول نهاية العام، كما أنَّه يُحدِّد كيفية قياس نتائج التطوُّر؛ بمُلاحظة المدير هذا التطوُّر.
وفي الختام، لا يُعَدّ وضع الأهداف أمراً سهلاً، وهو قد لا يتحقَّق في الحياة الواقعية على نحو مِثاليّ من المُحاوَلات الأولى، إلّا أنَّ اتِّباع خطواتِ وضع الأهداف الذكية الخمس سيُساعد في تحقيقها، ويُؤدّي دوراً مُهمّاً في بلوغ النجاح.
المراجع