جار التحميل...
ويحتفل العالَم باليوم العالَميّ للتنوُّع الثقافي في 21 مايو من كلّ عام، مُسلِّطاً الضوء على أهمَّيَّة التنوُّع الثقافي، ودوره في تنمية المجتمعات، وليكون فرصةً للتذكير بأهمِّية التفاعل الثقافي، والحوار بين الثقافات المختلفة، لبناء عالَم أكثر تسامُحاً وتطوُّراً.
في عصرنا الحديث والمُتَسارِع، يُشكِّل التنوُّع الثقافي، القوَّة التي تمنحنا الفهم الأعمق والتقدير الأوسع للعالَم من حولنا؛ فكلّ ثقافة تحمل معها الكثير، وتفتح لنا آفاقاً جديدة.
ويبدأ تأثير التنوُّع الثقافيّ على مستوى الفرد الواحد؛ فمُواجهة ثقافات مختلفة تفتح أبواباً جديدة للتطوُّر، والتعلُّم، ورؤية الأمور من مناحٍ عِدَّة، كما أنَّها تُحفِّز الفضول لاكتشاف المزيد من الثقافات الأخرى، واكتساب مهارات جديدة للتفاعل مع العالَم بصورة أفضل، كما أنَّ قبول الثقافات المُتنوِّعة يجعل الفرد مُنفَتِح الفِكر والقلب؛ فمن خلال فهمنا للثقافات الأخرى، سنتمكَّن من بناء جسور التفاهم، والاحترام، والتسامُح، والتعاوُن، ممّا يساعد على تقبُّل الاختلاف، وتقدير التشابُهات بين الأفراد.
ويُؤدّي التنوُّع الثقافي إلى غِنى المُجتَمعات؛ فهو يبني جسوراً من التواصُل والتفاهُم بين الأفراد من ثقافات مختلفة، وهذا يتحقَّق بالتعرُّف إلى هذه الثقافات، وتعلُّم قِيَم وعادات مختلفة، وبالتالي فهم أفكار الآخرين ومُعتَقَداتِهم بصورة أفضل، وبناء قِيَم التسامُح والتعايُش السلميّ، وتقليل حِدَّة الصِّراعات بين الأفراد والمُجتَمَعات.
كما يُتيح التنوُّع الثقافي، فرصة التعلُّم المُتبادَل والحِوار المُثمِر؛ فعند التفاعل مع أشخاص من ثقافات مختلفة، يمكن التعلُّم من أفكارهم وآرائهم وتجاربهم وخبراتهم، وهذا الأمر يُثري الخِبرات الشخصية والثقافية، ويُعزِّز روح الإبداع والابتكار لدى الأفراد؛ فعلى سبيل المثال، يمكن أن يقترح شخص من خلفية ثقافية مُعيَّنة، حَلّاً لمشكلة ما في العمل، استناداً إلى خبراته وقِيَمه الثقافية، فيُلهِم هذا الحلّ أفراداً آخرين لاقتراح حلولٍ مُبتَكَرةٍ أخرى.
وللتنوُّع الثقافي، دور مُهِمّ أيضاً في النهوض بالتنمية الاقتصادية للمجتمع، وخلق فرص عمل جديدة؛ إذ يُحفِّز المجتمعات المُتنوِّعة ثقافيّاً، على فتح أبواب جديدة للتجارة، وجذب استثمارات أجنبية مُتنوِّعة، إضافة إلى تبادل الخبرات والتكنولوجيا بين الثقافات المختلفة في عِدَّة مجالات، مثل: العلوم، والتكنولوجيا، والصِّناعة، كما يُنمّي التنوُّع الثقافي، السياحة الثقافية، ويزيد إيراداتها؛ من خلال جذب السُّيّاح الذين يرغبون في استكشاف ثقافات جديدة، وعيش تجارب مُختلفة.
على الرغم من فوائد تنوُّع الثقافات، ومتعة استكشاف عاداتها وتقاليدها ومُعتَقَداتها، إلّا أنّ التنوُّع الثقافي يتضمَّن بعض التحدِّيات أيضاً، مثل اختلاف اللغة الذي قد ينجم عنه انفصال الفرد اجتماعياً، أو صعوبة التواصل مع الآخرين، وخاصَّة في بيئة العمل، لكنَّ هذه المشكلة غالباً ما تكون مُؤقَّتة؛ لأنَّ بإمكان الفرد، تعلُّم لغة البلد في نهاية الأمر.
وفي حين أنَّ التنوُّع الثقافي يدفع بيئة العمل تحديداً نحو الإبداع والابتكار؛ لتمتُّع المُوظَّفين مُختَلِفي الثقافات بخلفيّات وخبرات مختلفة، إلّا أنَّه قد يُبطِّئ عمليَّة اتِّخاذ القرار أحياناً؛ لكثرة الآراء ووجهات النظر، وصعوبة الوصول إلى توافُق بينها، وهذا ما يمكن إدارته باستراتيجيات تنظيمية فَعّالة في بيئة العمل، وتحديد مَهامّ كلّ فرد فيها.
أمّا التحدّي الآخر الذي قد يُواجِهه التنوُّع الثقافي، فيتمثَّل بأنَّ ارتباط الأشخاص بثقافتهم الأصلية واندماجهم، قد يُنسيهم أحياناً أنّ الاختلاف في الثقافات أمرٌ طبيعيّ، بل وصِحِّيّ أيضاً، ممّا يُولِّد بعض التوتُّرات الاجتماعية، وهنا تَبرز الأهمِّية الكبيرة لزيادة الوعي فيما يتعلَّق بالتنوُّع الثقافي، وتأثيره في الفرد والمجتمع؛ من خلال فهم الاختلافات الثقافية، وتقديرها، وتطوير الانفتاح، والتعاطف مع الآخرين، والتعرُّف إلى الثقافات الأخرى في البيئة المحيطة، وتطوير الانتباه والوعي بتفاصيلها واختلافاتها، وقبول هذه الاختلافات باحترام، مع إدراك تأثيرها في الفرد والمجتمع، ممّا سيُؤدّي إلى تحسين التواصل والتعايش بين الثقافات بصورة أفضل، وتجنُّب إساءة الفهم، أو التصرُّفات غير المُتعمَّدة التي قد تؤذي الآخرين.
وختاماً، يمكن القول: إنَّ فوائد التنوُّع الثقافي وأهمِّيته للمجتمعات تتفوَّق بلا شكّ على تحدِّياته؛ بمُساهَمَته في تعزيز ثقافة الاحترام والتعايش السلميّ في المجتمع، وتحفيز الابتكار والإبداع، وتنمية الاقتصاد؛ لبناء مُجتَمَعات أكثر تطوُّراً وانفتاحاً.
[1] uopeople.edu, What Is Cultural Diversity And Why Is It Important?
[2] zhic.gov.ae, التنوع الثقافي
[3] fastercapital.com, Cultural Diversity And Its Significance In Our Lives
[4] enel.com, The energy of cultural diversity, for equitable and sustainable development