جار التحميل...
فمثلًا، يمكن تشجيع الأطفال على التعاون لترتيب غُرفهم الخاصة وإنجاز واجباتهم المدرسية، فيساعد الأخ الأكبر أخاه الأصغر في فهم مسألةٍ ما، بينما يتعاون الأخ الصغير مع الكبير لترتيب ألعابه وحاجياته، وهكذا.
ولا تقتصر فوائد التعاون على العالَم والمجتمعات فقط، وإنَّما تمتدّ لتشمل الأفراد أنفسهم أيضاً؛ إذ يترك آثاراً إيجابية مُتعدّدة في حياتهم، وفيما يأتي مزيد من التفاصيل عن أثر التعاون في كلٍّ من الفرد والمجتمع.
يُؤثّر التعاون إيجاباً في حياة الفرد؛ سواء على المستوى الشخصي، أو المهني، ومن هذه الآثار الايجابية:
يساعد التعاون على تطوير المهارات الشخصية، مثل: مهارات حل المشكلات، والتفكير النقدي، واتِّخاذ القرارات، إضافة إلى تطوير مهارة الالتزام والاستماع النَّشِط الذي يتَّسِم بالتركيز والاهتمام بما يقوله المُتحدِّث، ومهارات التواصل الفَعّال؛ لأنّ المشاركة والعمل الجماعي مع شخصيّات من أعمار مُتفاوِتة وخلفيات تعليمية وفكرية مختلفة يساعد في تبادل الخبرات والمعارف بين الأفراد، ويُحفِّز نقاط القوّة لدى كلٍّ منهم؛ فمشاركة المهارات والخبرة الفردية مع الآخرين يُسرِّع عملية النُّمُوّ والتطوُّر لدى كلّ فرد مع مرور الوقت.
تُسهِم البيئة التي يكون فيها التعاون سائداً في تحقيق أهداف الأفراد الشخصية والمهنية؛ لسبَبَين رئيسَين؛ أوّلهما أنّ تشارك المهارات والخبرات يُسرِّع تحقيق الأهداف، ويُعزِّز جودتها وفعاليّتها، وثانيهما أنّ البيئة التعاوُنية تسمح للأفراد بأن يكونوا أكثر أماناً وانفتاحاً لمشاركة أفكارهم وآرائهم، ممّا يزيد ثقتهم بأنفسهم لمُواجَهة التحدِّيات ومشاركة أفكارهم الإبداعية، لا سِيَّما إن كانوا أفراداً انطِوائيّين أو مُتردِّدين نتيجة الخجل أو الخوف؛ بفضل الدَّعم والتشجيع من قِبَل الأشخاص المُتعاوِنين معهم.
يُؤثّر التعاون إيجاباً في صِحَّة الأفراد النفسية والعاطفية؛ لأنَّه يخلق بيئة قائمة على المشاركة، والدعم المُتبادَل، والتحفيز، وهذه البيئة التعاوُنية تُخفّف الشعور بالتوتر والإرهاق، وتُعزِّز شعور الأمان والترابُط بين الأفراد، بالإضافة إلى أنّ الإسهام في العمل الجماعي يُشعِر الفرد بقيمته وأهمّيته، ويرفع مُستَوَيات السعادة والرفاهية لديه، وهذه التأثيرات الإيجابية في الصحّة النفسية تُحسِّن الإنتاجية، وتدفع نحو مزيد من الإبداع والابتكار.
للتعاون تأثير إيجابي في المجتمعات على نحو عامّ، ومن هذه الآثار ما يأتي:
التعاون ركيزة أساسية للمجتمعات المتماسكة التي تسودها علاقات قوية ومترابطة بعضها مع بعض؛ فالجميع يعمل لتحقيق أهداف وقِيَم مُشترَكة تصبّ في الصالح العامّ، ممّا يُعزِّز مشاعر الثقة والتفاهم بين الأفراد والمجموعات؛ فعلى سبيل المثال، عندما تتعاون مُنظَّمات التنمية المجتمعية مع المدارس المحلّية؛ بتقديم وُرَش عمل ودورات تدريبية مجّانية للطلّاب والمُعلِّمين، فإنَّها بذلك تُحسِّن جودة التعليم، وترفع مستوى الانسجام الاجتماعي بين الأفراد، وكنتيجة حتميَّة لذلك، يتقدَّم المجتمع ليصبح أكثر قوّة وتماسُكاً.
يُؤدّي التعاون إلى تحقيق المساواة والعدالة داخل المجتمعات حين تسعى المُنظَّمات والمُؤسَّسات إلى توحيد الجهود لإنشاء مُبادَرات وتحالُفات تضمن توزيع الموارد والحقوق على نحو عادل؛ فعلى سبيل المثال، يُسهم تعاون المُنظَّمات الإنسانية مع الحكومات المحلّية في وضع سياسات في تحقيق المساواة في المجتمع؛ كالمُساواة في الحصول على فُرص العمل، وتقديم الخدمات التعليمية المناسبة للجميع، ومن جهة أخرى، يُسهم التحالُف بين المُنظَّمات والمُؤسَّسات الحكومية في رفع قيمة المُساءلة المُتبادَلة؛ لمُحاسَبة أيّ تجاوزات أو مُمارَسات مُتحيِّزة أو مشبوهة تهدف إلى الإخلال بقيمة المساواة في المجتمع.
يزيد التعاون الإنتاجيةَ، والإبداعَ، والابتكارَ في المجتمعات، وبالتالي يسهم في حَلّ المشكلات المختلفة التي تُواجه المجتمع على نحو أفضل، ممّا يعني تحسين نوعية الحياة، ودَعم التنمية والازدهار؛ سواء من الناحية الاجتماعية، أو الاقتصادية؛ كتعاون المُؤسَّسات المُتخصِّصة في المجتمع لبناء مشروعات بنية تحتية تُقدِّم الفائدة للجميع، وتزيد الإنتاجية، مثل المدارس والمُستَشفَيات، إضافة إلى تعاون رُوّاد الأعمال لخلق فُرَص اقتصادية جديدة، مثل بدء مشروعات تجارية ناشئة تُوفِّر فُرص عمل جديدة للأفراد الموهوبين والمُبدِعين.
ختاماً، حَثّ الدين الإسلامي على التعاون في صوُره وأنماطه جميعها، شريطة أن يكون التعاون على الأعمال الصالحة؛ كمساعدة الفقراء والمحتاجين، والتعاون في تنظيف الأمكِنة والحدائق العامَّة، ومساعدة الوالِدَين في الأعمال الأُسَرية، وحَذَّر من التعاون على الأعمال غير الصالحة، مثل: سرقة أموال الناس، أو الاعتداء عليهم.
وكما قال المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيَّب الله ثراه": "لا يُمكن لأيِّ إنسان أن يعيشَ مُنعزلاً عن الآخرين؛ فكما أنّ الإنسان يحتاج إلى عائلته وأقاربه، فهو بالقدرِ ذاته في حاجة إلى التعاون والصداقة مع مناطق أخرى؛ قريبة كانت، أم بعيدة."
المراجع
[1] fastercapital.com, Benefits Of Cooperation In The Workplace
[2] forsmallhands.com, The Benefits of Cooperation - Ideas & Insights Articles
[3] educate-me.co, 10 Main Benefits of Collaborative Learning
[4] uk.indeed.com, The importance of teamwork: 10 benefits of working as a team
[5] classnotes.ng, Benefits of Cooperation