جار التحميل...
وغالباً ما يكون هناك تفاوت واضح في القوَّة بين الضحية والمُتنمِّر؛ إذ يسعى المُتنمِّر إلى إثبات ذاته وقدرته على السيطرة، بينما لا تكون الضحية قادرة على الدفاع عن نفسها بشكلٍ كافٍ، ونتيجة لذلك، تظهر عليها العديد من الأعراض، مثل: الشعور بالغضب المُستَمِرّ، وفقدان الثقة بالنفس، وانخفاض التحصيل الدراسي أو الأداء المهنيّ، والمَيل إلى العُزلة، وقضاء الكثير من الوقت على الإنترنت، بالإضافة إلى الأرق، والمُعاناة من مشكلات في النوم، وللتعرُّف أكثر إلى أنواع التنمُّر وأبرز الأمثلة على كل نوع تابع القراءة:
يُعرَّف التنمُّر الجسديّ بأنَّه استخدام العنف والقوة البدنية لإيذاء الآخرين وتخويفهم، وهو من أكثر أنواع التنمُّر وضوحاً؛ إذ تظهر آثاره بشكلٍ مُباشِر على الضحية، بما في ذلك الكدمات، والخدوش، والجروح، والكُسور، والصُّداع، وآلام المعدة، وغير ذلك.
ومن أبرز الأمثلة على التنمُّر الجسدي: الضَّرب، والرَّكل، والدَّفع، والبَصق، والعَضّ، والصَّفع، واللَّكم، إلى جانب الاعتداء بالحجارة، وبعض أنواع الأسلحة، والأدوات الحادَّة؛ كالسكِّين، بالإضافة إلى الاعتداء على المُمتَلَكات الشخصيَّة؛ بالسرقة، أو التخريب.
يُعرَّف التنمُّر اللفظي بأنَّه استخدام الكلمات المُسيئة والقاسية بهدف إحراج الضحية، وإهانتها، وإيذائها عاطفياً ومعنويّاً؛ بالشتائم، والألقاب المُهينة، والتهديد، والسُّخرية، وإطلاق النِّكات والتعليقات العُنصريَّة على المظهر الخارجيّ، أو اللون، أو الجنس، أو العِرق، بالإضافة إلى الصُّراخ، وتعمُّد المُقاطَعة أثناء الحديث، والمَنع من إبداء الرأي براحة.
وتجدر الإشارة إلى أنَّ من الصعب إثبات التنمُّر اللفظيّ بسهولة؛ لعدم ظهور آثار مادِّيَّة ملموسة له، بالإضافة إلى استخدام المُتَنمِّر العديد من الطُّرُق لتبدو أفعاله المُؤذِية مُبرَّرةً ولا تُعَدّ إلّا مزاحاً بين الأصدقاء.
يتمثَّل التنمُّر النفسي باستخدام سلوكاتٍ غير لفظية لإلحاق الأذى العاطفي بشخصٍ ما، والإضرار بصحَّته النفسية، وهو يتضمَّن بعض السلوكات، مثل: إذلال الضحيَّة، وإحباطها، وتهديدها، وفرض السيطرة عليها، والنظر إليها باحتقار واشمئزاز، ومعاملتها بانتقاصٍ وازدراء، والتلاعب النفسيّ بها؛ من خلال إشعارها بالذنب، وإلقاء اللوم عليها، والتقليل من قِيمَة مشاعرها.
ملاحظة: يعتقد البعض أنَّ التنمُّر اللفظي والتنمُّر النفسي يمثِّلان الأمر نفسه، إلّا أنَّهما في الحقيقة مختلفان؛ إذ يعتمد التنمُّر اللفظي على استخدام الكلمات والتعبيرات اللفظية بصورة أساسيَّة لإيذاء الضحية، بينما يعتمد التنمُّر النفسي على إيذاء الضحيَّة بطريقةٍ غير لفظيَّة.
يشمل التنمُّر الاجتماعي استخدام النفوذ والعلاقات الاجتماعية بهدف الإضرار بالضحية، وإضعاف مكانتها الاجتماعية، وإشعارها بعدم القبول والترحيب، ويشمل بعض السلوكات، مثل: تحريض الآخرين على عدم تكوين صداقات مع الضحية، ونشر الشائعات والأكاذيب لتشويه سمعتها، وتعمُّد إحراجها في الأماكن العامَّة، واستبعادها واستثنائها من الأنشطة الاجتماعية، وتجاهلها وعدم إبداء أيّ اهتمام بها.
ووفقاً لدراسة أجرتها المجلة المُتخصِّصة في علم النفس (Frontiers in Psychology) عام 2022م، على 552 طالباً جامعيّاً، وُجِد أنَّ الطلاب الذين تعرَّضوا للتنمُّر الاجتماعي كانوا أكثر مَيلاً من غيرهم إلى سلوكات المُخاطَرة وإدمان ألعاب الإنترنت؛ لرغبتهم في العُزلة عن الآخرين، وتجنُّب مشاعر الإحباط والحُزن، ومقاومة الأفكار الانتحارية.
تكون مُمارَسة التنمُّر الإلكتروني عن بُعد باستخدام الإنترنت والأجهزة الإلكترونية، ووسائل التواصل الاجتماعي، والرسائل النصِّية، والمُنتَديات، والتطبيقات المُتنوِّعة، وهو يتضمَّن نشر مُحتَوى مسيء قد يشمل الصور أو المعلومات الشخصية، أو انتحال الشخصية؛ بهدف إخافة الضحايا، وإحراجهم، وإهانتهم، وإثارة غضبهم، وإشعارهم بالخجل، إلى جانب نشر الشائعات أو الأكاذيب عنهم، واستبعادهم من مجموعات التواصل الاجتماعي.
يُعَدّ التنمُّر في المدارس تحديداً مشكلة اجتماعية عالَمِيَّة خطيرة تتطلَّب تضافر جهود الأطراف جميعها للتصدّي لها بفاعليَّة، فوفقاً لتقرير نشرته اليونيسف (UNICEF)؛ مُنظَّمة الأُمَم المُتَّحِدة للطفولة، في عام 2018م، فإنَّ واحداً على الأقلّ من كلّ ثلاثة طُلّاب ضمن الفئة العمرية (13-15) عاماً، يُعاني من ظاهرة التنمُّر في المدارس في مختلف أنحاء العالَم.
بناءً على ما سبق، وانطلاقاً من اهتمام دولة الإمارات العربية المُتَّحِدة بالصحَّة النفسيَّة والعقليَّة للطلبة، أصدرت وزارة التربية والتعليم الإماراتية بالشراكة مع المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، ودائرة التعليم والمعرفة في الدولة، واليونيسف لدُوَل الخليج العربية،
"دليل الوقاية من التنمر في المدارس"؛ للمُساهَمة في توجيه المُعلِّمين والمُتخصِّصين للتعامل بفعاليَّةٍ وحكمةٍ مع حالات التنمُّر بين الطلبة؛ من خلال استراتيجيّاتٍ شاملة، وخُطَط فَعّالة تهدف إلى تثقيف الطُّلّاب، وتعزيز المهارات الاجتماعية لديهم، ممّا يُسهِم في منع هذه الظاهرة.
كما أنّها أطلقت "دليل الوالدين للحماية من التنمر"، والذي يُوفِّر لأولياء الأمور التوضيحات اللازمة للتعرُّف إلى التنمُّر وأنواعه، ومعرفة ما إذا كان طفلهم يتعرَّض لأيٍّ منها أم لا، بالإضافة إلى مجموعة من الإرشادات لمُواجَهَته، والحَدّ من آثاره بفعاليَّة.
وختاماً، تُسهِم بعض الإجراءات في التعامل بشكلٍ صحيح مع التنمُّر، وتجنُّب آثاره النفسية والجسدية، مثل: تجنُّب الاشتباك المُباشِر والمُشاحَنات الكلامية مع المُتنمِّرين؛ سواء في الحياة الواقعية، أو على منصّات التواصل الاجتماعية، وعدم إظهار الضعف والخوف، بالإضافة إلى مُمارَسة النشاطات التي تزيد الشعور بالسعادة والرضا عن النفس، وتنمية المهارات والمواهب، إلى جانب عدم التردُّد في طلب المساعدة من أشخاصٍ وجهاتٍ موثوقة ورسميَّة.
ويجدر بالذِّكر أنَّ دور العائلة في مُكافَحة التنمُّر يكمن في توجيه الأبناء وتثقيفهم حول سلوكات التنمُّر وأنماطه المختلفة، وطُرق التعامل معها، بالإضافة إلى التحدُّث إليهم والتواصُل معهم باستمرار، والإصغاء إلى ما يُواجهونه من مشكلات في حياتهم اليومية؛ سواء في المدرسة، أو خارج البيت بصورة عامَّة، والتعرُّف إلى أصدقائهم الواقِعِيِّين، والإلكترونِيِّين أيضاً، إلى جانب متابعة المِنصّات والتطبيقات التي يستخدمونها.
[1] verywellmind.com, What Are the Different Types of Bullying?
[2] prevnet.ca, Types of Bullying
[3] u.ae, سلامة الأطفال
[4] verywellmind.com, How to Deal With Bullying
[5] preventingbullying.promoteprevent.org, What is bullying?