جار التحميل...
ولكن، قد يكون هذا الأمر طبيعياً؛ نتيجة التغيرات في النمو، والتي تجعلهم يعاندون ليكتشفوا ما يستطيعون فعله، وما لا يستطيعون، وقد يعود الأمر إلى أسباب أخرى، مثل: رغبتهم في الاستقلالية، أو تأثرهم بسلوكات آبائهم وأمهاتهم في المنزل، أو نتيجة الصراخ الدائم لتعديل السلوك، وأحياناً يكون العناد ردَّة فعل على مقارنتهم بغيرهم دائماً، أو حتى نتيجة الحزم الشديد في المنزل، أو لأنّ الطفل لا يعرف -بسبب سِنَّه- لماذا لا تسمح له أمه بفعل أمر ما بينما يستطيع أصدقاؤه فعله.
ولذا، فإنّ من الضروري فهم سبب سلوك الطفل؛ لمعالجة الأمر، واستشارة مُختَصّ لحلّ المشكلة إذا لزم الأمر، وبشكل عام، هناك مجموعة من النصائح التي يمكن أن تساعد الأم على التعامل مع عناد الطفل، ومنها ما هو مذكور في السطور أدناه.
لا بُدّ من التمييز أوّلاً بين الجدال وأسلوب الحوار البنّاء والسليم؛ فالجدال يتَّسم عادةً بالغضب، والصوت المرتفع، والتمسُّك بالرأي دون إعطاء أهمية لوجهة نظر الطرف الآخر أو حتى عدم سماعها، وتبادل الحديث وكأنّ الطرفَين في معركة يتبارزان أيّهما سينتصر، أمّا الحوار، فيتطلّب ردَّة فعل هادئة، وتبادلٍ لوجهات النظر بين الأم وطفلها، ومحاولات الإقناع بأسلوب مُحبَّب ولطيف يساعد على تهدئة الموقف ولا يزيده حِدّةً.
والجدال يجذب الطفل العنيد؛ إذ يمكنه دائماً أن يجادل دون ملل، لذا على الأم تجنُّب هذه الفكرة، واستخدام أسلوب الحوار ومحادثته والاستماع إليه، وحين يشعر أنّ والدته تستمع إليه سيرغب في الاستماع إليها أيضاً؛ فعلى سبيل المثال، يمكن سؤاله عن سبب عدم رغبته في الطعام، والاستماع إليه، وتفهّمه، وإبداء ردة فعل إيجابية، بدلاً من إطعامه بالقوة.
يُحبّ الطفل العنيد أن يكون مسؤولاً عن نفسه، وألّا يتلقّى الكثير من الأوامر، وإجباره على أمر ما قد يؤدّي إلى ردّة فعل عكسيَّة؛ فيتمرَّد على الأوامر، ومن الذكاء هنا اللجوء إلى أسلوب التخيير؛ فهذا يساعده على الشعور بأنّه مسيطر يستطيع اتخاذ قراره بنفسه، ممّا يؤدّي غالباً إلى تعاونه مع الأم، ويجدر هنا الانتباه إلى ألّا يتنافى ذلك مع وضع حدود وقواعد مُحدَّدة ينبغي الالتزام بها؛ فهناك أمور لا بدّ للأمّ من أن تكون حازمة فيها؛ كتلك التي تتعلق بسلامة الطفل، إذ لا مجال فيها للتخيير والنقاش.
ومن الأمثلة على الأمور التي يمكن استخدام أسلوب التخيير فيها ترك الحرية للطفل في اختيار الفاكهة التي يُحبّها لتكون وجبته الخفيفة بعد الغداء، ومن الجيّد فهم أنّ شعوره بأنّه صاحب القرار في بعض الأحيان سيؤدّي دوراً في التخفيف من عناده شيئاً فشيئاً.
من الضروري وضع قواعد وحدود واضحة لكلّ ما هو مقبول وغير مقبول، ومحاولة شرح سبب الالتزام بالقواعد وأهميتها، مع توضيح العقوبات عند خرق القواعد والقوانين، والتي على الأم أن تعاقبه بالفعل عند تجاوزه إيّاها، على أن تختار العقاب المناسب الذي لا يؤذيه جسديّاً ولا نفسيّاً، والابتعاد عن الضرب، أو الشَّتم، أو حبسه في غرفة مظلمة وحده، وفي المقابل عليها أن تشجّعه، وتُثني عليه، وتمنحه مكافآت بسيطة عند سلوكه سلوكاً جيّداً؛ لتعزيزه في شخصيته.
نصيحة: إنّ التزام الطفل العنيد بقواعد وقوانين المنزل يحتاج إلى الصبر، وقد يكسر التعليمات أحياناً؛ بسبب عناده، إلّا أنّه في النهاية سيتكيّف مع هذه القوانين.
يؤدّي الصراخ إلى جعل الساحة مُشتعِلة بين الأم وطفلها العنيد؛ لأنّها حين تصرخ توصل رسالة مفادها "هيّا نبدأ الصراخ وردّ الكلام"، لذا لا بُدّ من التصرف معه بحكمة وهدوء، وإيصال التوجيهات بطريقة مُقنِعة؛ بشرح السبب وراء وجوب التزامه بالأمر المطلوب، كما أنّ من المهم ألّا تُبدي الأم ردّات فعل عنيفة أمام صراخ الطفل أو بكاءه مثلاً حين يرفض القيام بشيء ما؛ إذ إنّها تُعَدّ من أسلحة الطفل العنيد لإرباك والدته؛ حتى تتركه يفعل ما يريده هو.
لا بُدّ أن تختار الأم معاركها مع طفلها، فليس كل شيء يستحقّ الوقوف عنده، فإن كان الموقف لا يستحقّ ذلك، فلا بأس من إرضائه وإشعاره بأنّه هو المُسيطر على الموقف، وبأنّ لديه القدرة على التحكُّم ببعض أمور حياته؛ إذ إنّ الطفل يتعلّم بالتجربة، ومن المهمّ أيضاً أن تحرص الأم على أنّ ابنها آمن، ولن يتعرّض للخطر، ولكن إذا أراد تجربة ارتداء ملابسه بنفسه، فلا بأس من تركه يُجرّب في إحدى المرّات، وإذا لم يكن يرغب في تغطية رأسه من المطر، فلا بأس بأن يشعر بالبرد حتّى يشعر في المرة المقبلة بأنّ تصرُّفه كان خاطئاً، وأنّ أمّه كانت مُحِقّة.
الطفل العنيد حَسّاس للأسلوب الذي يُخاطَب به؛ فحين يشعر بأنّ الأسلوب هجوميّ، أو أنّ الأوامر تُوجَّه إليه باستمرار، يمكن أن يكون ردّه عدوانياً ومتمرداً تعبيراً عن رفضه لهذه الطريقة؛ لذا لا بُدّ من التواصل معه بانتباه وذكاء، وفي هذا الصَّدد يمكن تجنُّب قول كلمة "لا" قدر الإمكان؛ فمثلاً بدلاً من قول "لا تركض"، يمكن قول "ما رأيك أن تمشي؟"، أو "دعنا نمشي معاً"، كما يمكن جعل الطلبات على هيئة تحدِّيات ومسابقات؛ فمثلاً حين ينتهي وقت اللعب، يمكن للأم أن تبدأ بوضع الألعاب في سلّة الألعاب، ثمّ تتحدّاه في مَن سينتهي أوّلاً من وضعها في السلّة.
ويجدر التنويه إلى أنّ استبدال الأمر بأسلوب المشاركة، أو قول كلمة "لا" بطريقة مختلفة، قد يكون فعّالاً أكثر في تخفيف أسلوب العناد عند الطفل.
بدلاً من الأمر القطعيّ الذي قد يجعل الطفل أكثر عناداً، يمكن أن تحاول الأمّ تعليم طفلها مهارة التفاوض وحلّ المشكلات في المواقف الصعبة، فمثلاً، عند احتدام الموقف بينها وبين طفلها، لا بأس في تركه يُفكّر مع نفسه قليلاً ليخرج بحلّ يُرضي كلا الطرفين، إذ يمكن أن تقول له: "سنكتفي بهذا القدر من الحديث، اذهب الآن وفكّر مع نفسك بهدوء، وبعد نصف ساعة سنتناقش مرة أخرى"، الأمر الذي يسهم في تطوير مهاراته في التعبير عن مشاعره، وإيجاد الحلول للمشكلات التي تواجهه، إلّا أنّ هذا لا يعني أبداً أن تستسلم لرغباته دائماً.
المراجع
[1] momjunction.com, How To Deal With A Stubborn Child?
[2] rileychildrens.org, How to Cope with a Stubborn Toddler
[3] parenting.firstcry.com, How to Deal with a Stubborn Child – Tips for Parents
[4] parents.com, 5 Tips for Parenting a Stubborn Child
[5] child-appeal.org, How to deal with a stubborn child: tips and advice