جار التحميل...
وقبل الشروع في الأسباب التي يمكن أن تدفع الزوج إلى إهمال زوجته، ينبغي ألّا ننسى وصيَّة الرسول الكريم -عليه الصلاة والسلام- وحثّه على إكرام النساء، والرِّفق بهنّ، وحُسن معاملتهنّ، وذلك يُشير إلى أنَّه لا بُدّ من التفكير في هذه الأسباب مَلِيّاً، ومُحاوَلة حَلِّها بتأنٍّ، وبطريقة إيجابية، لإعادة الاستقرار، والتفاهم، ومشاعر الحب بين الزوجين.
عند توجيه السؤال للزوج عن سبب إهماله لزوجته وعدم الاهتمام بها، يمكن أن تتلخَّص إجابته بواحد أو أكثر من الأسباب الآتية:
ربَّما يكون عدم التوافق بين الزوجين فكرياً من الأسباب الأكثر شيوعاً التي تقف خلف إهمال الزوج لزوجته؛ إذ يجد أنّ هناك فجوة كبيرة بينهما في الآراء والمُعتَقَدات، ولا يستطيعان التوصُّل إلى حلّ وسطيّ يُرضي الطرفَين، أو أنّ الاختلاف في الاهتمامات والهوايات بينهما كبير جدّاً، ممّا يُؤثِّر في العلاقة الزوجيَّة بشكل كبير، وقد يُؤدّي إلى توتُّرات وصراعات دائمة بين الزوجَين، ممّا يتسبَّب في مُواجهتِهما صعوبة في التفاهم والتعايش مع بعضهما بعضاً، الأمر الذي ينتج عنه الإهمال، وعدم الاهتمام.
من الممكن أن يكون إهمال الزوج لزوجته ردّ فعل وليس فعلاً من الأساس؛ بمعنى أنّ إهمال الزوج لزوجته وعدم اهتمامه بها قد يكون ردّاً على إهمال زوجته له؛ ولذا لا بُدّ من التفاهم للوصول إلى نقطة اتِّفاق، وبالتالي عودة المياه إلى مَجاريها، وإلّا سيظلّ الزوجان يدوران في حلقة مُفرغة لا نهاية لها.
قد لا تكون هناك مشكلة حقيقية مُتعلِّقة بالزوجة تدفع زوجها إلى عدم الاهتمام بها؛ فقد تكون المشكلة من الزوج نفسه؛ كأن يكون الزوج دائم الانشغال بالعمل، يبذل فيه وقته وجهده كلَّه لدرجة تؤثر في مسؤوليّاته تجاه زوجته وبيته، فيكون هَمّه الأكبر عندما يعود إلى المنزل أن يغطّ في نوم عميق، وهنا على الزَّوج أن يدرك أنَّ الموازنة بين الحياة العملية والحياة الشخصية أمر لا بُدَّ منه.
إذا كانت الزوجة تشكو من الإهمال العاطفيّ بالتحديد؛ فقد يكون ذلك نتيجة ضعف القدرة لدى الزوج على التعبير عن عواطفه ومشاعره، فلا تسعفه الكلمات ليُلبّي حاجتها من العاطفة والحبّ، وهذا بحدّ ذاته قد يسبِّب خللاً في العلاقة الزَّوجيَّة؛ فالنساء بطبيعتهنّ يَمِلْنَ إلى الاهتمام الشَّديد بالعاطفة، وينتظرن كلمات الحبّ في معظم المواقف والأحداث، وإذا ظهر أيُّ تقصير فيها، فإنَّها ستشعر حتماً أنَّ زوجها يُهمِلها ولا يهتمُّ بها.
إذا لاحظت الزوجة أنَّ هذه العلامات والإشارات تتصدَّر علاقتها مع زوجها، فعليها أن تأخذها على محمل الجدّ، وتحاول حلّها؛ لتفادي تطوُّر الأمور؛ فهي إشارة إلى عدم اهتمام زوجها بها:
التواصل الفعّال بين الزوجَين جسر يوصلهما إلى برّ الأمان؛ إذ لا بُدّ أن تشعر الزوجة بأنَّ زوجها يحاورها بلطف واهتمام، ويُعير حديثها الانتباه والتركيز، ويتجنَّب التشتُّت أو التحدُّث أثناء كلامها، وبأنَّها قادرة على التعبير عن مشاعرها واحتياجاتها بشكل صريحٍ وشفّافٍ دون خوفٍ، وخاصَّة حينما يسألها زوجها عن أحوالها واحتياجاتها، فيُخصِّصان وقتاً مُحدَّداً؛ يوميّاً، أو أسبوعيّاً، يجلسان فيه معاً، ويتحدَّثان بصراحة حول علاقتهما الزوجية.
وتجدر الإشارة هنا إلى أنَّ غياب الأمور التي ذُكرت سابقاً عن الحياة الزوجية، وانعدام الاتِّصال العاطفي بين الزوجَين، ووجود خلل في التواصُل بينهما، وتخييم الصمت على حياتهما يعني أنَّ العلاقة الزوجية ليست على ما يُرام.
ليس المقصود هنا الوقت الذي يقضيه الزوج في أداء أعماله ومهامّه الروتينيَّة، أو بعض الأوقات التي يستغلُّها للترفيه عن نفسه بين أصدقائه، وإنَّما قضاء جلّ وقته خارج المنزل، وتجنُّبه لزوجته تماماً، ورفضه المُستمِرّ للخروج معها مثلاً، أو ممارسة بعض الأنشطة معاً، والتحجُّج بالنوم والشعور بالتعب، فقط لتجنُّب قضاء الوقت مع زوجته.
الزوج الذي وصل إلى مرحلة إهمال الزوجة وعدم الاهتمام بها لن يكترث لمشاعرها وأفكارها، وقد يتعمّد تجاهلها، وغالباً لن يُلاحظ حزنها يوماً، أو أنّ هناك أمراً ما يشغل تفكيرها، وستكون اللامبالاة طاغية على ملامحه ومشاعره أيضاً عندما تتحدَّث، أو تطرح أمامه أفكاراً تجول في خاطرها، أو عندما تطلب رأيه في أمرٍ ما، كما لن يهمّه الحديث معها بشأن الحياة المُستقبَلِيَّة.
ويجدر التَّنويه إلى أنَّ الحالة الطبيعيّة هنا أن يشعر الزوج بزوجته، ويلاحظ تغيُّر تعابير وجهها أو نبرة صوتها، ويسأل عن حالها دائماً، ويتناقش معها في مختلف الأمور، أمّا ما كان عكس ذلك، فيعني وجود اضطراب حقيقيّ في العلاقة.
"أنتِ السبب"، أو "لا تعرفين كيف تتصرَّفين"، أو "لو كنتِ يَقِظةً لما حصل ذلك"، كلُّها عبارات إذا كان الزوج يردِّدها لزوجته باستمرار، ودائماً ما يضع اللوم عليها حتى في الأمور الخارجة عن إرادتها، فهذا يعني أنَّه لم يعد يهتمّ بها، وهو غالباً قد وصل إلى مرحلة الإهمال، إذ تجد الزوجة نفسها منهمكة في التبرير، ومحاولة إقناعه بأنَّ ما يقوله خاطئ، وأنَّها ليست كما يراها، لكنَّه لا يستمع، ويبقى مُصِرّاً على فكرته بأنَّها هي السبب.
من الإشارات والعلامات المُهِمَّة التي تكشف أنَّ الزوج لم يعدّ يهتمّ بزوجته، أو أنَّها لا تعني له شيئاً هي أن يُوجّه إليها كلمات تؤذي مشاعرها، أو تُقلِّل قيمتها، أو يتعمَّد إحراجها في المواقف المختلفة؛ سواء أمام الناس، أو وحدهما، أو يتحدَّث معها بنبرة غاضبة وبصورة مُتكرِّرة.
بعد التعرُّف إلى الأسباب والعلامات التي تضع حاجزاً بين الزوجَين، وتجعل الإهمال الملجأ الأول للزوج، يأتي دور التعرُّف إلى طرق تجاوز هذه الحالة بنجاح، وإعادة السعادة والاستقرار إلى الحياة الزوجية، ومن الطرق التي يمكن اللجوء إليها الاستشارات الزوجية، وانطلاقاً من أهمِّية بناء أسرة قويَّة ومُتماسِكة، وتوطيد العلاقة بين الزوجَين، ممّا يُسهم في استقرار المجتمع كُلِّه، وفَّرت حكومة الإمارات العربية المُتَّحِدة خدمة الاستشارات الزوجية عبر جهاتٍ ومِنصّاتٍ مُتعدِّدةٍ.
وفي هذا الصَّدد، أطلقت وزارة تنمية المجتمع مِنصَّة "بوابة الاستشارات الأسرية المُوحَّدة"، بدعم من سُمُوّ الشيخة فاطمة بنت مبارك، وبالتعاون مع الاتِّحاد النسائيّ العامّ، و10 جهات اتِّحادية ومَحلِّية، كما قدَّمت الوزارة الاستشارات الأسرية المجّانية للمواطنين والمُقيمين، ويمكن الاستفادة منها من خلال التواصل على الخطّ الساخن، أو الموقع الإلكترونيّ للوزارة، وطلب استشارة أسرية، أو مراكز سعادة المُتعاملين التابعة للوزارة.
أمّا وزارة العدل، فقد وفَّرت خدمة الاستشارات الأسرية التي يردّ عليها مُستَشار أسريّ افتراضيّ، ومن الجدير بالذِّكر أنّه يمكن الاستفادة من الخدمات التي تُقدِّمها المُؤسَّسات المُختلِفة ذات الاختصاص في الإمارات كلِّها؛ ففي إمارة الشارقة مثلاً، يمكن اللجوء إلى خدمة الاستشارات المُتعلِّقة بالخلافات الزوجية والأسرية عن طريق الهاتف، والتي أُطلِقت بالتعاون مع إدارة التوجيه الأسريّ للهيئة العامَّة للشؤون الإسلاميَّة والأوقاف.
المراجع
[1] u.ae, احصل على استشارات أسرية من الحكومة
[2] marriage.com, 21 Signs He Doesn’t Care About You or the Relationship
[3] ideapod.com, 14 signs of an uncaring husband (and what to do about it)
[4] hackspirit.com, 8 reasons your husband ignores you and 10 things you can do about it
[5] fitrahtawheed.com, Husband neglects wife