جار التحميل...
أُجرِيَت مراجعة علمية لمجموعة من الدراسات المختلفة على 295 مشاركاً، ونُشِرَت في معاهد الصحة الوطنية الأميركية (NIH) في عام 2022، وقد تبيَّن فيها أنَّ ممارسة الرياضة ساهمت في تحسين جودة النوم، والتقليل من شِدَّة الأرق، وفي دراسة أحدث للمصدر نفسه في عام 2023 وضَّحت أنّ الرياضة قد تساعد على النوم مدّة 15 دقيقة أطول عند ممارستها لمدّة 30 دقيقة يومياً، فما هي أبرز التمارين الرياضية التي قد تساعد على النوم؟
والتي يُطلَق عليها أيضاً اسم "تمارين الأيروبيك"، وما يميِّز هذه التمارين أنَّها تساعد في تطوير القدرة على استخدام الأكسجين في الجسم، وخاصَّة لأولئك الذين يعانون من انقطاع النَّفَس، أو صعوبة التنفُّس خلال النوم، ممّا يساعد على النوم بشكل أفضل.
وحتى تكون النتائج فعّالة، ينصح المُختَصّون بممارسة التمارين متوسِّطة الشِّدَّة لمدَّة تتراوح بين 20-30 دقيقة في معظم أيام الأسبوع، وخاصة في الصباح، أو بعد الظهر؛ حتى تُعزِّز نشاط الجسم، ويُقصَد هنا بالتمارين مُتوسِّطة الشدة تلك التي يمكن التحدُّث أثناء ممارستها دون انقطاع النَّفَس.
ومن أبرز الرياضات الهوائية التي يمكن تجربتها: الركض، والسباحة، وركوب الدرّاجات؛ فهذه الرياضات يمكن أن تزيد من مُعدَّل ضربات القلب، وتُعزِّز الشُّعور بالسعادة والراحة؛ نتيجة تحفيز بعض المواد الكيميائية في الدماغ.
تساعد ممارسة تمارين اليوغا لما يقارب 30 دقيقة على حرق نحو 150-200 سُعرة حرارية، وهذه ميزة إضافية إلى جانب ما يمكن أن تُقدِّمه فيما يتعلَّق بالقدرة على النوم، بالإضافة إلى تمارين التمدُّد، أو تمارين التنفُّس بشكل عام.
وتساعد تمارين اليوغا على تحسين النوم، والتخلُّص من الأرق؛ فهي تؤثر إيجاباً في دورة النوم، وتجعلها أكثر انتظاماً، إذ تسهم في تعزيز الشُّعور بالراحة والاسترخاء، خاصَّةً عند التنفُّس بلطف، وبالإضافة إلى ذلك، فإنّ هذه التمارين تجعل الذهن أكثر صفاءً، وتسهم في تخفيض ضغط الدم عند التنفُّس بعمق، وتخفيف توتُّر العضلات، وزيادة الاستعداد للنوم، وخاصَّة عند تجربة تمارين التمدُّد البسيطة قبل النوم.
وللاستفادة ممّا سبق، يمكن تجربة وضعيات اليوغا التي تساعد على التحكُّم بالتنفُّس وصفاء الذِّهن، مثل: الاستلقاء على الجانب، وضَمّ اليدَين والقدَمَين إلى الصَّدر بوضعية الطفل في رحم أمه، أو الاستلقاء ورفع الساقَين على الحائط، أو تجربة وضعيَّة الزاوية المُقيَّدة التي تُعرَف أيضاً بوضعيَّة الفراشة، وغيرها من الحركات.
يمكن للمشي أن يُعزِّز الشعور بالاسترخاء، كما أنّ تخصيص وقتٍ للمشي في الهواء الطلق بين أحضان الطبيعة يمكن أن يُحدث فرقاً في جودة النوم، والتخلُّص من الأرق، ومن المهم أن يكون المشي سريعاً، ولمدَّة نصف ساعة تقريباً في جولة مسائيَّة؛ سواء في حديقة قريبة، أو بين الأشجار، أو على الشاطئ، أو أي مكانٍ آخر؛ ذلك أنّ المشي يمكن أن يطلق مادة كيميائية تدعى "الإندروفين"؛ وهي مادَّة يُطلقها الدماغ تساعد على التخلُّص من الأرق، وتحسين جودة النوم.
وتُسمَّى أيضاً تمارين القوة، وتُعرَّف بأنَّها: تلك التمارين التي تؤدي إلى زيادة قوة العضلات وحجمها؛ من خلال تحفيزها على الانقباض بمقاومة أو قوة خارجية، وبالإضافة إلى دورها في بناء العضلات، فإنّه يمكن لهذه التمارين، مثل: تمارين البطن (sit-ups)، أو الضغط، أو القرفصاء، أو حتى رفع الأثقال، أن تُحسِّن من جودة النوم، وتُقلِّل من أعراض الأرق؛ إذ قد تسهم في إفراز هرمونات تؤدي دوراً في التمتُّع بنوم أفضل وأعمق، وتُقلِّل من أعراض القلق والاكتئاب التي تؤثر سلباً في النوم.
بعد الاطِّلاع على دراسات ومراجع مُتعدِّدة تَبيَّن بالفعل أنّ التمارين الرياضية يمكن أن تساعد على التخلُّص من الأرق، والنوم بشكل أسرع، إلّا أنّ الأمر الذي ما زال غير مُحدَّد هو الوقت الأفضل خلال اليوم لممارسة الرياضة والحصول على هذه الفائدة منها.
في حقيقة الأمر، كان للناس الذين يعانون من الأرق استجابات مختلفة للنوم حين مارسوا التمارين الرياضية؛ فبينما كان أحدهم يستطيع أن ينام إذا مارس تمارين المساء، فإنّ الآخر كان يعاني، وبينما حصل أحدهم على نوم هانئ نتيجة تمارين الصباح، كان غيره يدور في دَوّامة الأرق ذاتها، ومنهم من لم يستطع ملاحظة أيّ فرق في وقت التمارين؛ فهو ينام على أيّ حال حين يمارس الرياضة خلال يومه.
ونتيجة لما سبق، ينصح الخبراء بفكرة الاستماع إلى الجسد؛ أي التجربة لمعرفة ما يمكن أن يساعد على التخلُّص من الأرق، والحصول على نومٍ أفضل.
وتجدر الإشارة إلى أنّه يُنصَح -في المُتوسِّط- بممارسة ما يقارب 30 دقيقة يومياً من التمارين المُعتدِلة غير المُرهِقة؛ للحصول على نوم أفضل، وللمحافظة على استمرارية التمرين، لا بُدّ من اختيار تمارين رياضية مُفضَّلة؛ فحين يختار الشخص ما يحبُّه، فإنّه يستطيع أن يُثابر فيه أكثر ممّا لو كان مُرغَماً عليه.
إضافة إلى التمارين الرياضية، يمكن لتغيير روتين النوم أن يكون عاملاً فعّالاً في مكافحة الأرق، ومن أهمّ النصائح التي يمكن تطبيقها بهذا الشَّأن: الالتزام بوقت مُحدَّد للنوم والاستيقاظ؛ حتى تعتاد الساعة البيولوجية في الجسم على ذلك، وتجنُّب الحصول على قيلولة في النهار، بالإضافة إلى التخفيف من حِدَّة الضوء في الغرفة، أو وضع قناع النوم، وترك الأجهزة الإلكترونية؛ كالتلفاز، والهاتف، والجهاز اللوحيّ، قبل الذهاب إلى السرير؛ فهي من الأسباب الرئيسة للأرق.
وبخصوص الأمور التنظيمية، فإنّ من المهم محاولة إنهاء المهامّ اليومية قبل ساعتين من النوم؛ للحصول على وقت للهدوء والاسترخاء، وتجنُّب كلّ ما يمكن أن يُسبِّب الضوضاء في الغرفة، والمحافظة على الغرفة نظيفة ومُرتَّبة.
أمّا فيما يتعلَّق بالطعام والشراب، فإنّ تجنُّب تناول الطعام وشرب المشروبات التي تحتوي على الكافيين قبل ساعتين من النوم، وتعويضها بمشروبات مُهدِّئة، مثل: الحليب، وشاي البابونج، يمكن أن يُحقِّق نقلة نوعيَّة في طبيعة النوم.
[1] medicalnewstoday, What to know about exercise and insomnia
[2] sleepfoundation.org, Exercise and Insomnia
[3] webmd.com, Exercises for Better Sleep
[4] calm.com, Exercise for sleep: 8 best exercises to improve your sleep
[5] somnologymd.com, Exercise for Insomnia: 5 Exercises That Lead to a Good Night’s Sleep