جار التحميل...
يجب التأكيد على أنّ وجود بعض الصفات التي تميل إلى النرجسية عند الزوج لا تؤكد إصابته باضطراب النرجسية الذي يعد حالة مَرضية، فالمعالج النفسي هو الوحيد الذي يقرّر ذلك، لذا ما سيتم ذكره في السطور التالية قد يكون مؤشراً أولياً فقط.
شارك الدكتور "كريج مالكين" محاضر علم النفس في كلية الطب بجامعة هارفارد عبر موقع (CNBC) خمسة مؤشرات يمكن كشف نرجسية شريك الحياة من خلالها، وهي:
أن يبدأ الزواج بالكثير من الرومانسية والهدايا والمدح الجميل من الزوج هذا أمرٌ طبيعي، بل وصحي أيضاً، لكن من المهم الانتباه من بدايات الزوج النرجسي الذي سيفجّر قنبلة من الحب، فيضع شريكة حياته في مكانة عالية جداً، وسيقدّم لها الهدايا ويثني على كل ما تفعل بإفراط، فيشعرها بأنها محور الكون، دون أن يأخذ بعين الاعتبار مشاعرها واحتياجاتها الحقيقية.
سيحاول النرجسي أيضاً إخفاء جميع عيوبه، وخاصة في البدايات، فقد يظهر أمام شريكة حياته بملابس جديدة وبشعرٍ مصفّف بشكل شبه دائم، وكأنه يعيش في عالم مثالي غير واقعي.
قد تعتقد المرأة أنها وجدتِ فارس أحلامها، لكن قد يشعرها تصرف النرجسي بهذه المثالية بأنها ليست حرّة، وأنها تتصرف على غير طبيعتها محاولةً الوصول إلى الصورة المثالية التي وضعها فيها، كما سيجعلها تشعر بأنها لا تعرف شريك حياتها جيداً، حتى وإن طال الوقت على العلاقة بينهما.
غالباً ما تُظهِر سلوكيات النرجسي وتفاعله مع الآخرين تركيزه على احتياجاته الشخصية دون مراعاة لاحتياجات الطرف الآخر، وهذا ما يجعله يتجاهل أو يقدّم الأولوية لاحتياجاته على حساب العلاقة أو الشريك الآخر.
فالنرجسي غالباً لا يعترف بمشاعر شريكة حياته وخاصة مشاعر الضعف، ولا يستطيع التعامل معها؛ فإذا شعرت بالحزن، أو الوحدة، أو الخوف، أو حتى الخجل، فلن يستطيع أن يتقبّل هذه المشاعر، فهو بشكل غير مفهوم يراها جارحة ومسيئة له، ووفقاً لرأي المختصين، إنّ سبب عدم تفاعل النرجسي مع مشاعر غيره بشكل صحيح هو عدم ثقته بأنّ الآخرين قادرون على فهمه ودعمه في اللحظات الصعبة.
لذا، إذا حاولت الزوجة أن تعبّر له عن هذه المشاعر قد يلجأ لأسلوب الانسحاب؛ فيقاطعها أثناء الحديث، أو يقلّل التواصل معها، وقد تصل الأمور إلى اختفائه أو إنهاء العلاقة أحياناً، لينتهي الأمر بشعورها بالإحباط والحزن لعدم فهم ما حدث.
توصلت الدكتورة النفسية "رماني دورفاسولا" بعد علاجها لكثير من حالات النرجسية أنّ معظم الأشخاص الذين يعانون من النرجسية بشكل شديد في معظم الحالات يتقنون ما يُعرف بتقنية التلاعب بالعقول؛ وهو نوع من التلاعب النفسي يجعل النرجسي يتحكم بالآخر لتعويض عدم ثقته بنفسه، ليشعر بالأمان الزائف.
على الرغم من أنّ النرجسي يظهر عادةً بثقة شديدة بنفسه، إلا أنّ هذه الثقة غالباً ما تكون هشة لاعتماده على التأكيد الخارجي لقيمته وتفوقه بالمدح والثناء، وعندما لا يحصل على هذا التأكيد بشكل مستمر، فإنه يشعر بانعدام الأمان.
ولهذا غالباً ما يعبّر النرجسي عن احتياجاته ورغباته بإفراط في العلاقات، مع ميوله للسيطرة على الآخرين لتحقيق مصالحه الشخصية، كما يميل إلى التلاعب بالعواطف والأفكار للحصول على الاعتراف والثناء المستمر، حتى لو كانت هذه الإشادة لا تعود إلى واقع ملموس.
تقوم العلاقات الصحية على القبول والاحترام المتبادل للاختلافات بين الأطراف، وتفهّم الحاجات والرغبات الفردية، ولكنّ الشريك النرجسي غير قادر على قبول الاختلاف والتعامل معه بطريقة بناءة، ممّا يجعله يركّز فقط على التشابهات بينه وبين زوجته أو يدعي ذلك كوسيلة لتعزيز الصورة الذاتية لنفسه والشعور بالتميّز.
وعندما تظهر الزوجة اهتماماً أو هواية مختلفة، يمكن أن يشعر النرجسي بالتهديد؛ لأنه يعتقد أنّ هذا الاهتمام المختلف يمكن أن يؤثر على صورته المثالية أو تفوقه، وفي النهاية قد يؤدي هذا الى تجاهله لاهتمامات زوجته، ممّا يسبب تعقيدات في العلاقة ويجعلها غير مستقرة.
يميل الزوج النرجسي إلى السيطرة على العلاقة واتخاذ القرارات بشكل غير متوازن، وذلك بغرض تحقيق أهدافه الشخصية، وإشباع احتياجاته الذاتية دون الاهتمام برغبات شريكة حياته أو احترامها لها.
كما يمكن أن يمارس الزوج النرجسي التحكم بشكل غير مباشر، أو يتخذ قرارات حاسمة دون مشاركة الزوجة، وهذا التصرف غالباً ما يؤدي إلى صراعات داخل العلاقة وتدهورها؛ وذلك لشعور الزوجة بعدم الاحترام وفقدان القيمة.
الشخصية النرجسية هي حالة صحية نفسية تتطلب فهماً وتعاطفاً، وغالباً ما يكون الأشخاص المصابون بالشخصية النرجسية غير مدركين لتأثير سلوكهم على الطرف الآخر، وقد يكونوا وقد يكونون غير مدركين تمامًا لسلوكهم وتأثيره على العلاقات، ولكن، بالمقابل لا يجب أن يكون هذا مبرراً لتحمل سلوكياتهم المؤذية.
وعليه، يجب على الذين يتعاملون مع الشخصية النرجسية عموماً أن يكونوا على دراية بحقوقهم وحدودهم الشخصية، وأن يعبّروا عن مشاعرهم واحتياجاتهم بوضوح.
وفيما يلي ست طرق عملية قد تفيد جدًا في التعامل مع الزوج النرجسي تحديداً:
إنّ فهم اضطراب النرجسية والتعرف على أعراضه هو خطوة أساسية في حماية الذات والتعامل الصحي مع الشريك النرجسي، لذا من المهم أن تكون الزوجة قادرة على التعرف على السلوكيات الضارة التي قد تكون نتيجة لاضطراب النرجسية؛ مثل الغرور المفرط، وعدم الاهتمام بمشاعر الآخرين، والاستغلال العاطفي، فهذا سيساعدها في تطبيق استراتيجيات صحيحة للتعامل مع الشريك النرجسي.
بالإضافة إلى ذلك، ينبغي على الزوجة أن تحمي نفسها من الاعتقاد بأن سلوك زوجها النرجسي يعكس قيمتها الشخصية، وأن يكون لديها موقفاً صارماً تجاه السلوك الضار بها، دون السماح له بالتأثير السلبي على ثقتها بنفسها، فبهذا تحمي نفسها مع المحافظة على صحتها النفسية والعاطفية في علاقتها مع زوجها.
إنّ التزام الزوجة الصمت تجاه سلوكيات الزوج النرجسي الضارة للحفاظ على السلام في العلاقة قد يؤدي إلى نتائج عكسية، من تفاقم إساءة الزوج النرجسي، وزيادة سلوكياته المؤذية، وعليه يجب أن تتمكن الزوجة من التعبير عن مشاعرها واحتياجاتها بشكل صريح وواضح لزوجها النرجسي، فالوقوف أمامه والتعبير له الحاجات والمشاعر، والتمسك بالحقوق والقيم بقوة ضرورياً للحفاظ على صحتها العقلية والعاطفية.
إنّ وضع الحدود والتواصل بوضوح مع الزوج النرجسي من الأمور المهمة للوصول إلى علاقة صحية، فإذا كان الزوج النرجسي يظهر سلوكاً يقلل من احترام الزوجة أو يتجاوز حدوده معها، فإن وضع الزوجة للحدود والتعبير عنها بوضوح يمكن أن يُسهم في تصحيح سلوكه والحفاظ على العلاقة الزوجية.
إذ يساعد التواصل الصريح في تعريف الشخص النرجسي أنّ سلوكه غير مقبول، وأنه يجب عليه احترام الحدود، كما يجب أن تكون الزوجة مستعدة لاتخاذ إجراءات مناسبة إذا استمر سلوك زوجها النرجسي الضار؛ مثل الابتعاد أو قطع التواصل، وذلك لتأكيد أهمية احترام الحدود والمعايير الصحية في العلاقة.
غالباً ما تؤدي الاتهامات والانتقادات الموجهة بطريقة اتهامية ضد الشخص النرجسي إلى تفاقم المشكلة وزيادة التوتر في العلاقة، لذا بدلاً من ذلك، يمكن للزوجة أن تتحدث بصدق وبطريقة غير تصادمية مع زوجها النرجسي، وأن توضح له كيف يؤثر سلوكه عليها بشكل سلبي، فالتواصل الصحيح والمنطقي مع الشخص النرجسي يمكن أن يساعد في تحسين العلاقة وتخفيف التوتر والصراعات.
التركيز على المشاعر والتعبير عنها بصدق يمكن أن يفتح الباب للتفاهم والتغيير، بالإضافة إلى ذلك، بدء الحديث بجمل مادحة يمكن أن يساعد في تخفيف التوتر وإظهار الاحترام بين الشريكين، ممّا يجعل الشخص النرجسي أكثر قابلية للاستماع والتفاعل بشكل إيجابي.
استغلال حب النرجسي للمدح والثناء يمكن أن يكون طريقة فعّالة لتعزيز العلاقة، وتحفيزه على السلوك الإيجابي، فعند مدح النرجسي بطريقة صادقة وصحيحة، فهذا قد يشعره بالرضا والاستمتاع بالعلاقة بشكل أكبر.
أيضاً، قضاء الوقت مع الزوج النرجسي ومنحه الاهتمام قد يعزّز الارتباط ويجعله يشعر بالقبول والمحبة، إضافةً إلى أنّ إظهار الاهتمام باهتماماته ومشاركته في أنشطته المفضلة، سيدعم العلاقة ويجعل الزوج يشعر بالاعتراف والتقدير.
من المهم تشجيع الزوجة للزوج النرجسي على استشارة المختصين في حال الحاجة لذلك، وبطريقة تؤكد أنّ الهدف هو تحسين العلاقة وتعزيز الاتصال بينها وبين زوجها، فالحديث معه عن الفوائد المحتملة للعلاج بلغة إيجابية، وتوضيح كيف سيساعد ذلك في تطوير العلاقة يمكن أن يكون محفزاً للزوج النرجسي للموافقة على هذا الحلّ.
إنّ التعبير عن الحب وتقديم الدعم والتشجيع للزوج النرجسي قد يكون ضرورياً، لكن في النهاية، من المهم أن تكون النتائج واضحة وملموسة، بحيث يُظهر الشريك النرجسي جهداً حقيقياً للتغيير وتحسين العلاقة، وإذا لم يظهر ذلك، أو لم يكن هناك أي تحسن في العلاقة بعد الجهود المبذولة، هنا من الضروري إعادة التقييم ما إذا كانت العلاقة تستحق الاستمرار أم لا، مع أخذ الزوجة سلامتها الجسدية والنفسية بعين الاعتبار.
المراجع
[1] cnbc.com, Harvard psychologist shares 5 toxic things ‘highly narcissistic’ people always do in relationships
[2] foundationscounselingllc.com, 6 Signs Your Partner is a Narcissist
[3] psychcentral.com, How To Deal With Your Partner's Narcissistic Behaviors
[4] wikihow.com, How to Cope With a Narcissistic Husband
[5] healthline.com, 9 Tips for Dealing with Someone's Narcissistic Personality Traits