جار التحميل...

mosque
partly-cloudy
°C,
لمواجهة تحديات مرحلة المراهقة

أفضل أسلوب للتعامل مع الابن المراهق في العصر الحالي

17 يوليو 2024 / 3:29 PM
صورة بعنوان: أفضل أسلوب للتعامل مع الابن المراهق في العصر الحالي
download-img
قد يظنّ الوالدان للحظة أنّ موضوع التربية صار أسهل بوصول أولادهم إلى السنّ الذي تتفتح فيه عقولهم وشخصياتهم، إلا أنّ الأمر ليس بهذه السهولة المطلقة، فمرحلة المراهقة تحتاج ما تحتاجه المراحل الأخرى من الرعاية والاهتمام، ولكن بشكل خاص ومختلف، ففي هذه مرحلة على الآباء والأمهات أن يأخذوا التربية على محمل الجد، وأن يتعاملوا معها بحذر، خاصة في عصرنا الحالي، حيث عقول المراهقين وقلوبهم نوافذها كثيرة وتطل على أحداث العالم المختلفة.

يقول عالم النفس الأميركي كيفن ليمان:"كلما كان المراهقون أكبر سناً، كانت لديهم أفكارهم وآراؤهم الخاصة، وإن أخذت هذه الأفكار على محمل الجد، بدلاً من افتراض أن أفكارك هي الأفضل دائماً، فسوف تبدأ في تنمية علاقة تمتد إلى ما بعد سنوات التغييرات الهرمونية التي يعيشها هذا المراهق". 


فيما يلي مجموعة من الأساليب والطرق التي يمكن التعامل مع المراهق من خلالها لجعل علاقته بنفسه وبوالديه في أفضل أحوالها:

فهم عقلية المراهق 

بينما يعتقد الوالدان أنّ ابنهما صار مسؤولاً يقف على قدميه بثبات في هذه الحياة، وأنه يمكنه تحمل مسؤولية أخطائه ويعاملانه بقسوة على أي خطأ يخرج فيه عن القواعد على هذا الأساس، ربما تكون المعلومة التالية كابحاً جيداً لهذا الاندفاع في تربيته، حيث أكدت الأبحاث الطبية أنّ المنطقة المسؤولة عن اتخاذ القرارات في دماغه لا تكتمل إلا في منتصف العشرينات، وهذا يعني أنه ما زال في طور النمو، متذبذباً ومتردداً، ويريد الدعم دوماً؛ لأنه ليس واثقاً بقراراته من الداخل، أي أنه ما زال يحتاج والدَيه بشكل أساسي في حياته.


من المعلومات المهمة الأخرى المهمة أنّ المرحلة التي يعيشها المراهق تعني بالضرورة تعرضه للتغيرات الهرمونية في جسده باستمرار، وهو ما قد يجعله متقلب المزاج، ومضطرب المشاعر وليس في أحسن أحواله على الدوام، بل وخارجاً عن السيطرة في الكثير من الأحيان.


هذه المعلومات ليست دعوى للتساهل، لكنها دعوة لالتماس العذر وعدم رفع سقف التوقعات بنتائج واستجابات مباشرة لتوجيهات الوالدين، وردات فعلهما تجاه تصرفات ابنهما المراهق، وبالتأكيد هي دعوة صادقة لأن يكونا أذكى وأكثر رويّة في التعامل مع تقلبات وتصرفات ابنهما المتهورة أحياناً.

الهدوء وتجنب الانفعال السريع

سرعة الغضب والانفعال للمواقف والأساليب والتصرفات التي يقوم بها المراهق في المنزل قد تُفقد الوالدين القدرة على اتخاذ القرار الصائب للتعامل مع المشكلة، لأنّ المراهقين لديهم أساليبهم المستفزة، والتي قد تقوم على الاستقلالية والتحدي؛ مثل الرد على الكلام، أو الرفض وعصيان التعليمات، أو حتى عدم الاستماع من الأساس.


حتى يحصل الوالدان على أفضل نتيجة في تربية المراهق عليهما أخذ نفس عميق والعدّ للعشرة في كل موقف، وعند الشعور بالهدوء وضبط الانفعال يمكن اتخاذ القرار المناسب لهذا الموقف، وفي بعض الأحيان يمكن أن يتم التعامل مع المراهق ببرود، كأن يقول أحد الوالدين بهدوء أنّ "الأمر لا يستحق" أو "هذا غير صحيح" أو "هل يمكنك الشرح بهدوء ماذا تريد"، فهذه الطريقة ستوصل رسالة مفادها أنّ الأمر ليس تحدياً بيننا.

وضع حدود وقواعد واضحة 

الموضوع ليس معركة ولا حرباً يجب على أحد الطرفين فيها أن ينهزم أو يصاب بالأذى، ولا ممارسة الأمومة أو الأبوة بشكل سلبي، بل هي تربية وتوجيه، وللحصول على مسار واضح يجب وضع الحدود والقواعد الواضحة والمباشرة في المنزل، ثم معاقبة المراهق بطرق سليمة عند التجاوز، على أن تكون عملية وضع الحدود ثم الثواب والعقاب بأسلوب ذكي وعصري، كالآتي:

التحدث بشكل واضح 

في اجتماعات العائلة من المهم التحدث مع المراهق عن المبادئ والقيم والعادات التي تمثل الأسرة؛ والتي يجب الالتزام بها، وتلك الممنوع الاقتراب منها، أو كتابتها كدستور واتفاق بين أفراد العائلة كفكرة أكثر عصرية، ولكن يجب أن تكون القواعد منطقية بالنسبة للمراهق أيضاً، فليس من المعقول أن يطلب الأهل من ابنهم المراهق النوم في الساعة 8 مساءً، فكما يقول المثل:"إذا أردت أن تُطاع اطلب المُستطاع".

الاتفاق معه على العقوبات

كما يجب أن تكون القواعد واضحة، يجب أن تكون العقوبات واضحة أيضاً، بل جعلها مناسبة لعمره وعادلة تتوافق مع المخالفة التي ارتكبها، فمثلاً إذا كان يستخدم الهواتف الذكية أو وسائل التواصل الاجتماعي بدرجة تؤثر في أدائه الدراسي، يمكن فرض عقوبة حظر استخدام الأجهزة الإلكترونية لساعات معينة وليس على الإطلاق.


وتأكيداً على هذه الفكرة فإنّ عالمة النفس كاثرين رينولدز تشير إلى أهمية وضرورة استخدام أساليب الثناء والعقاب بالتناسق مع الأفعال الصادرة عن المراهقين، مما يعزز تطوير السلوكيات الإيجابية لديهم، وتقويم السلوكيات الخاطئة وبالتالي النجاح في حياتهم.


من هنا يمكن إيجاد قناة اتصال فعالة للوصول إلى النسخة الأفضل من ابنك المراهق.

منحه فرصة الحصول على ثقة والديه بعد العقاب

على سبيل المثال بعد تحميله نتيجة خطئه بأن يسهم في دفع مخالفة السرعة التي قام بها، أو أن يصالح أخاه بعد مشكلة بينهما، لا بد من جعل العلاقة تعود إلى مجاريها، وعدم تحميل الأمور أكثر من اللازم، (فالعقوبة جرى تنفيذها والموضوع انتهى)، والثقة بين المراهق ووالديه يجب أن تكون أولوية في هذه الحالة أو غيرها، فهي جزء مهم في التربية.

تجنُّب العقوبات الشديدة

لا داعي للعقوبات الشديدة أو الخارجة عن المألوف، أو التي تهين الابن المراهق من خلالها، فهي قد تكسر العلاقة بينه وبين أهله، بل ونظرته لهم أحياناً، وقد تسهم في تراجع شخصيته بدلاً من تقدمها للأفضل.

التجاوز حين يكون ذلك ممكناً 

في النهاية المراهق بشر، ويمكن أن يخطئ أخطاءً بسيطة يمكن للوالدين تجاوزها، فلا داعي للتدقيق والحزم الزائد عن الحد طوال الوقت، وجعل المراهق يشعر أن شخصيته مُنتهكة.


أحياناً كثيرة على الآباء والأمهات أن ينزلوا هم لمستوى أبنائهم، فلا بأس مثلاً من استخدام الفكاهة أحياناً، والتحدث بشكل لطيف عندما يكون الخطأ قابلاً للتجاوز، فهذا قد يساعد في تخفيف التوتر، وتعزيز الاتصال مع المراهق، مثلاً حين يغضب على أمر بسيط، بدلاً من قول "أنت غير مؤدب، لِمَ ترفع صوتك بهذه الطريقة"، يمكن القول بفكاهة:"يبدو أنك ترفع صوتك على أبيك أو أمك".


في دراسة نشرها المعهد الوطني للطب (NIH) في 2022، اتضح أنّ هناك علاقة وثيقة بين التربية الإيجابية ومدى النمو المعرفي والتطور العاطفي السليم لدى الأبناء، فكلما كان الوالدان متزنَين في التربية كان النضج العاطفي والعقلي للمراهق أفضل، وهو ما يجعله إنساناً أكثر اتزاناً في مواجهة تحديات الحياة ومشكلاتها.

جعل الحرية أمراً نسبياً 

إذا لاحظ لوالدان أنّ ابنهما المراهق يحاول أن يثبت أنه مسؤول، ويمكن الاعتماد عليه، فلا بأس من زيادة مساحة الحرية قليلاً، لجعله أكثر ثقة ومسؤولية تجاه تصرفاته وحياته، ولكن في حال كانت اختياراته غير صائبة كثيراً، فإنّ تقييد الحرية قليلاً سيكون مناسباً أكثر.


من المهم أن يفهم أنّ سلوكه هو ما يحدد مساحة حريته، وأنه في حال وجود أي خرق للقوانين سيكون هناك عقاب، ومع أهمية توضيح هذه النقطة، إلا أنّ عليه أن يكون متأكداً أنّ الثقة هي الغالبة في علاقته بوالديه بالرغم من كل شيء.


نصيحة: في حال كان يريد أمراً غير مقنع كثيراً أو غير منطقي بالنسبة لك، تجنب الدكتاتورية، وحاول فهم وجهة نظره، ثم إخباره وجهة نظرك، وجعله يثبت أنه مسؤول حتى تغير قرارك، فإذا طلب الذهاب إلى رحلة طويلة مع أصدقائه مثلًا، سيكون عليك أن تدرس الأمر معه ليثبت مدى مسؤوليته للسماح له بالذهاب وعدم قول لا بالمطلق.

التواصل الفعال والمثمر 

لأنّ المراهق يحتاج إلى من يدعمه ويثق به ويوجهه، فإنّ التواصل الفعال هو ما يمكن أن يُبقي الاتصال موجوداً بينه وبين والديه، وهو ما سيجعله يتقبل التوجيهات بصدر رحب، ومن أهم أساليب التواصل الفعال التي يمكن ممارستها مع المراهق ما يأتي:

الاستماع إليه وعدم إصدار أحكام عشوائية

فكرة أن تكون العلاقة ودية وأقرب إلى الصداقة هو أفضل ما يمكن تقديمه في الرحلة التربوية للمراهق، فهو يحتاج لمن يسمعه ويفهمه ليساعده في هذه الفترة، والأهم من كل هذا أنه يحتاج شخصاً لا يطلق عليه الأحكام، فهو  غير متأكد دائماً مما يريده أو يقوله، بل يفكر باستمرار في كل ما حوله، ووجود ثقة وصداقة بينه وبين والديه سيجعل فرصة تغيير تفكيره للأفضل وتوجيهه أكثر نجاحاً.


نصيحة: أخبر ابنك المراهق دائماً أنك هنا لتسمعه، ولا تحاول إفشاء أسراره، أو إهانته أو التقليل من أهمية رغباته وأفكاره، أو تذكيره بالخطأ.

تعزيز الود والمحبة بالأشياء المشتركة 

بالتأكيد سيكون هناك أنشطة مشتركة بين أفراد العائلة، والتي من المهم استخدامها لإيصال مشاعر الاهتمام والحب بالمراهق، فمن السيئ أن يكون كل فرد في العائلة في عالم مختلف، دون أن يكون هناك نشاط واحد على الأقل يجمعهم، وهنا سيكون من واجب الوالدَين خلق الوقت المشترك بينهما وبين ابنهما المراهق، واستغلال كل اللحظات لإيصال رسائل تربوية تعزز بعض المبادئ وتلغي بعضها.

اللطف والإحسان في الكلام

لا داعي للمحاضرات الطويلة والمملة عند التحدث مع المراهق، يكفي أن تكون الكلمات واضحة وبسيطة ومباشرة عند التحدث معه حتى يتقبلها، كما أنه ليس من الضرورة الاستمرار في رمقه بنظرات حادة وكأنه مراقب دائماً، فمع أنه من الجيد تعزيز التواصل البصري معه، لكن دون أن يكون الأمر كأنّ والدَيه يقتحمان عالمه، ويجعلانه يشعر بالتهديد.  


نصيحة أخيرة: مشوار التربية طويل وصعب، وفترة المراهقة من الفترات الحساسة في حياة الابن والوالدَين، لذا عليك التحلي بالصبر، ومحاولة البحث عن أفضل الأساليب التي تصنع الثقة بينكما، وتجعله يثق بك ويستمع إليك.

 

 

المراجع
[1] newportacademy.com, A Parent’s Guide to Raising a Teenage Son
[2] momjunction.com, Understanding Teenage Behavior Problems And Tips To Handle Them
[3] psychologytoday.com, 7 Keys to Handling Difficult Teenagers
[4] wikihow.com, How to Deal With Your Teenager (for parents)
[5] regain.us, 7 Tips For Dealing With Teenagers

July 17, 2024 / 3:29 PM

أخبار ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.