جار التحميل...
إذ يرتبط توبيخ الطفل أمام الآخرين بعيداً عن التوجيه والإرشاد بالعديد من الآثار السلبية على صحّته النفسية، وفيما يأتي أبرز النتائج المترتبة على استخدام هذا الأسلوب:
يعد الانتقاد العلني للطفل بغير ضرورة مُلحّة لا يمكن تأجيلها شكلاً من أشكال الإذلال، وكذلك، فإنّ التوبيخ أمام الآخرين قد يُشعر الطفل بالإحراج والإهانة، ويخلق لديه شعوراً بأنّ سمعته قد تضررت، وقد يحمل للطفل رسالة واحدة مفادها: "أنا شخص سيئ"، خاصةً إذا كان التوبيخ من والديه اللذين يعتبرهما أقرب الأشخاص له.
وقد تُولّد مشاعر الإحراج والإهانة لدى الطفل شعوراً بالرفض والنقص، وبأنّه شخص غير كفؤ، وقد يستمر بالبحث عن آراء الآخرين عنه، وفي بعض الحالات قد يتطوّر الأمر إلى الشعور بالتوتر والقلق أو الاكتئاب أحياناً، مما يؤثر في صحته النفسية.
عندما يبدأ الطفل بالنمو، يُكوّن انطباعاً عن والديه بأنهما الملاذ الآمن له بناءً على ما يُقدّمانه من حبّ ورعاية، ولتعزيز شعور الطفل بالأمان، على الوالدين التصرّف دائماً برحمة مع أخطائه، والرحمة هنا لا تعني قبول التصرّفات السيئة، بل تصحيحها بتفهّمٍ وصبر، مع الحفاظ على التوازن بين الحزم واللين.
تعد مسألة توبيخ الطفل أمام الآخرين سلوكاً يفتقر إلى العطف والرحمة، ويتعارض مع مسؤولية الوالدين في حمايته من العالم الخارجيّ، وعدم تعريضه للإساءة، لذا قد يتسبب مثل هذا السلوك في إضعاف الثقة بين الطفل ووالديه، مما يؤدّي إلى ضعف التواصل بينهما، وسوء الفهم، وقد يمتنع الطفل عن التعبير عن مشاعره وأفكاره ومخاوفه خوفاً من ردود فعلهما حيالها.
يمكن أن يؤدي توبيخ الطفل أمام الآخرين إلى رغبته في الانعزال عنهم، بسبب الخجل من نظرتهم إليه، أو خشية تكرار والديه ردّة الفعل المؤذية ذاتها عند تواصله مع الآخرين، أو عند الوقوع في خطأ ما دون قصد مثلاً، مما قد يجعله أكثر حذراً في تصرفاته وسلوكه، خاصةً عند التعامل مع الآخرين، مما قد يؤثر سلباً على علاقاته الاجتماعية.
ويجدر بالذكر، أنّ الشعور بالعزلة الاجتماعية عند الأطفال في سنّ مبكرة قد يؤثر في نموّهم وتطوّرهم، إذ يمكن أن يؤدي إلى تأخره في اكتساب المهارات المعرفية واللغوية، ويجعل الطفل الأكبر سناً أقلّ قدرة على التفاعل مع أقرانه، مما يسبب صعوبات في التعلّم أو التطور الاجتماعي والعاطفي.
وتشير دراسة أجرتها جمعية الصحة النفسية للأطفال والمراهقين في لندن "The association for child and adolescent mental health ACAMH" عام 2022، إلى أن العزلة الاجتماعية تؤثر سلباً في الصحّة النفسية للأطفال، إذ قد يُصبحون أكثر عرضة لخطر الإصابة بأعراض اضطراب نقص الانتباه، وفرط النشاط، والشعور بالوحدة، وقلة النشاط البدني.
عندما يكبر الطفل ويُصبح بالغاً، قد يبدأ بمعاملة نفسه بذات الطريقة التي عاملها به والديه، إلّا إذا كان واعياً بما يكفي لاتخاذ مسار مختلف، وبالتالي فإنّ الرسائل السلبية التي تلقاها في طفولته، وكان لها تأثير سلبي على نفسيته، قد تتكرّر لاحقاً في حياته، وقد تنتقل إلى الأجيال القادمة في حال نَقَلها لأبنائه عندما يصبح أباً أو أمّاً، وفي بعض الحالات، قد تُصبح تلك المواقف والمشاعر عائقاً أمام تمتّعه بحياة صحّية.
يُمكن أن يؤدي توبيخ الطفل أمام الآخرين إلى استهزائهم به لاحقاً، أو السخرية منه باعتباره ضعيفاً، كما أنّ الأطفال الذين يتعرّضون للإساءة العاطفية؛ كالتوبيخ العلنيّ، أو الإساءة المنزلية من قبل الوالدين، يكونون عادةً أكثر عُرضة للتنمّر أو الإساءة من الآخرين.
وأخيراً، قد تؤثر معظم النتائج المذكورة سابقاً في ثقة الطفل بنفسه، مما يؤدي إلى مشكلات عديدة في حياته، أبرزها؛ انخفاض احترام الذات، وتجنب خوض تجارب جديدة أو مهام أو تحديات خشية الفشل، واللجوء إلى الغش أو الكذب لتجنّب التعرّض للتوبيخ، لذا يجب على الوالدين حماية أطفالهم، وتقديم الدعم والأمان لهم، والتعامل معهم بطرق ملائمة وسليمة.
المراجع
[1] health.harvard.edu, Think hard before shaming children
[2] psychologytoday.com, Shaming Children Is Emotionally Abusive
[3] myreadables.com, 5 Things Parents Should Not Say to Their Child in Front of Others
[4] dandeliontraininganddevelopment.com, The impact of shame on child mental health
[5] integrishealth.org, How Parents Affect Their Child's Mental Health