جار التحميل...
يُعرف التنمُّر بأنَّه نوع من السلوكات العُدوانية وأشكال العنف المُتكرِّر ضدّ الآخرين؛ بهدف مضايقتهم، وإيذائهم جسدياً، أو نفسياً، عن قَصد؛ وجهاً لوجه، أو إلكترونياً، وعادة ما يصدر التنمُّر ممَّن هو أقوى جسدياً، أو اجتماعياً، على الطفل الأضعف في تلك النواحي؛ لإحراجه، أو إكراهه على أفعال مُعيَّنة.
ويُشار إلى أنّ التنمُّر أصبح ظاهرة مُنتشِرة بين الأطفال؛ إذ أظهر تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (UNESCO) في سنة 2023، أنّ 30% من الطلّاب حول العالم يتعرَّضون للتنمُّر.
وعموماً، يُؤثّر التنمُّر سلباً في الطفل المُتنمَّر عليه، والطفل المُتنمِّر نفسه، وفي مَن يُراقبهم عن بُعد، وقد تظهر هذه الآثار على المدى القصير، أو البعيد.
تظهر آثار التنمُّر في شخصية الطفل، وصحَّته النفسية والجسدية، وعلاقاته الاجتماعية، وتحصيله الأكاديمي، وهي كما يأتي:
يشعر الطفل الذي يتعرَّض للتنمُّر عادةً بعدم الأمان، والخوف من الآخرين، وقلَّة ثقته بهم، إلى جانب عدم الرغبة في التواصل وتكوين صداقات مع غيره من الأطفال؛ ممّا يُؤثِّر سلباً في تكوينه علاقات اجتماعية مُستقِرَّة مع الآخرين، وقد يتجنَّب أيضاً المشاركة في التجارب والنشاطات المدرسية والاجتماعية المختلفة؛ كي لا يتعرَّض للتنمُّر.
قد تظهر بعض التغيُّرات النفسية على الطفل المُتنمَّر عليه، مثل شُعوره بالقلق والتوتُّر؛ بسبب خوفه من التعرُّض للتنمُّر في أيّ وقت، وقد يتسبّب التنمُّر في حدوث تغيُّرات نفسيَّة أكثر سوءاً في بعض الحالات؛ كالشعور بالوحدة، والانعزال، وضعف الثقة بالنفس وتقدير الذات، إلى جانب الشعور بعدم الرضا عن النفس، وعن التصرُّفات، أو الشكل، وخاصَّةً عند التعرُّض المُستمِرّ للتنمُّر اللفظي، والإهانة، والانتقادات.
ويجدر التنويه إلى أنّ الطفل قد يُصدِّق العبارات السلبية التي يُطلقها المُتنمِّر عليه حتى لو كانت خارج نطاق تحكُّمه؛ كانتقاد شكله الخارجي؛ ممّا يُشعِره بأنَّه غير جيّد بما فيه الكفاية، وقد تظهر بعض التغيُّرات النفسية الأخطر في بعض الحالات المُتطوِّرة؛ كالإصابة بنوبات الهَلَع، أو الاكتئاب، أو اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD).
تتعدَّد المشكلات الصحِّية التي يُسبِّبها التنمُّر للطفل، وأكثرها وضوحاً الجروح والكدمات الناتجة عن العنف الجسدي، إلى جانب المشكلات الصحِّية المُرتبِطة باضطرابات الأكل، والتي قد تشمل ضعف الشهيَّة، أو عدم تناول الطعام؛ رغبةً في فقدان الوزن، أو الإفراط في تناوله أحياناً أخرى.
ويزيد التنمُّر احتمالية الإصابة باضطرابات النوم والأرق، وما يتبعه من تأثيرات صحِّية، وقد تظهر بعض الأعراض الجسدية الأخرى في بعض الأحيان؛ كالصداع، وأوجاع المعدة، دون وجود أسباب مَرَضيَّة لها، أو قد تكون من مظاهر الشعور بالضيق النفسي.
قد يؤدّي التعرُّض للتنمُّر في البيئة الأكاديمية تحديداً إلى زيادة التغيُّب عن المدرسة، وعدم المشاركة في النشاطات التعليمية المختلفة، وقلَّة التركيز على الدروس؛ ممّا يُسهِم في ضعف الأداء الأكاديمي، وقد يصل الأمر في بعض الحالات الأكثر سوءاً إلى الانسحاب من المدرسة وعدم التخرج، وهذا بدوره يُؤثِّر في مستقبل الطفل المهني، وقد يحدّ من فُرَص العمل والوظيفة أحياناً.
يلجأ الطفل الضحية إلى ممارسة التنمُّر على الآخرين في بعض الأحيان، بما يتضمَّنه من سلوكات سلبية، بوصفه ردّ فعل لما يتعرَّض له من تنمُّر؛ ولشعوره بالألم والغضب، والرغبة في الانتقام، أو لتحويل الانتباه إلى أشخاص آخرين يُمكن ممارسة التنمُّر عليهم بعيداً عنه، أو لتعزيز شعوره بالأمان وأنّه لا يتعرَّض وحده لهذا العنف.
يُسبِّب التنمُّر مشكلات عِدَّة لمُمارسِه أيضاً؛ فالمُتنمِّر يميل إلى المشاجرات اللفظية والجسدية التي قد تُعرِّضه للخطر، أو الطرد من المدرسة، وهو لا يشعر عادةً بالتعاطف والمسؤولية تجاه عائلته، وأصدقائه، وزملائه، والمُحيطين به، وقد يمتدّ أثر ممارسة التنمُّر إلى مستقبله أيضاً؛ فيكون أقلّ قدرةً على إنشاء علاقات أُسَرية واجتماعية مُستقِرَّة، وقد يكون أكثراً مَيلاً لممارس سلوكات غير قانونية.
يُسبِّب التنمُّر مشكلات عِدَّة للأطفال الذين شَهدوا حالات تنمُّر على الآخرين حتى وإن لم يتعرَّضوا له؛ فقد يميل هؤلاء الأطفال إلى ممارسة التنمُّر؛ لحماية أنفسهم منه، وقد تتشابه الآثار النفسية فيهم مع تلك التي تُؤثِّر في مَن يتعرَّض للتنمُّر مباشرة؛ كالشعور بالتوتُّر، والخوف، وعدم الأمان؛ ممّا قد يزيد رغبتهم في التغيُّب عن المدرسة أحياناً.
المراجع
[1] stopbullying.gov, Effects of Bullying
[2] mcleanhospital.org, The Mental Health Impact of Bullying on Kids and Teens
[3] familylives.org.uk, How bullying affects children
[4] mentalhealth.com, The Long Term Effects Of Bullying
[5] openriver.winona.edu, The Effects of Bullying on Identity