جار التحميل...
يحتاج الوالدان إلى بذل مجهود كبير في سبيل حماية أطفالهم من الأثر السلبي لأقرانهم، ولا يتحقَّق ذلك بالتعصُّب، أو عزلهم عن مُحيطهم، أو تعنيفهم، وإنَّما بمراقبة سلوكاتهم وعلاقاتهم بصورة غير مباشرة، وتقييمها، والاطِّلاع على أنشطتهم اليومية؛ سواء على أرض الواقع، أو على مواقع التواصل الاجتماعي.
ويُمكن للوالدين التعرُّف إلى أقران أبنائهم عن قُرب؛ بدعوتهم إلى المنزل مثلاً، وعند ملاحظة أيّ تأثير سلبي، فلا بُدّ من الحرص أكثر، وإبقاء الأبناء تحت ناظريهما، ومحاولة تصويب سلوكاتهم، وإبعادهم عن أصدقاء السوء.
يتعرَّض الأبناء لأحداث ومواقف مختلفة في حياتهم اليومية، وتتخلَّلها مشاعر وأفكار مُتنوِّعة قد يرغبون في إطلاع والديهم عليها، ويُمثِّل هذا احتياجاً أساسياً وضرورة لا ينبغي إهمالها؛ فالوالدان هما الملاذ الآمِن لأطفالهما، وتقع على عاتقيهما مسؤولية الاستماع لهم بصدر رحب، وتركهم يُعبِّرون عما في دواخلهم، مع إظهار الاهتمام لهم، وسؤالهم عن أحوالهم ومشاعرهم، وعلاقاتهم الاجتماعية، والتحدِّيات التي يواجهونها.
وعلى الوالدين أيضاً تجنُّب التذمُّر أو الشكوى والانزعاج من كلام أبنائهم حتى وإن كان سطحياً، أو يختلف مع وجهات نظرهما ومُعتقَداتهما؛ كي لا يشعروا بالغربة والوحدة.
يُنصَح دائماً بمُصاحبة الأهل لطفلهم، وتوعيته، وتقديم النُّصح له، في ما يتعلَّق بمخاطر السلوكات السلبية، مثل التنمُّر، على الآخرين، إلى جانب وضع قواعد سلوكية واضحة ومناسبة لعُمر الطفل، وتحديد الممنوعات التي قد تضرّ به، أو تجعله شخصاً غير مُهذَّب.
ولا بُدّ أيضاً من التنويع في أساليب تطبيق القواعد؛ كالترغيب، والترهيب، والمُكافأة، والعقاب، ولا بُدّ من الحرص على أن تكون القواعد معتدلة لا تُقيِّد الطفل كثيراً؛ فهو يحتاج إلى مساحة خاصَّة، وبعض الحُرِّية والاستقلالية المرهونة بضوابط أخلاقية؛ كأن ينتقي أقرانه طالما كانوا صالِحين ومُهذَّبين، ويُمارس هواياته دون قُيود طالما أنّها تتقيَّد بالأخلاقيات.
الثقة بالنفس، والشخصية القوية، من وسائل الدفاع المُهِمَّة التي تحمي الطفل من التأثير السلبيّ لأقرانه؛ إذ تساعده على رفض الرضوخ لأفكارهم تحت ذريعة الحاجة إلى القبول وكسب الودّ والرضا؛ فالطفل الواثق من نفسه لا يرى أنّ من واجبه السَّير مع التيّار إن كان عكس رغباته وتوجهاته، وخاصَّةً إذا أدرك أنّ نهايته ستكون التعثُّر والسقوط.
وهنا، يأتي دور الأبوَين في دعم شخصية الطفل، وجعلها مُتميِّزة ومختلفة عن الآخرين، وزيادة ثقته بنفسه، وتعزيز احترامه وتقديره لذاته، إلى جانب تعليمه كيف يتَّخِذ القرار الصحيح؛ تبعاً لقِيَمه ومبادئه، ويُفرِّق بحزم بين الخطأ الصواب، ويتحلّى بالمسؤولية التي تجعله يُدرك عواقب أفعاله وآثارها؛ فيمتنع عن السلوكات السلبية والخاطئة، إلى جانب تعليمه كيف يقول "لا" بكلّ وضوح وثقة لرفاق السوء، ويرفض الانقياد لهم.
يُساعد تعلُّم الطفل هوايات جديدة، وممارسة أنشطة هادفة، في إشغاله، وتشتيت تركيزه عن التأثير السلبي للأقران، وقد يزيد احترام الآخرين وتقديرهم له، ويُشجِّعه ويدعم شخصيَّته وثقته بنفسه، وللوالدَين دور مُهِمّ في تعزيزه، والاحتفال بإنجازاته حتى وإن كانت صغيرة، وتقديم مكافآت له؛ ممّا يحثُّه على التغيير الإيجابي والتصرُّف الحَسَن باستمرار.
تُمثِّل الأخلاق الحَسَنة والقِيَم النبيلة التي تُغرَس في الطفل منذ الصغر حماية مَتينة تقيه من عثرات الرفقة السيِّئة؛ كالأمانة، والصدق، والاحترام، والعدل، والرحمة، وتعليم الطفل مفهوم التقوى والخوف من الله -عزَّ وجلّ- يردعه عن ارتكاب الأفعال السيِّئة، والانحراف عن الطريق الصحيح، ولا ننسى ضرورة الدعاء للأبناء بالهداية، وتوجيههم بالحُسنى، والحرص على جمعهم بالرِّفاق الطيِّبين، والقدوات الصالحة.
لا يمتلك بعض الأطفال المهارات الاجتماعية اللازمة للبحث عن رفاق آخَرين صالحين وبناء علاقات جديدة معهم بدلاً من الرفاق السلبيِّين؛ لذا، ينبغي تعليم الطفل كيفية إنشاء حِوارات مع باقي الأقران دون خجل أو خوف، ويُمكن اصطحابه إلى أماكن يتواجد فيها أقران آخرون، ومحاولة دمجه بهم؛ حتى يطغى تأثيرهم الإيجابي على تأثير الأقران السابقين، ويكتسب منهم خِصال حَسَنة، وعادات جيِّدة.
وختاماً، قد لا تنجح الطُّرق المُوصى بها جميعها مع الأطفال كافَّة؛ فلكلّ طفل طريقة تفكير، وشخصية مختلفة، وما يُناسبه قد لا يناسب غيره؛ لذا، لا بُدّ من المحاولة، وتجربة أكثر من طريقة، ويُمكن أيضاً استشارة أخصّائي نفسي، أو مُرشِد تربوي؛ للحصول على المزيد من المُقترَحات والنصائح التي تُعزِّز صِحَّة الطفل النفسية، وتجعله مُرتاحاً وسعيداً في علاقاته مع أقرانه.
المراجع
[1] verywellhealth.com, How Peer Pressure Affects All Ages
[2] parentry.com, How to Deal with Bad Influence Friends and Protect Your Child
[3] venture academy.ca, How Do I Protect my Child From Bad Influence
[4] wellspringprevention.org, Helping Kids Combat Peer Pressure
[5] parents.com, How Peer Pressure Influences Your Child