جار التحميل...
أظهرت دراسة نُشِرت في مركز التنمية العالمية بلندن (CGD) عام 2024، عن تأثير العنف المدرسي في الأطفال، أنّ العنف المدرسي بأشكاله كافَّة؛ بما فيها العقوبات البدنية، والتنمُّر، من شأنه الإضرار سلباً بنتائج التعلُّم عند الطفل، وأنّ العقوبة البدنية تحديداً ترتبط بانخفاض النتائج الأكاديمية، لا سِيَّما في الموادّ التعليمية الأساسية، مثل: القراءة، والكتابة، والحساب.
ونتائج التعلُّم السيِّئة عند الطالب قد تدفع المُعلِّمين والزملاء إلى ممارسة المزيد من العُنف البدني، أو النفسي، أو كليهما، ضِدَّه، إلى جانب أنّ العنف قد يتسبَّب في جعل الطلبة المُعرَّضين له أكثر عُرضة للتغيُّب عن المدرسة؛ ممّا يُؤثِّر سلباً في نتائج التعلُّم لديهم أيضاً.
قد يتسبَّب التأثير السلبي للعنف في زعزعة العلاقات الاجتماعية عند الأطفال، وعدم استقرارها، وضعف مهارات التواصل غالباً؛ نتيجة قِلَّة ثقتهم بالآخرين، وشعورهم بالخوف وعدم الأمان، إلى جانب ضعف تعاطفهم مع الآخرين أو انعدامه في بعض الأحيان، وما يتضمَّنه ذلك من مشكلات اجتماعية كثيرة، الآن ومستقبلاً؛ نتيجة شُعور الطرف الآخر بأنّ مشاعره أو احتياجاته غير مفهومة، ولا مُقدَّرة.
قد يلجأ الطفل المُعرَّض للعنف إلى استخدام العنف أيضاً في مواجهة الأطفال الآخرين؛ لأسباب عِدَّة، منها: مبدأ المُعامَلة بالمِثل، أو الاعتقاد بأنّ هذه الوسيلة هي الوحيدة التي تضمن له الشُّعور بالأمان، على الرغم من أنّ شُعور الأمان الذي يُمكنه الحصول عليه قد يكون مُؤقَّتاً؛ إذ سرعان ما يشعر بمشاعر الخوف من الانتقام الذي قد ينتج عنه أيضاً المزيد من العُنف؛ لحماية النفس من الخَطَر المُحتمَل.
وقد يرتكب الطفل العُنف ضِدّ الآخرين؛ رغبةً في الشعور بالقوَّة، والهيمَنة، والسيطرة، ويشمل ذلك ممارسة العنف ضِدّ أقرانه في الوقت الحاضر، أو حتّى ضِدّ شريكه مستقبلاً.
تعرُّض الأطفال للعنف البدني قد تنتج عنه بعض الإصابات الجسدية، مثل: الجروح، والخدوش، واللكمات، والكسور، ويُمكن أن تكون الإصابات أكثر خطراً في بعض الحالات لتشمل الإعاقات الجسدية المُؤقَّتة، أو الدائمة أحياناً.
وقد يتسبَّب التعرُّض المستمِرّ للعنف الشديد في إحداث تغييرات في بنية دماغ الأطفال، وتطوُّرهم الوظيفي؛ نتيجة تعرُّضهم للإجهاد الشديد لفترات طويلة الأمد؛ فمثلاً، يُمكن أن يتسبَّب التعرُّض المُتكرِّر للتنمُّر في خفض مستويات هرمون الكورتيزول المسؤول عن إدارة التوتُّر والإجهاد؛ ممّا يجعل الطفل أقلّ قدرة على إدارة الضغوط لاحقاً.
ووفقاً لما أشارت إليه دراسة نُشِرت في المجلة الإيطالية لطبّ الأطفال عام 2019، فإنّ الاضطرابات النفسية وما يرتبط بها من سلوكات وعادات غير صِحِّية، قد تُنتِج بعض المشكلات الجسدية، مثل السُّمنة وزيادة الوزن، وما ينتج عنها من احتمالية الإصابة بأمراض السكّري، وأمراض القلب في بعض الحالات الخطيرة والمُتطوِّرة.
قد يتسبَّب العنف المُرتبِط بالمدرسة في الشُّعور بالرفض، والتوتُّر، والقلق، وعدم التركيز، وحدوث اضطرابات في النوم أحياناً، وقد تحدث بعض التغييرات النفسية الأكثر سوءاً في بعض الحالات المُتطوِّرة، مثل: الشُّعور بالوحدة والانعزال، أو ضعف احترام الذات، وقلَّة الثقة بالنفس، وقد تصل الحالات الخَطِرة إلى إصابة بعضهم بالاكتئاب، أو اضطرابات ما بعد الصدمة، وقد ترتبط جميعها بخطر الانخراط في سلوكات ضارَّة أحياناً؛ كالتدخين، خصوصاً عند الأطفال في المدارس المُتوسِّطة، والثانوية.
ختاماً، يجب أن تتضافر جهود مختلف فئات المجتمع وأطرافه؛ من الأسرة، والمدرسة، وقوانين الدولة؛ لردع هذه الظاهرة، والحد من تأثيراتها السلبية على أجيال المستقبل؛ لينعم المجتمع بجيل واعٍ، قادر على النمو في بيئة تعليمية آمنة ومحفزه لقدراته، بحيث يصب كامل تركيزه على دراسته وتحقيق أهدافه.
المراجع
[1] Italian Journal of Pediatrics (2019), Physical, psychological and social impact of school violence on children
[2] verywellmind.com, How to Identify and Prevent School Violence
[3] center for global development (2024), Violence in Schools: Prevalence,
Impact, and Interventions
[4] pta.org, Checklist to Help Prevent Violence in Schools
[5] caseiq.com, Ending School Violence: 8 Steps to Improved Safety